عين ترما.. بلدة أشباح معزولة

عين ترما.. بلدة أشباح معزولة

يعاني أهالي وسكان بلدة عين ترما من الكثير من عوامل الإهمال واللامبالاة بحقهم، فبعد أن عاد جزء هام من هؤلاء إلى البلدة، واستقروا فيها مجدداً بعد طول نزوح وتشرد، لم يجدوا ما يعزز هذا الاستقرار، بل على العكس من ذلك.

المعاناة لم تقتصر على نقص الخدمات العامة الرئيسة، من كهرباء وماء وشبكة صرف صحي وغيرها، بل تعدتها إلى الكثير من أوجه وأشكال المعاناة الأخرى.

إزالة الأنقاض وفق المحسوبية

شوارع البلدة ما زالت تعج بأكوام الأنقاض والردميات التي لم تستكمل عمليات إزالتها وترحيلها حتى تاريخه، وخاصة في الشوارع والحارات الفرعية، والمزعج في الأمر بالنسبة للأهالي، أنه مع كل خبر عن تمويل جديد لهذه الغاية من قبل بعض المنظمات الدولية، باعتبار أن التمويل الحكومي قاصر ومحدود، يجري تحويل هذه التمويلات عبر بعض المتعهدين، ليصار إلى الاهتمام ببعض الحارات فقط، ومحيط الأبنية والأملاك الخاصة للبعض من المحظيين، دوناً عن شوارع وحارات البلدة التي تقطنها الغالبية المفقرة.

وبهذا السياق تجدر الإشارة إلى أن بعض الشوارع والأحياء ما زالت مغلقة حتى تاريخه بسبب الأنقاض والردم الذي يسد محاورها.
ويرى الأهالي، ألّا مبرر للبلدية ورئيسها بهذا الشأن، فكل ذلك يجري بمعرفتها وإشرافها، مع الأخذ بعين الاعتبار أنهم سبق وأن طالبوا بالعدالة في عمليات إزالة الأنقاض، وألّا تكون حكراً على بعض الحارات، أو وفقاً لبعض المحسوبيات، لكن لا حياة لمن تنادي حتى الآن بهذا الشأن!

شوارع وطرقات متردية

مشكلة أخرى لا تقل أهمية، تتمثل بالشوارع المحفرة، سواء الرئيسة أو الفرعية، فبين الحين والآخر يتعرض جزء من طريق ما إلى الانهيار، بما في ذلك الطريق العام نفسه، وذلك بسبب الأنفاق تحتها، ودون إصلاح جذري لهذه المشكلة المتكررة.
طبعاً الحفر والانهيارات تشكل عائقاً لحركة المرور، سواء للسيارات ووسائط النقل، أو للمواطنين، وهي كذلك تحمل بعض الأخطار بسبب عدم حلها بشكل نهائي، وفقاً لدراسات فنية وهندسية وعلمية، يضاف إلى ذلك واقع الأرصفة المتردي، والتي لم تتم إعادة تأهيلها إطلاقاً منذ إعادة البلدة وعودة أهاليها إليها حتى الآن، وطبعاً كل ذلك بعهدة ومسؤولية البلدية أيضاً.

أكوام قمامة وتلوث

أما عن أكوام القمامة فحدث بلا حرج، فهي مشكلة كبيرة إضافية يعاني منها سكان البلدة، وخاصة مع تداعياتها السلبية على الصحة العامة، والشاذ في الأمر، بالإضافة إلى عدم ترحيل القمامة بشكل دوري وخلال فترات زمنية متقاربة، ما يؤدي إلى تراكمها وزيادة انتشارها، أن مكبّ القمامة المعتمد للتجميع يقع على الطريق العام بين عين ترما وكفر بطنا، بالقرب من الأبنية السكنية والمزارع، ما يشكل بؤرة تلوث واسعة، وكبيرة بنتائجها السلبية على الأهالي، وخاصة الأطفال، مع عدم تغييب ما يستقطبه هذا المكبّ من حشرات وقوارض وكلاب شاردة، وهي ناشر إضافي للأمراض.

بلدة أشباح

الكهرباء في البلدة في وضع يرثى له، ولعلها في ذلك لا تختلف كثيراً عن غيرها من البلدات الأخرى في الريف، فمع سوء الخدمة الكهربائية عبر الشبكة الرسمية وترديها، اضطر الأهالي للاعتماد على مولدات الأمبير، وما أدراكم ما هي هذه المولدات؟

فكلفة الواط الساعي تصل إلى 800 ليرة بحسب بعض الأهالي، استغلالاً للحاجة طبعاً، باعتبار أن البديل الرسمي غير متوفر، ولكم أن تحسبوا كم واطاً ساعيّأ يحتاج إليه كل بيت يومياً، وما هي التكلفة النهائية لقاء هذا الشكل الجديد الاضطراري من الاستغلال، ناهيك عن الإزعاج المرافق لعملها بسبب الضوضاء، طبعاً ذلك لا يعني الاستغناء عن بدائل الكهربائية الأخرى، من بطاريات وليدات وشواحن وغيرها، فمولدات الأمبير العاملة في البلدة تتوقف عن العمل ليلاً، ما يحيلها إلى بلدة أشباح بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

أوجه معاناة إضافية

المواصلات من وإلى البلدة سيئة جداً، فغالبية السرافيس العاملة على خطوط النقل افتراضاً تهرب من الخدمة، ولأسباب عديدة، ويبقى الاعتماد على السوزوكيات والمغلقات الصغيرة والتكاسي، مع ما يعنيه ذلك من كتلة إنفاق إضافية يتكبدها سكان البلدة يومياً، وخاصة العاملين والموظفين والطلاب، طبعاً على حساب ضروراتهم المعيشية، في ظل واقع اقتصادي معيشي لا يخفى على أحد.
ولا بد من الإشارة في نهاية المطاف إلى عدم توفر شبكة هاتف في البلدة حتى تاريخه، وبالتالي، لا خدمة إنترنت أيضاً، فهي شبه معزولة.

والحديث على ألسنة الأهالي يقول: بلدتنا تعتبر قريبة من العاصمة، ومع ذلك فهي تكاد تكون بلدة أشباح، برغم تزايد الكثافة السكانية فيها، وما يزيد من بؤسها هو تكريس عزلتها من خلال عدم الاهتمام الجدي بخدماتها، لا من قبل بلديتها ورئيسها، ولا من قبل المحافظة.
فإلى متى هذا الإهمال؟ ولماذا الصمت والتعمية على هذا الواقع البائس؟!

برسم محافظة ريف دمشق.

معلومات إضافية

العدد رقم:
995