لا تتفاءلوا.. فالمشغل الثالث تشاركي وليس تنافسياً!
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

لا تتفاءلوا.. فالمشغل الثالث تشاركي وليس تنافسياً!

طُرح الحديث مجدداً عن قرب التعاقد مع مشغل ثالث للشبكة الخليوية في سورية، وهذه المرة عن لسان وزير الاتصالات خلال اجتماع لجنة الإعلام والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مجلس الشعب بتاريخ 17/12/2020.

الحديث عن دخول مشغل ثالث للخليوي في سورية ليس جديداً، بل أصبح عمره أكثر من عشرة أعوام حتى الآن، وفي كل مرة يثار الحديث عنه دون تفاصيل تذكر، ثم ما يلبث أن يطويه النسيان!
فهل سيكون مصير الحديث المستجد مختلفاً عن سابقاته؟
وماذا عن مصلحة المواطنين المستفيدين من خدمة الخليوي، وهل سيستفيدون من الترخيص للمشغل الثالث؟

احتكار بالضمانات الحكومية

لن نستفيض بالحديث عن تخلي الحكومة عن قطاع الاتصالات الخليوية، الحيوي والهام والسيادي، ودورها في تحويله إلى احتكار بيد شركتين محظيتين فقط لا غير، وعما خسرته وتخسره الخزينة العامة سنوياً من أرباح كبيرة ومضمونة بناء على هذا التخلي «غير المبرر»، تصب في جيوب حيتان الاستثمار فيه، تقدر بعشرات المليارات من الليرات السورية، من جيوب المواطنين، وعلى حساب الاقتصاد الوطني، فقد أُشبع هذا الجانب بحثاً وتفنيداً خلال السنوات الماضية، بالحيثيات القانونية وبالأرقام، من قبل المختصين ومن خلال وسائل الإعلام، دون أن يلقى أي اهتمام حكومي، بل على العكس!
فتكريس التخلي واحتكار الخدمة والاستثمار في هذا القطاع يجري بضمانات حكومية على ما يبدو، والدليل هو ما رشح مؤخراً من حديث عن المشغل الثالث قيد الترخيص، بغض النظر عن الترويج له من خلال كونه «وطنياً وبخبرات وطنية»!

تفاؤل الوزير وتفاؤل المواطنين

ورد على صفحة الحكومة بتاريخ 17/12/2020 أن وزير الاتصالات والتقانة «أعرب عن تفاؤله بدخول المشغل الثالث في الخدمة، وسيمنح التراخيص اللازمة له بحلول بداية العام القادم، لافتاً إلى أنه مشغل وطني وبخبرات وطنية وبالتشاركية مع المشغلات الأخرى».
لكن يبدو أن جوهر تفاؤل وزير الاتصالات، بما يخص الترخيص للمشغل الخليوي الثالث، مختلف كلياً عن جوهر تفاؤل المواطنين!

فما يعني المواطنين من الحديث المتكرر عن المشغل الثالث ربما التفاؤل بدوره على مستوى التنافسية مع شركتي الخليوي الاحتكاريتين العاملتين الآن، علّ وعسى يتم كسر احتكارهما على مستوى الأسعار وجودة الخدمة ودرجة مواكبتها للتطورات التقنية بهذا المجال.
لكن الوزير قطع الشك باليقين بهذا الشأن بحسب ما ورد أعلاه، فلا تنافسية قد تصب بمصلحة المواطنين، بل ستكون هناك «تشاركية مع المشغلات الأخرى»، ما يعني تكريساً لاحتكار الخدمة، لكن بيد ثلاث شركات بدلاً من اثنتين فقط، في حال تم استكمال منح الترخيص هذه المرة!

التنافس على تقاسم الأرباح فقط

الترجمة العملية للحديث المتكرر عن المشغل الثالث للخليوي، خلال السنوات الماضية وحتى الآن، هي أن قطاع الاتصالات الخليوية يجري عليه شكل تنافسي من أجل إعادة تقاسم أرباحه الكبيرة بين بعض حيتان الاستثمار المحظيين والمدعومين حكومياً، ليس إلّا، ولا شيء آخر.
فهذا القطاع الهام والضروري متسع اطراداً، وهو مضمون الربح طبعاً، خاصة مع ضمانات استمرار احتكاره لمصلحة المشغلين من قبل الحكومة، بعيداً عن أسعاره وتقاناته ودرجة تطوره ومستوى جودة خدماته.

فهذا القطاع سيبقى محتكراً على ما يبدو، مهما تكاثرت الشركات المستثمرة فيه، وفق مبدأ «التشاركية» بالعمل فيما بينها، والتي تعني تقاسم سوقه عملياً، بعيداً عن التنافسية فيما بينها، التي قد يستفيد منها المواطن افتراضاً، لا على مستوى الأسعار ولا على مستوى الجودة ودرجة التطور والتقانة التي تعتمدها في بنيتها وفي خدماتها بالنتيجة، وجلّ ما يجري هو مساعي كسر احتكار الربح وإعادة تقاسمه فقط لا غير.
ووفقاً لهذه النتيجة والسياق، ربما من حقنا أن نتساءل عن سبب تفاؤل السيد الوزير، حيث لم نجد ما يدعو للتفاؤل بهذا الشأن؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
997