قروض لتغطية جزء من متطلبات المعيشة!
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

قروض لتغطية جزء من متطلبات المعيشة!

خلال الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء بتاريخ 23/2/2021 «كلف المجلس وزارة المالية ومصرف سورية المركزي إيجاد آلية لتوفير قروض مناسبة وميسرة لأصحاب الدخل المحدود لتأمين احتياجاتهم الضرورية ومساعدتهم على مواجهة الظروف المعيشية الحالية».

التكليف الحكومي أعلاه، فيه اعتراف مباشر بأن أصحاب الدخل المحدود غير قادرين على تأمين احتياجاتهم الضرورية، وعاجزون عن مواجهة الظروف المعيشية الحالية!

بالمقابل، يبدو أن الحكومة تعفي نفسها بموجب التكليف أعلاه من مسؤوليتها المباشرة عن عدم قدرة هؤلاء وعجزهم، وعمّا آلت إليه حالهم على المستوى المعيشي بسبب استمرارها بسياسات تجميد الأجور، وبمجمل السياسات الاقتصادية الليبرالية المعتمدة من قبلها، التي تزيد من عجز الغالبية المفقرة من المواطنين على مواجه متطلبات المعيشة والخدمات، وخاصة أصحاب الدخل المحدود.

تجاوب مصرفي مباشر

مباشرة، وفي اليوم التالي للجلسة والتكليف أعلاه، أصدر مجلس إدارة مصرف التسليف الشعبي قراراً قضى بموجبه بـ «رفع سقف قرض الدخل المحدود إلى مليوني ليرة سورية لمدة خمس سنوات، وبمعدل فائدة 7% سنوياً، وهو المعدل ذاته الذي كان معمولاً به سابقاً، على أن يتم البدء بتطبيق القرار اعتباراً من الأول من شهر آذار القادم».

وقد ورد على صفحة الحكومة بتاريخ 24/2/2021 ما يلي: «وأكد المصرف: أن القرار يأتي انطلاقاً من الحرص على تلبية متطلبات المتعاملين معه، وخاصة من ذوي الدخل المحدود، لتوفير قروض مناسبة تسهم في تأمين جزء من الاحتياجات الأساسية لهم، إضافة إلى تطوير الخدمات التي يقدمها المصرف».. «أوضح المصرف أنه بموجب القرار أصبح بإمكان أي عامل تنطبق عليه شروط منح القرض الاستفادة من مبلغ أكبر من مليون ليرة سورية، أي: من 1,200,000 أو 1,300,000 أو 1,400,000 إلخ.. ضمن نسبة الـ 40% من الأجر الشهري المقطوع، مضافاً إليه 100% من التعويضات الثابتة، كما يمكن للعامل الحاصل على قرض ولا يزال يقوم بسداده القيام بالتسديد المسبق للقرض والاستفادة من حسم الفائدة والحصول على قرض جديد بالسقف الجديد».

يبدو أن الحكومة كانت سعيدة بتنفيذ توجيهها وتكليفها، كما يتضح أن مصرف التسليف لم يُغيّب جوهر ومضمون التكليف الحكومي، دون مواربة وبكل وضوح، حيث أكد: أن غاية القرض هي المساهمة «في تأمين جزء من الاحتياجات الأساسية».

لسداد الديون ولبعض الغذائيات فقط

يبقى السؤال: ما هي الاحتياجات التي يمكن يؤمنها مبلغ القرض، بحسب ما ورد من مبالغ أعلاه؟!
فواقع حال أصحاب الدخل المحدود يقول: إن أجرهم الشهري بالكاد يغطي مصاريف عدة أيام، على الغذائيات الأساسية وبالحدود الدنيا فقط، فكيف على بقية الاحتياجات، وبحال الاقتراض وحسم 40% من هذا الأجر الهزيل؟!
بينما واقع الأسعار يقول: إن السلع المعمرة مثلاً، التي كان أصحاب الدخل المحدود يلجؤون للاقتراض من أجلها قبل سني الحرب والأزمة، أصبحت خارج إمكانية اقتنائها من قبلهم!

فالكهربائيات، مثل: البرادات والغسالات والتلفزيونات أصبحت أسعارها فلكية، وكذلك بقية المستلزمات التي تعتبر من السلع المعمرة، مثل: غرف النوم وبقية المفروشات والسجاد، وحتى الأواني والأدوات المنزلية.
ليبقى الاحتياج الفعلي للقروض بالنسبة للغالبية المضطرة من أصحاب الدخل المحدود هو: سداد الديون المتراكمة عليهم غالباً، أو لتغطية العجز في تأمين بعض الحاجات الغذائية الأساسية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن إجمالي مبلغ القرض بعد اقتطاع نسبة الفائدة منه بحسب ما هو معمول به من قبل مصرف التسليف الشعبي بالكاد يغطي تكاليف المعيشة الضرورية لمدة شهرين فقط!

استهتار ولا مسؤولية

يبدو أن الحكومة، وبرغم اعترافها بعجز المواطنين عن تأمين احتياجاتهم وضروراتهم، مصرة على تهربها من مسؤولياتها تجاه الغالبية المفقرة من المواطنين، بما في ذلك أصحاب الدخل المحدود، الذين يعملون في مؤسساتها وجهاتها التابعة، وتعتمد عليهم في إنجاز الجزء الهام من مهامها المفترضة، بل وتزيد على هؤلاء من خلال تكبيلهم بالقروض لسنوات قادمة، والتي لن يستفيدوا منها إلّا من أجل سداد ديونهم المتراكمة، أو من أجل تغطية بعض النفقات على الاحتياجات الغذائية الضرورية للبقاء على قيد الحياة، مع تسويق ذلك على أنه مِنّة حكومية لمصلحتهم!
فهل من لا مبالاة ولا مسؤولية واستهتار رسمي بحق الغالبية المفقرة أكثر من ذلك؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1007
آخر تعديل على الإثنين, 01 آذار/مارس 2021 02:01