أخبار ووقائع موجعة ومؤلمة
من المعلوم أنه لأية حكومة دور كبير وأساسي في إدارة المجتمع، وعلى مستوى تلبية المتطلبات الحياتية، المعيشية والخدمية، للمواطنين، وتأمين احتياجاتهم للبقاء على قيد الحياة بالحد الأدنى!
وبالفعل، فقد عملت حكوماتنا أقصى جهدها، ولكن ليس لتقديم يد العون لمواطنيها، بل للتضييق عليهم أكثر مما كان عليه الوضع قبل سني الحرب والأزمة، عن طريق إصدار قرارات تطفيشية- تُصعب على المواطن التأقلم والعيش معها، وخاصة خلال الأشهر القليلة الماضية!
فقد تلقى المواطن خلال الأشهر السبعة الماضية مجموعة أخبار قهرية ووقائع مؤلمة زادت من صعوبة الحياة عليه، والموجع بالموضوع أنها كانت متتالية بحيث لم تتح له المجال لأخذ النفس فيما بينها!
تخفيض الدعم وتدني المستوى المعيشي
من ضمن سلسلة الوقائع المتعلقة بارتفاع الأسعار وانعكاسها على تدني المستوى المعيشي للمواطن- دون أي تفكير حكومي بالذي سيحل بالمواطن المعدوم والمفقر- هي تلك الارتفاعات التي طالت أسعار الخبز والمواد التموينية المقننة والمشتقات النفطية بشكل عام.
وقد ترافق مع هذا الارتفاع تخفيض الدعم عن هذه المواد، فمنذ بداية العام الجاري ما يزال المواطن يشهد ارتفاعاً متسارعاً بأسعار المحروقات «البنزين- المازوت- الغاز المنزلي» وتخفيض الدعم عنها، وقد جاء مؤخراً بتاريخ 15 تموز تخفيضاً وإذلالاً للدعم بالنسبة للمواد المدعومة، أو إن صح القول: للمواد منخفضة الدعم!
وطبعاً، الخبر الصاعق للمواطنين ككل وللموظف ذي الدخل المحدود جداً- هو ما يتبع زيادات أسعار المحروقات من ارتفاع على أجور النقل، والتي تعتبر من الأمور المتعبة جداً، والتي أنهكت بدورها ما بقي في الجيب «إن بقي»، وما تبعها من الركض والمشاجرة تحت أشعة الشمس اللاهبة من أجل الحصول على مقعد في المواصلات بعد أن أصبح الحصول على مكان في أية وسيلة نقل من الأمور التي ترتبط بالحظ الرائع، مع عدم نسيان ما يتبع رفع سعر المحروقات من سلاسل رفع على مجمل الأسعار، وتأثيرها السلبي المباشر على الإنتاج والعملية الإنتاجية.
الرهان على صحة المواطن
أما بالنسبة للأخبار التي تنهك صحة المواطن اليوم أكثر من قبل، فهي أخبار ارتفاع أسعار الأدوية، فقد شهد المواطن ارتفاعاً ملحوظاً بأسعار الأدوية محلية الصنع، ولعدة مرات منذ مطلع العام وحتى الآن، وقد فاق هذا الارتفاع نسبة 100% وأكثر من ذلك لبعض الأصناف، حيث بلغ الارتفاع أكثر من 1000%، وخاصة للأدوية المستوردة أو المهربة، مع استمرار الحديث عن ارتفاع قادم على أسعار الأدوية، وهنا نرى المراهنة على صحة شعب كامل من أجل الحفاظ على المكاسب المادية- الربحية، على حساب صحة وعافية المواطن طبعاً.
القطاع الزراعي ومنتجاته
بتاريخ 3 حزيران، استيقظ المواطن، والفلاح خصوصاً، على خبر موجع وهو «الحكومة تحرر أسعار الأسمدة وترفعها بنسبة 365%»، أي حوالي ثلاثة أضعاف ونصف، إضافةً إلى أنها قد ألغت دعم الأسمدة تماماً، وقد كان هذا الرفع السعري هو الثاني خلال العام، فالأول كان في شهر آذار بنسبة تقارب 100% مقارنة عما كان عليه.
فمثلاً، سعر الطن الواحد من سماد السوبر فوسفات أصبح بمليون و112 ألف ليرة، بعد أن كان بـ 304,8 آلاف ليرة.
وبالتزامن مع ارتفاع أسعار الأسمدة بالإضافة إلى زيادة أسعار الأدوية والمستلزمات الزراعية، فقد صُدم المواطن وكالعادة «حقيقةً ما زال ينصدم» بالموجات الجديدة التي شهدتها أسعار الخضروات والمنتجات الزراعية.
وبهذا فإن القطاع الزراعي اليوم في سورية يعاني من صعوبات وعقبات كبيرة تنعكس سلباً على الفلاح أولاً، والمواطن ثانياً.
ومع بداية الشهر الجاري، ارتفعت أسعار الأعلاف في سورية، حيث بلغ سعر الشعير «الأسود» 1400 ليرة سورية، والنخالة 700 ليرة سورية، إضافةً لذلك ارتفاع أعلاف الدجاج. وبالتالي سترافق هذا الارتفاع موجة ارتفاع موجعة وشاملة للمواشي واللحوم والحليب ومشتقاته.. إلخ.
بتاريخ 3 الشهر الجاري، شهدت أسعار الحليب ومشتقاته استمراراً في الارتفاع وحتى يومنا هذا، حيث بلغ سعر كيلو الحليب تقريباً نحو ما يقارب 1500 ليرة سوري. وبالتالي سيتبعه ارتفاع بأسعار مشتقاته من «أجبان وألبان». حيث سجل سعر كيلو اللبن نحو 1750 ليرة تقريباً، وقد ارتفع كذلك سعر كيلو اللبنة ليسجل سعراً قد تراوح ما بين 6000 حتى 6500 ليرة سورية. كما وقد تراوح سعر كيلو الجبنة الشلل بين 12 و13 ألف ليرة سورية، أما الجبن الحلوم فقد تراوح كذلك ما بين 15 و16 ألف ليرة سورية... إلخ. مع التنويه إلى أن أسعار الحليب ومشتقاته تتفاوت من منطقة إلى منطقة ومن سوق إلى آخر، ولذلك فليست هنالك أسعار ثابتة في جميع المناطق.
أما بالنسبة لخبر ارتفاع القطن، فبتاريخ 16 آذار قرر مجلس إدارة المؤسسة العامة للصناعات النسيجية رفع أسعار الغزول القطنية المسرحة والممشطة والتوربينية المنتجة لدى شركات المؤسسة، والمباعة للقطاعين العام والخاص، بعد آخر رفع للأسعار الحاصل بتاريخ 19 كانون الثاني، والتي تراوح ارتفاع الأسعار حينها بين 1170 والـ 1960 ليرة سورية للكيلو الواحد. أما الارتفاع الأخير الذي شهدته الغزول القطنية فقد تراوح بين الـ 1500 والـ 3500 ليرة سورية للكيلو الواحد.
وبهذا فقد تلقى القطاع النسيجي ضربة جديدة موجعة، كما شهدت أسواق الألبسة ارتفاعاً موجعاً في الأسعار أيضاً.
مواد البناء
بتاريخ 10 حزيران، شهد سعر طن الحديد ارتفاعاً كبيراً، حيث بدأ سعر الطن من 2,4 مليوني ليرة سورية لـ 3 ملايين ليرة سورية. وعدا عن ذلك، فمن المعروف أن أسعار الحديد تختلف باختلاف المحافظة وباختلاف التجار، حيث يقوم بعض التجار بتسعير الحديد بأسعار احتكارية مرتفعة بغرض الربح الجشع.
وتحت عنوان كبير «زيادة كبيرة وغير متوقعة لسعر طن الإسمنت لدى القطاع الخاص»، بتاريخ 18 حزيران رفعت الحكومة أسعار الإسمنت «الأسود» المنتج في القطاع الخاص، وذلك بعد نحو عشرين يوماً على رفع أسعار المادة المنتجة في مؤسسات القطاع العام. وقد أصبح طن الإسمنت البورتلاندي 175 ألف ليرة سورية متضمناً رسم الإنفاق الاستهلاكي، بعد أن كان 135 ألف ليرة، مع الأخذ بعين الاعتبار الفارق السعري في السوق بين السعر الرسمي والاحتكاري.
وطبعاً، رافق ذلك ارتفاع أسعار كل مواد البناء والاكساء، وبالتالي ارتفاع تكلفة عمليات الترميم، وأسعار العقارات وبدلات إيجاراتها، وصولاً إلى أرقام فلكية.
أخبار أكثر وجعاً والماً
الخبر الأكثر وجعاً وقهراً، كان بتاريخ 15 الشهر الحالي، فسورية تتصدر قائمة الدول الأشد فقراً في العالم على حساب عشرات الدول الإفريقية، وفقاً لما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن مواقع متخصصة!
وكالعادة، ليست لدينا حلول وسط، إما في القمة «أشد فقراً- نزوحاً- موتاً... إلخ»، أو ليس لدينا ترتيب عالمي بالقضايا الإيجابية!
أما بالنسبة للأخبار المحزنة، فهي الأخبار المرتبطة بالحالة النفسية للمواطن وتبعاتها، فقد بتنا نسمع بالآونة الأخيرة أخباراً كثيرةً بهذا الصدد عن زيادة حالات الانتحار ضمن الفئة الشبابية، وزيادة الأزمات القلبية وحالات الوفاة لهذه الفئة العمرية خصوصاً، ولم لا مع حال انسداد الأفق أمام هذه الفئة، وما ينجم عنها من إحباط واكتئاب ويأس و.. وما يمكن أن يتفرع عنها من أوجه استغلال تشجع على السلوكيات الشاذة والغريبة مجتمعياً، مثل: زيادة حالات التسول والخطف والسرقة والدعارة والمخدرات والجريمة عموماً.
لمصلحة حفنة من الناهبين
كثيرة هي الوقائع المؤلمة والموجعة التي يتلقاها المواطنون يومياً، وتنعكس على حياتهم مزيداً من البؤس والحرمان وانسداد الأفق، وهذه الوقائع ليست جديدة، بل هي قديمة متجددة مما قبل سنوات الحرب والأزمة، كنتيجة مباشرة لمجمل السياسات الليبرالية المعمول بها، والتي تستمر بالحفر للمواطن، عن طريق القرارات المنهكة له، لتبقيه في القاع دون الأمل بالخروج منه أبداً، بمقابل الحفاظ على مصلحة حفنة من كبار الناهبين والفاسدين وأمراء الحرب والأزمة!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1027