زيت الزيتون إلى أزمة جديدة!
عبير حداد عبير حداد

زيت الزيتون إلى أزمة جديدة!

وافق رئيس مجلس الوزراء يوم 11 آب الجاري، على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة الإيقاف المؤقت لتصدير مادة زيت الزيتون بشكلها الدوكمة أو المعبأة بعبوات تزيد عن سعة 5 ليتر لغاية 31 كانون الأول.

والهدف الرسمي المعلن من ذلك حسب القرار، ضبط الأسعار وإعادة التوازن السعري للمادة في السوق المحلية!

القرار بين الواقع وجاهزية التصدير؟!

كما وضح وزير الزراعة، أن قرار وقف تصدير زيت الزيتون بشكله الدوكمة، الهدف منه الحد من ارتفاع الأسعار في السوق المحلية، بالإضافة إلى الحفاظ على الأسواق الخارجية التي يتم تصدير زيت الزيتون إليها، موضحاً أن تصدير زيت الزيتون على شكل عبوات 5 ليتر وما دون سيساعد في الحفاظ على اسم المنتج السوري، حيث سيتم وضع كرت يحمل المواصفات الإنتاجية لزيت الزيتون السوري، مما سيحمي المنتج من تلاعب البلدان التي يتم تصدير الزيت إليها، والتي تقوم بإعادة تعبئته ووضع اسم تجاري يحمل اسم تلك البلدان.
أما عن أسعار الزيت في الأسواق المحلية، فقد علق الوزير: أن هذا القرار سيحد من ارتفاع أسعار الزيت محلياً، فهو يتعلق بالعرض والطلب، مشيراً أن سعر الـ 20 لتراً يتراوح بين 175 ولـ 200 ألف ليرة سورية، وهذا لا يتوافق مع دخل المواطن الشهري.

لمصلحة البعض

قد يكون صحيحاً أن القرار من حيث المبدأ يحمي اسم المنتج السوري، والهدف منه ضبط أسعار السوق المحلية، ولكن السؤال الأهم اليوم: هل تتوفر الإمكانية من حيث «البنية والتجهيزات وخطوط الإنتاج والتعبئة» التي تسمح بتصدير الزيت على شكل عبوات 5 لتر وما دون؟
من المؤكد، أن القرار صدر دون دراسة جدوى إمكانية تحقيق التصدير وفق الشكل المطلوب «العبوات التي تحمل المواصفات المنتج السوري»، وكان أولى تخفيض الكميات المصدرة تدريجياً حتى بلوغ الجاهزية المطلوبة للتصدير بالشكل المطلوب الذي يحمي اسم المنتج السوري، ويخفف من الأعباء التي ستترتب على المزارع المنتج.
أو أن القرار بشكله الحالي قد ينطبق من حيث النتيجة على مصدرين بعينهم، يمتلكون إمكانية تنفيذ شروط التعبئة دون سواهم، أي: تركيز عملية التصدير بأيدي البعض فقط لا غير، وربما لا غرابة في ذلك، فمن المعروف أن هناك محظيين تصدر القرارات لمصلحتهم، إن لم يكونوا هم خلف بعض القرارات بشكل مباشر!

المزارع بين فكي كماشة
والمواطن مُستَغل

من الواضح أن المتضرر المباشر من القرار أعلاه هو المزارع المنتج، فناهيك عن الصعوبات التي تواجه ذلك المزارع وتقف عائقاً في وجهه دون تحقيق الناتج المرجو من الموسم السنوي للزيتون، والأسباب عديدة، منها: الطبيعية، كالآفات الزراعية التي تصيب أشجار الزيتون نتيجة صعوبة تأمين المستلزمات من أدوية ومبيدات، والحرائق التي تنشب ضمن الأراضي الزراعية، ولأشجار الزيتون نصيب منها، خصوصاً في المناطق الساحلية، بالإضافة إلى ظاهرة المعاومة وارتفاع درجات الحرارة في فترات حرجة «الإزهار والعقد» مما ينعكس سلباً على نسبة الثمار العاقدة والإنتاج، طبعاً ولا ننسى رفع الدعم الأخير عن الأسمدة الزراعية، واحتكارها لدى البعض من التجار، مما رفع أسعارها حتى أصبح تأمينها ثقيلاً على جيب المزارع، بالإضافة لارتفاع تكاليف اليد العاملة بالقطاف، وتكاليف نقل المحصول إلى معصرة الزيتون.
ووفقاً لتقديرات مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة «يتوقع أن تكون كمية إنتاج الزيت حوالي 103 آلاف طن، أي سينخفض الإنتاج 24% عن الموسم السابق، علماً أن مردود الزيت يمكن أن ينخفض في حال استمرت درجات الحرارة بالارتفاع عن معدلاتها الطبيعية».
كل ذلك يتحمل المزارع تكاليفه وأعباءه، ومن خلال هذا القرار سيمارس على هذا المزارع ضغط جديد يؤدي به إلى خسارة فوق خسارة، فالاحتكار سيمارس اليوم من قبل تجار الأزمة، وسيتم سحب كميات كبيرة من الزيت سواء من المزارع أو من الأسواق، وضمن أسعار من المؤكد تحكمية، والحجة موجودة «قرار وقف التصدير»، أما خلف الستار فعملية التصدير لن تتوقف، والتهريب سيبقى قائماً، وخير مثال على عدم ضبط عمليات التهريب «تهريب الخضار والفواكه»، فعدم ضبط العملية عبر الرقابة العالية، وما سيسببه القرار من احتكار للمادة، سينعكس على واقع الأسعار في السوق المحلية وبشكل سلبي على جيب المواطن المستهلك، ولن تتحقق الغاية الحكومية المرجوة، بل ستأخذ الأسعار المحلية بالارتفاع أكثر، خصوصاً مع انخفاض الموسم الحالي بنسبة 24 % عما سبقه وفقاً للتقديرات الأولية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1031
آخر تعديل على الإثنين, 16 آب/أغسطس 2021 23:35