الأزمات القلبية تحصد الشباب والسياسات هي الجانية!
عمار سليم عمار سليم

الأزمات القلبية تحصد الشباب والسياسات هي الجانية!

الحديث عن حالات الوفاة المفاجئة في شريحة الشباب موضوع بالغ الأهمية، لأن الشباب هم المعول عليهم في البناء والإنتاج، ولكن ما جرى ويجري من تحطيم لآمالهم وطموحاتهم وطاقاتهم كفيل بأن يقضي عليهم ليس نفسياً فقط، بل وجسدياً أيضاً، ولسان الحال يقول: انتقلنا من مرحلة الموت البطيء إلى الموت السريع.

نتوقف عند خبر ورد في مقال في صحيفة البعث الرسمية في الرابع من شهر تموز، مفاده: ازدياد نسبة الشباب المصابين من نقص تروية قلبية، أو احتشاء عضلة قلبية، أو كما تعرف بالمفهوم الشائع الذبحة الصدرية. الدكتور حسام خضر مدير مشفى جراحة القلب الجامعي في دمشق في حديثه لـ«البعث» تحدث عن أمرين تمّت ملاحظتهما، الأول: ازدياد بالمعدل. والثاني: انخفاض في الأعمار التي تحدث عندها الإصابة، والتي كانت تتراوح سابقاً بين الخمسين والستين، لتنخفض اليوم إلى الثلاثين، إضافة إلى ما بتنا نشهده من ارتفاع في حالات الموت المفاجئ، وخاصة بين الشباب. مضيفاً: إننا وعلى الرغم من افتقارنا للدراسات التي توضح أسباب هذا الارتفاع، إلّا أن هناك معطيات يجب أخذها بعين الاعتبار يأتي في مقدمتها التوتر النفسي، ونوعية الحياة نتيجة الظروف المعيشية القاسية، مشيراً إلى ما قد يسبّبه التوتر النفسي ليس فقط بتحويلنا إلى أشخاص عصبين، بل ازدياد غير طبيعي لإفراز هرمونات تؤثر بشكلٍ كبيرٍ على القلب والأوعية الدموية، إضافة إلى أسباب رئيسية أخرى، كالوراثة والتدخين والسكري ....، وصولاً إلى نوعية التغذية، خاصةً ونحن في ظروف تغذية سيئة جداً، ومع استخدام الهرمونات «للدواجن والحيوانات والخضار والفواكه»، ما يؤثر سلباً على الشرايين والأوعية والقلب.

أسباب كثيرة مصدرها واحد

رغم كل الأسباب المذكورة في الحديث أعلاه عن أسباب الإصابة باحتشاء العضلة القلبية عند الشباب لا بد من الخروج من الحالة الفيزيولوجية إلى الحالة السيكولوجية لدى شريحة الشباب في سورية، لأن العامل النفسي هو المسبب الرئيسي للأزمات الصحية، فصحة الأبدان مرهونة بالصحة النفسية.

فما هو الوضع النفسي للشاب السوري في ظل هذه الأزمة؟

لك أن تنظر إلى أي مواطن يقضي مقدار ثلاثة أيام من كل شهر وهو يقف منتظراً على طابور المخابز كي يحصل على خبزه اليومي، إذاً هو يفقد من عمره شهراً وستة أيام في الطوابير، ثم يجدها تباع بعشرة أضعافها في السوق السوداء على حساب عمره! ويخسر ما يخسره بانتظار السرافيس والباصات والطوابير الأخرى، وما أكثرها!
يعمل هذا الشاب ساعات طوال لا تغطي عشر حاجاته وحاجات أسرته يقضي ساعاته المتبقية من اليوم في الظلام، وفي حال كان أعزباً، فمجرد التفكير بالزواج سوف يفتح له بوابات جهنم بالنفقات المترتبة عليه، أما أن يمتلك منزلاً فهذا ضرب من الخيال بالنسبة له، لأنه يحتاج إلى توفير راتب 100 عام حتى يحصل على عقار متواضع، هذا إن لم يكن عاطلاً عن العمل، قضى عمره في الدراسة والبحث ثم وجد نفسه مهمشاً جالساً في البيت ينتظر الفرصة، وما أبعدها إن كان غير ذي وساطة.
فالشباب قد فقدوا جهدهم ووقتهم وعمرهم وطموحهم وسلبوا حتى التفكير بمستقبلهم وخيم عليهم اليأس والفقر والبؤس، كيف سينعكس كل هذا على حالتهم الصحية؟

الغذاء جريمة أخرى

أكثر من ثلثي الشباب السوري غير آمنين غذائياً ولا يستطيعون الحصول على ثلاث وجبات متكاملة، أجبانهم وسمنهم عبارة عن زيوت مهدرجة ضارة بالشرايين، وكل غذاء صحي متمثل باللحوم والخضار والفواكه قد حرموا منه جراء السياسات الاقتصادية الناهبة للقوت والحياة، إلى أن وصل التقنين إلى شربة الماء التي تروي الظمأ، وهذا الفاقد الغذائي من شانه أن يدع الجسد ضعيفاً عرضة للآفات والأمراض، ويجعل صحة القلب في مهب الريح، لا ننفي دور التدخين والتلوث في هذا المجال، ولكن لهول ما يتعرض له الشباب من حياة ضاغطة وصعبة تجعل الأسباب الأخرى كالتدخين والتلوث ثانوية أمامها.
كل ما ذكرناه أعلاه، يؤدي إلى «قصف عمر الشباب» باحتشاء عضلة القلب أو بغيرها من الأمراض التي يعود سببها إلى الضغط النفسي وصعوبات المعيشة التي لا يمكن للإنسان التأقلم معها.
خلاصة القول: إن كل ما نراه من كوارث وأمراض وآخرها ازياد نسبة إصابة الشباب باحتشاء عضلة القلب، هو حصيلة تراكمات من صناعة السياسات الليبرالية المتبعة التي تحصد أرواح الناس بعد حصد أموالهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1026