داريا.. المدينة المظلومة من كل الجهات المعنية!
كثيرة هي أوجه المعاناة التي يكابدها أهالي داريا، من العائدين إليها بعد طول انتظار، من كهرباء وماء ونظافة وصرف صحي ومواصلات، وغيرها من احتياجات لتلبية متطلبات الاستقرار بحدودها الدنيا.
بالمقابل، يبدو أن البلدية كأنها لا حول لها ولا قوة، فمعاناة المواطنين في ازدياد بدلاً من أن تنخفض، فعند مراجعتها من أجل حل بعض المشكلات تتنصل من مسؤولياتها المباشرة حيالها وتُجيّرها إلى الجهات المعنية (شركة الكهرباء- مؤسسة المياه..)، أما على مستوى ما يعنيها مباشرة من خدمات مثل: ترحيل الانقاض والردميات والقمامة و.. و فدورها محدود وخجول.
فالأنقاض لم يتم ترحيلها بشكل كامل من جميع الشوارع والحارات حتى الآن، والأتربة المنتشرة تملأ البيوت بشكل دائم بالنتيجة، والمعاناة من عدم ترحيل القمامة بشكل دوري هي معاناة إضافية مع ما تحمله من مخاطر انتشار الحشرات والقوارض والكلاب والحيوانات الشاردة، وبالتالي الأمراض والأوبئة.
50% نسبة الإشغال في المباني السليمة تقريباً
بحسب بعض الأهالي فقد عاد جزء لا بأس من الأهالي الى أبنيتهم (الصالحة للسكن طبعاً) في المدينة خلال الفترة السابقة، وذلك بعد طول معاناة من التشرد ومن بدلات الإيجار المرهقة، أما المباني المدمرة (كلياً أو جزئياً) وغير الصالحة للسكن فمن الصعوبة أن يعود إليها أصحابها في الوقت الراهن، وبالحد الأدنى فإن ذلك يحتاج إلى الكثير من التكاليف والنفقات التي لا يستطيع تحملها الكثير من هؤلاء، وخاصة الغالبية من المفقرين، ناهيك عن الصعوبات الإضافية التي تعترض هؤلاء.
وبحسب الأهالي، إن نسبة الإشغال في الأبنية الصالحة للسكن نوعاً ما في المدينة تقدر بحدود 50% حتى الآن، وهي في ازدياد يوماً بعد آخر، لكن ما يعيق عودة واستقرار البقية الباقية هو واقع التردي الخدمي، وخاصة الخدمات الضرورية.
30 دقيقة وصل خلال 24 ساعة
قال أحد سكان مدينة داريا: «إذا بدنا نحكي على المشاكل الموجودة بداريا ما بتنتهي، يعني المشاكل ما بتخلص، والكهرباء هي المشكلة الكبيرة وخاصة بهالشوب».
المعاناة التي يعاني منها ساكنو وأهل مدينة داريا من الكهرباء هي معضلة كبيرة يجب حلها وبشكل سريع، لأن انقطاع الكهرباء عن مدينة داريا أصبح لا يحتمل.
بحسب أحد القاطنين في المدينة، إن برنامج التقنين الكهربائي المفترض هو: فترتا وصل من الساعة 11 وحتى الساعة 12 ونصف، ومن الساعة 5 وحتى الساعة 6 ونصف، أي 3 ساعات وصل خلال 24 ساعة فقط.
بينما الواقع العملي لبرنامج الوصل والقطع الكهربائي هو: أن تأتي الكهرباء الساعة 5، وأحياناً 5 وعشرون دقيقة، ولمدة 5 دقائق على الأكثر، وتنقطع لأكثر من نصف ساعة أو ساعة، ومن ثم تأتي 5 دقائق أخرى وتنقطع إلى حين وقت التقنين اللاحق، وهكذا، فكل فترة أو معظم فترات الوصل لا تتجاوز أكثر من نصف ساعة خلال الـ 24 ساعة فقط!
سلبيات كثيرة ونتائج وخيمة
إذا كان رمي المونة المنزلية من النتائج السلبية المباشرة، المكلفة والمرهقة بالنسبة للمواطنين، جراء سوء الخدمة الكهربائية، وخاصة في ظل الواقع المعيشي الأكثر سوءاً، تضاف إليها تكاليف إصلاح الأجهزة الكهربائية المنزلية التي تتعطل بسبب تردي الخدمة، فإن من النتائج السلبية الأخرى ذات الأهمية الأكبر، هي وقف وتعطل الحرف والمهن والمحال التجارية في المدينة، ناهيك عن المعامل والورشات فيها (المحدودة عملياً)، وكل ذلك مرتبط مباشرة بخدمات المواطنين ومعيشتهم اليومية، بل وبفرص العمل المتاحة في المدينة أيضاً.
المياه مشكلة إضافية
بحسب أحد القاطنين في المدينة: إذا ارتأت وحدة المياه أن تضخ المياه في الشبكة الرسمية فإن ذلك لا يعني أن المياه ستصل إلى جميع الأهالي في المدينة، وذلك لارتباط وصول المياه بمواعيد وصل وقطع التيار الكهربائي، فمن تصل المياه إلى بنائه تكون ضعيفة وبالكاد تصل إلى الطوابق الأرضية فقط، الأمر الذي يفرض وجود مضخات كهربائية كي تصل المياه إلى الطوابق المرتفعة، ومع عدم توفر الكهرباء فإن جزءاً كبيراً من البيوت لا تصلها المياه عبر الشبكة الرسمية عملياً، ما يضطر الأهالي للاستعانة بالصهاريج التي يتحكم أصحابها بسعر المياه بكل جشع، وبالتالي احتياجات المواطنين منها.
فسعر البرميل يصل إلى 1000 ليرة، وبناء على اتفاق مسبق عبر الهاتف، وإلا فلا مياه! ولكم أن تحسبوا التكاليف المرهقة التي يتكبدها القاطنون لقاء التزود بالمياه شهرياً، والتي تصل إلى 25 ألف ليرة بالحد الأدنى، من أجل الغسيل والتغسيل فقط، فمياه الصهاريج غير آمنة للشرب، حيث تضاف تكاليف التزود بمياه الشرب الشهرية إلى النفقات والتكاليف الشهرية المرهقة الأخرى.
فإلى متى ستستمر معاناة أهالي داريا في ظل تقاعس الجهات المعنية مباشرة عن الخدمات العامة، وفي ظل تقاعس البلدية عن القيام بمهامها، وإلى من المشتكى؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1023