كهرباء دير الزور.. الدفاتر العتيقة والظلم!
وردت إلى قاسيون شكوى من بعض أصحاب المنازل والمحلات التجارية أو مستأجريها في دير الزور في حي الجورة، تتضمن قيام شركة كهرباء دير الزور بتوجيه إنذارات لهم لتسديد رسوم استهلاك كهرباء، بعضها منذ عام 2009، أي: قبل انفجار الأحداث في سورية، وذلك استناداً إلى دفاترها العتيقة، أي كما يقول المثل الشعبي: «التاجر المفلس يبحث في دفاتره العتيقة»، وبعض المبالغ المستحقة كذمة بحسب الإنذارات تصل إلى أكثر من 500 ألف ليرة.
وقد أرسل هؤلاء لقاسيون صوراً عن بعض الإنذارات والمبالغ المتربة عليهم، التي تتضمن التهديد، بحيث إن لم يقوموا بتسديد المبالغ سيتم قطع التيار الكهربائي، وفعلاً قامت الشركة بقطع التيار الكهربائي عن بعض المحلات والبيوت بعد أيام لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
المعلوم والمجهول حكومياً
يبدو أنه ليست الحكومة فقط تبحث عن موارد للنهب من جيوب المواطنين الفقراء كإيرادات، بل أيضاً شركات ومؤسسات الدولة المختلفة، وخاصة الكهرباء والماء والاتصالات، التي لم تكتفِ برفع الأسعار المستمر خلال سنوات الأزمة، بل باتت تبحث في دفاترها العتيقة، دون النظر إلى ظروف الأزمة من تهجير وتدمير وغلاء وانخفاض القيمة الشرائية لليرة، وبالتالي انخفاض قيمة الأجور إلى أدنى من 1/10 عن قيمتها السابقة.
فالحكومة وجهاتها التابعة تعلم ما لها وتغض الطرف عما عليها، فقد سبق لهذه الشركات والمؤسسات أن ألزمت الأهالي الذين تدمرت بيوتهم بتسديد مبالغ وتبرئة ذمة عن سنوات الأزمة والتهجير، حتى يتسنى لهم تقديم الأوراق الثبوتية للجنة تعويض الأضرار التي أصبحت أيضاً في خبر كان، فلا تعويض ولا من يحزنون! وبعض المنازل التي يقطنها المواطنون ما زالت غير صالحة للسكن، ومع ذلك يضعون أقمشة وبطانيات ونايلون على النوافذ والأبواب ليستروا أنفسهم فيها، ويعانون من الجوع والفقر، فكيف لهم أن يسددوا هذه المبالغ الكبيرة الآن؟
في المقابل، فإن معاناة الموطنين ما زالت مستمرة ويومية ومتفاقمة من الانقطاع المستمر للكهرباء، وما يترتب على ذلك، من احتراق الأجهزة الكهربائية للمواطنين وتعطلها، والتي يجب أن تتحمل شركة الكهرباء مسؤوليتها، وتقوم بتعويض هؤلاء عن قيمة إصلاحها أو استبدالها، بحال النظر للموضوع من باب التوازن والإنصاف بين الحقوق
والواجبات! بين الإجحاف والمحاباة
بعض المواطنين المتضررين من الإنذارات المفاجأة الحالية تساءلوا بداية: أين كانت شركة الكهرباء من المطالبة بحقها بقيمة الاستهلاك قبل سني الأزمة، أي: منذ 2009 إلى 2011؟
فبعض المنازل والمحلات انتقلت ملكيتها عدة مرات منذ 2009 إلى الآن، وتحميل المسؤولية للمالك أو المستأجر الحالي ومطالبته بتسديد المبلغ، أو قطع الكهرباء عنه، فيها الكثير من الظلم والإجحاف، فكيف لهؤلاء أن يتابعوا المالك القديم هذا إذا كان حياً وموجوداً، أو إذا كان ميتاً كيف له أن يتابع ورثته، أما إذا مهجراً أو مهاجراً أين سيجده، وهل يقبلون بتسديد المبالغ المتراكمة هذا إذا كانت المبالغ صحيحة؟ لأنه خلال الأزمة لم تكن هناك قراءات للعدادات، بل لم تكن هناك عدادات، وما بقي منها جرى «تعفيشه» بعد دحر «داعش» وأخواتها!
وكذلك خلال الأزمة منذ 2011 إلى الآن، وخاصةً خلال فترة الحصار التي استمرت حوالي 3 سنوات، لم تكن هناك كهرباء، وحتى بعد دحر التنظيم الفاشي «داعش» لم تعد الكهرباء إلاّ بشكل متقطع، وحجم الاستهلاك لا يصل إلى هذه المبالغ التي تتم المطالبة بها!
فكيف للمواطن صاحب البيت أو صاحب المحل أو مستأجره أن يؤمن هذه المبالغ الضخمة، وهو لا يستطيع أن يؤمن قوت يومه هو وأسرته؟
والسؤال الأهم على ألسنة المواطنين: لماذا لا تتم ملاحقة كبار الفاسدين والمستثمرين والمسؤولين بفيلاتهم التي تستهلك أضعاف أي مواطن، وعلى عينك يا شركة الكهرباء، فيما تتم ملاحقة المواطنين الفقراء فقط، حيث تتم محاباة أصحاب الثروة والجاه على حساب البقية الباقية من المواطنين!؟
وبحسب المشتكين فإن استمرار هذه الإجراءات والممارسات والملاحقات للمواطنين الفقراء والتضييق عليهم لا يساعد على عودة الاستقرار بل بالعكس، ربما يدفع نحو التطفيش، إن لم نقل نحو تكريس بعض الظواهر السلبية في المجتمع، مثل: السرقة والجريمة وغيرها وهي حاصلة وتزداد فعلياً، خاصة في ظل أنماط المحاباة والمحسوبية والفساد السائدة.
مطالب مشروعة
إن ما قامت به شركة كهرباء دير الزور، حتى ولو كان حقها، فيه بعض الغبن، فهي من يجب أن تتحمل مسؤولية التراكم قبل سني الأزمة، وهي من تتحمل مسؤولية عدم انتظام التيار الكهربائي، وهي من تتحمل مسؤولية غياب قراءة العدادات، والاضطرار للجوء لأسلوب تقدير حجم الاستهلاك، حتى بغياب العدادات أحياناً، وهذه الإجراءات لا تتناسب مع ظروف الأزمة وتداعياتها، سابقاً وحالياً.
وبناءً على ما سبق يطالب المشتكون بالتالي:
- الإعفاء عن سنوات ما قبل الأزمة، وخاصة للحالات التي جرى فيها نقل متتابع للملكية أو لعقود الإيجار.
- الإعفاء عن فترات انقطاع التيار الكهربائي المستمرة، وخاصة خلال سني سيطرة التنظيم الفاشي على المدينة.
- إعادة النظر بالمبالغ المطلوب تسديدها بعيداً عن أسلوب تقدير حجم الاستهلاك، وخاصة بحال عدم وجود العدادات الكهربائية.
- تسوية الذمة المترتبة بعد كل ذلك، بحيث يفسح المجال لتقسيطها على دفعات كي لا تكون عبئاً كبيراً على المواطنين.
أخيراً: أن تبحث شركة الكهرباء في دفاترها العتيقة عن ذمم كبار المستجرّين للطاقة الكهربائية، بعيداً عن أنماط المحاباة والفساد، فجباية الاستحقاقات من هؤلاء تحقق إيرادات كبيرة للشركة، أكبر بكثير من الذمم المترتبة على صغار المستهلكين، أصحاب الجيوب الفارغة نتيجة عوامل النهب والفساد والغلاء والأسعار المستعرة نارها يومياً.
فهل هناك من يسمع صوت هؤلاء من المسؤولين، أم سيبقون يضعون في أذنٍ طيناً وفي الأخرى عجيناً، وستبقى الأمور في تفاقم مستمر؟!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 989