المنطقة الشرقية.. خيراتها ليست لأبنائها
تشتهر منطقة نهر الفرات، أو شرق سورية عموماً (دير الزور- البوكمال)، بخيراتها المتعددة، الزراعية والنفطية وغيرها من الخيرات، وغالبية أهالي هذه المنطقة يعملون في الزراعة، لكنهم دائماً يدفعون فاتورة التكاليف المرتفعة على حساب معيشتهم.
تزايدت تكاليف إنتاج المحاصيل الزراعية وارتفعت، وخاصة مستلزمات الإنتاج الزراعي الرئيسة (سماد- بذور- محروقات- مياه..) على العاملين في الإنتاج الزراعي في المنطقة، وقد كان ذلك فرصة للتحكم بهم على مستوى تسويق الإنتاج من قبل المتحكمين بهذه العملية من التجار والمصدرين، كما انعكس ذلك سلباً على المستهلكين الذين لم يعد بإمكانهم شراء حاجاتهم الاستهلاكية من هذه المنتجات.
بعض تكاليف الإنتاج
بحسب بعض المزارعين فإن كيس (السماد) مثلاً يُصرف للمزارع من الجمعية الزراعية أو الجهة المختصة بمبلغ 10 آلاف ليرة، وبكميات قليلة غير كافية لكامل المحصول، ويصعب الحصول عليها، بالمقابل يباع حراً أو عن طريق التاجر بـ 40 ألف ليرة.
وبسبب صعوبة الحصول على السماد من الجهات المعنية، وحاجة المزارع لهذه المادة، يضطر للجوء إلى التاجر وشرائه بـ 40 ألف ليرة بالرغم من الفرق الشاسع وغير المنطقي بين السعرين!
ويبقى السؤال المشروع على ألسنة المزارعين: كيف وصل السماد إلى التاجر؟ ومن هو المسؤول عن تسربه؟ علماً أنه لا يوجد مصدر توزيع إلّا عن طريق الجمعية الزراعية أو نقاط توزيعها للفلاحين! وذلك بحسب ما قاله البعض.
أسعار مرتفعة
فيما يلي أسعار بعض الخضار والمنتجات الزراعية على المستهلك في المنطقة: البندورة 500- البطاطا 350- الباذنجان 250- الفليفلة 250- البيض الواحدة 150- الخيار 500، أما أسعار بقية المواد والسلع الغذائية (سكر- رز- سمن- لحوم حمراء- زيت نباتي- بن- شاي..) فهي قريبة نسبياً من أسعارها في بقية المحافظات، وبعضها ربما مرتفع أكثر بسبب أجور النقل وبقية النفقات الأخرى التي تدخل في حسابات التكلفة، وتنتهي من جيوب المستهلكين إلى جيوب التجار عملياً.
المختلف والفج هو رغيف الخبز كحاجة استهلاك رئيسة، حيث يتم توزيعه من خلال المعتمدين بواقع 12 رغيفاً للأسرة (ربطتان)، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تعداد أفراد الأسر في المنطقة يعتبر مرتفع نسبياً، بالمقابل تباع الربطة بسعر 150 ليرة، وبذريعة «الفراطة غالباً ما يتم تقاضي أسعار أعلى».
التصدير أحد الأسباب
من الأسباب الإضافية التي أدت إلى هذه الهوة بين تكاليف الإنتاج وما يصل للفلاح من سعر، وبين ما يستطيع المستهلك من شرائه مؤخراً، نقل كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية في المنطقة خارج سورية، عن طريق شحن الخضروات بكل أنواعها، وغيرها من المواد الأساسية والمعيشية من سورية إلى العراق، مما أدى إلى ارتفاع أسعار هذه السلع في منطقة زراعتها، علماً أنّ أغلب المنتجات محلية، ومن نفس الأرض، ونقول نقل لأن هذه العملية لا تقتصر على عمليات التصدير النظامية، بل هناك عمليات تهريب تجري على قدم وساق لهذه المنتجات والسلع.
وتجدر الإشارة بهذا الصدد، بحسب ما نقله بعض أبناء المنطقة، أنه يشترط على التاجر العراقي أن يخرج محملاً ويعود فارغ الحمولة، لتعاد عمليات التحميل مجدداً من منتجات الداخل السوري، وهكذا..
وربما لا أحد يستطيع تقدير الكمية التي يتم نقلها خارج الحدود إلى العراق من الخضار والسلع الغذائية، لكن يتجاوز عدد البرادات اليومي من خلال معبر البوكمال الـ 50 براداً، بحسب بعض الشهود، وهذه الكميات اليومية لا شك تؤثر على الكم المعروض من هذه السلع في الأسواق المحلية، وعلى سعرها أيضاً.
تساؤلات مشروعة
الأمر بهذا السياق وبهذه النتائج فسح المجال أمام أبناء المنطقة ليتساءلوا بالتالي:
من المستفيد من هذه العمليات بهذا الشكل؟
هل أصبح شحن هذه السلع خارج الوطن أربح من شحنها إلى الداخل السوري؟ أم إنّ الهدف إبقاء غلاء هذه المواد داخل البلاد، كي يريح أكثرية المستفيدين؟
فما يجري عملياً هو نهب للمحاصيل ولجهود الفلاحين عبر استغلالهم وفرض أسعار بخسة لمحاصيلهم دون أسعار التكلفة أو تقاربها بأحسن الأحوال من طرف، وعدم كفاية حاجات الاستهلاك للمواطنين من خلال رفع الأسعار والتحكم بالكم المعروض من السلع في الأسواق، وصولاً مع واقع الأجور المتردي إلى الجوع والعوز، من طرف آخر.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 987