ملائكة الرحمة.. حقوق مهدورة!
سوسن عجيب سوسن عجيب

ملائكة الرحمة.. حقوق مهدورة!

يعاني العاملون في قطاع التمريض من الكثير من الصعوبات والمشاكل، كما يواجهون يومياً الكثير من المخاطر بحكم طبيعة عملهم، والكثير من حقوقهم مهدورة، وهم يبحثون عمّن ينصفهم.

إحدى أبرز المشاكل التي يركز عليها العاملون في قطاع التمريض (عام وخاص) هي: عدم تفعيل تنظيمهم النقابي، المتمثل بنقابة التمريض التي صدر مرسوم إحداثها منذ عام 2012، وبالتالي، غياب المظلة التي يفترض أن تقوم بصيانة حقوقهم والمطالبة بها، فجلّ ما هو موجود هو مجلس مؤقت، يغلب على عمله الطابع الشكلي، مع عدم إغفال مطالبته كذلك بتفعيل عمل النقابة!

قطاع منسي ومُجحف بحقه

أظهرت جائحة كورونا مؤخراً، أهمية القطاع الصحي مجدداً، والتركيز على ما يعتريه من مشاكل وصعوبات، فقد تبين أن المنظومة الصحية مترهلة، وتعاني من الكثير من النواقص والمثالب على كافة المستويات، ولم يكن قطاع التمريض، كجزء من المنظومة الصحية، بمعزل عن الترهل والنواقص، بل لعله كان الأكثر تغييباً عن المشهد بهذا الصدد، على الرغم من أهميته كون العاملين فيه هم الأكثر تماساً، وبشكل مباشر مع المرضى، وكذلك مع بقية العاملين في هذا القطاع، من أطباء ومخبريين وإداريين، والأكثر التصاقاً واحتكاكاً مع الأمراض والآفات بمختلف تنوعها ودرجات خطورتها، ومع ذلك ما زال العاملون في هذا القطاع يعتبرون من المنسيين والمجحف بحقهم، سواء كانوا عاملين في المشافي والمستوصفات الحكومية، أو في مشافي ومستوصفات ومراكز الاستشفاء في القطاع الخاص.

أوجه الإجحاف

بداية، لا بد من الحديث عن الأجور المتدنية التي يتقاضاها العاملون في قطاع التمريض، فإذا كان العاملون في القطاع الحكومي محكومين بسياسة الأجور الظالمة والمجحفة عموماً، وفقاً لسلم الأجور المتدني المعتمد رسمياً، وغير الكافي لسد الرمق لمدة أيام محدودة من الشهر فقط، فإن العاملين في القطاع الخاص من هؤلاء لا يقل الإجحاف تجاههم، فالأجور السائدة في القطاع الخاص لا تتجاوز 150 ألف ليرة شهرياً في أحسن الأحوال.
المشكلة التي لا تقل أهمية على مستوى الحقوق المالية، هي التعويضات والمكافآت وطبيعة العمل والحوافز، وغيرها من الحقوق المالية المهضومة للعاملين في هذا القطاع.
ولا تنفع هنا المقارنة، أو الاكتفاء بما صدر خلال الفترة الماضية من إقرار ببعض الحقوق لجزء من العاملين في هذا القطاع، أو المنظومة الصحية ككل، مثل: الأطباء والمعالجون وفنيو المعالجة وأطباء التخدير والطوارئ والشرعيين، في القطاع الحكومي بما يخص بعض التعويضات، فهذه الحقوق يجب صيانتها وزيادتها وتعميم الاستفادة منها على كافة العاملين في القطاع الصحي، بما في ذلك العاملين في قطاع التمريض المنسيين والمغيبة حقوقهم، مع التأكيد على ضمان حقوق العاملين في القطاع الخاص من كل هؤلاء، حيث لا مظلة تحمي حقوقهم المهدورة، بما في ذلك عند توقفهم عن العمل لأي سبب، فلا ضمانات، ولا تعويضات ولا معاش شيخوخة ولا من يحزنون، بل ولا تأمين صحي يعتمدون عليه في حال إصابتهم بأي مرض، على الرغم من تعرضهم المستمر ومواجهتهم الدائمة للأمراض والميكروبات والفيروسات والأشعة والمواد الكيميائية و..!
النقطة التي لا تقل أهمية عن كل ما سبق، هي ما يعانيه العاملون في قطاع التمريض على مستوى الضغط النفسي، فبالإضافة إلى الجهد الذي يبذلونه بحسب مهامهم، هناك ضغوطات نفسية شديدة يتعرضون لها بحكم طبيعة عملهم، التي تفرض عليهم مشاهدة آلام المرضى ومعايشتها، كما تفرض عليهم أن يحتووها، مع الكثير من الضبط والتحكم لإبراز مشاعر الود والتعاطف، تمثلاً لمهمتهم الإنسانية، ناهيك عن ظروف العمل الليلي، مع تواصل الليل والنهار في بعض الأحيان بحكم الضرورة، وما يخلفه ذلك من ضغوط إضافية، نفسية وعصبية.

متاهة وزارية

الحقوق أعلاه ضاعت وتاهت بين وزارات (الصحة والتعليم العالي والمالية والشؤون الاجتماعية والعمل) كل بحسب اختصاصه ومهامه، والحكومة ككل من خلف كل هذه الوزارات طبعاً.
فمنذ سنوات والعاملون في قطاع التمريض يرفعون شكواهم بغاية إنصافهم والوصول لحقوقهم، بالإضافة لضرورة تفعيل تنظيمهم النقابي بغاية حصولهم على مظلة تدافع عنهم، وعن مصالحهم وحقوقهم عند الضرورة، لكن لم تثمر تلك الشكاوى عن شيء حتى الآن!
فمن سينصف هذا القطاع، وهل سترى نقابتهم النور؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1026