طلاب الطب البشري.. هموم ومعاناة مستجدة مزمنة وسياسات طبقية تمييزية
معاناة طلاب كلية الطب البشري في تزايد مستمر، وقد أتت جائحة الكورونا لتزيد من معاناة هؤلاء، وخاصة لطلاب السنوات الأخيرة، وأطباء الاختصاص المقيمين وطلاب الدراسات العليا، الذين استنفروا واستنفدوا إمكاناتهم وطاقاتهم في المشافي خلال هذه الفترة.
تبدأ معاناة طلاب كلية الطب البشري منذ لحظة القبول الجامعي في السنة التحضيرية، مع عدم إغفال ما سبقها من معاناة مرتبطة بالشهادة الثانوية طبعاً، وتستمر مع الطالب خلال مسيرة دراسته الطويلة والمتعبة في الطب، ولا تنتهي مع الامتحان الوطني الموحد، بل تتزايد مع الاختصاص والدراسات العليا، وتتوج بالأبحاث بما لها وما عليها من ملاحظات أيضاً.
جائحة واستنفار وتداعيات
استنفر طلاب كليات الطب البشري، طلاب السنوات الرابعة والخامسة والسادسة، بالإضافة للمقيمين وطلاب الدراسات العليا، في مشافي التعليم العالي التعليمية، ووُضعوا بحالة الجاهزية، بحسب التعليمات والقرارات الصادرة من الحكومة ومن قبل وزارة التعليم العالي، بنتيجة الاجراءات الاحترازية والوقائية المتخذة بسبب وباء الكورونا.
فإذا كانت الحالة الاستثنائية قد فرضت على هؤلاء مسؤوليات وواجبات إضافية في ظل الجائحة ولمواجهتها، إلا أن تداعيات الإجراءات كانت لها بعض النتائج السلبية التي تضافرت مع مجمل الصعوبات التي تواجههم بما يتعلق بدراستهم وتخصصهم، وخاصة ما يتعلق بالهوامش الزمنية التي تعتبر مفاصل حياتية هامة بالنسبة لغالبيتهم.
تساؤلات مؤسفة
أوْجه المعاناة المختلفة والعديدة، كانت محور حديث «قاسيون» مع بعض طلاب كلية الطب في جامعة دمشق.
فقد لخصت إحدى طالبات الطب البشري في جامعة دمشق بعض جوانب هذه المعاناة عبر تساؤلاتها المستنكرة التالية:
هل تعلم أن هناك دورات «خاصة» مخصصة لطلاب السنة التحضيرية للكليات الطبية، أو غيرها من الاختصاصات، وبرسوم مرتفعة ليست بمقدرة جميع الطلاب تحملها؟.
هل تعلم أن طالب الطب البشري قد يصل للسنة السادسة ولا يعرف عملياً كيف يحقن الإبرة، أو كيف يخيط الجروح؟.
وهل تعلم أن دورات الإسعافات الأولية، التي تقيمها بعض الجهات (عامة أو خاصة)، وحتى الأفراد، أكثر رُوّادها هم من طلاب كلية الطب؟.
وهل تعلم أن مثل هذه الدورات أصبحت مجالاً للاستثمار والاستغلال، نظراً للحاجة الماسة لها من قبل طلاب الكليات الطبية تحديداً، علماً أنها مفتوحة وتستقطب الكثيرين من خارج الاختصاص، بل وبغض النظر عن شهادة متبع الدورة في أحيان كثيرة؟.
وهل تعلم أن الزمن راوح بالمكان وتوقف بالنسبة لبعض طلاب الطب، حيث توقفت مشاريع تخرج بعضهم، وتوقف تخرج البعض منهم، والبعض الآخر تأخر قبولهم بالتخصص المطلوب، بسبب الإجراءات الاحترازية الأخيرة؟.
لا شك أن الأسئلة الاستنكارية أعلاه تفتح الباب واسعاً أمام إعادة طرح العديد من الأسئلة المُحقة الأخرى، وصولاً لعمق السياسات التعليمية، بالتوازي مع بقية السياسات الرسمية المتبعة!.
تفاصيل عن الدورات والاستغلال
مع بدء فرض السنة التحضيرية على طلاب الكليات الطبية، جرى اللجوء للدورات من قبل بعضم اضطراراً، فالسنة التحضيرية بالنسبة لهؤلاء المستجدين الحائزين على الثانوية تعتبر سنة مصيرية، ومقرراتها أضخم وأكبر من منهاج الثانوية الذي درسوه لا شك، الأمر الذي جرى استغلاله من قبل بعض الطلاب المتقدمين، أو المتخرجين حديثاً، بداية، الذين أقاموا بعض الدورات المأجورة لهؤلاء، والتي كانت بعيدة عن المهنية والعلمية في بعض الأحيان، لكنها حازت على بعضها مع الاستمرارية خلال السنوات الماضية عبر الخبرات المتراكمة، مع تمركز عملها في المعاهد المخصصة لمثل هذه الدورات لاحقاً، حيث أصبحت فرصة استثمارية واستغلالية بآن معاً، وتصل الكلفة لقاء هذه الدورات لعشرات الآلاف على كل طالب، مع غض الطرف في أحيان كثيرة عن مثل هذه الدورات ومعاهدها، والتي لم تعد متخصصة بالدورات الخاصة بالسنة التحضيرية للكليات الطبية فقط، بل وشملت دورات لبعض الكليات الأخرى أيضاً، مع العلم أنه من الممنوع على الطلاب أن يقوموا بممارسة التعليم، حتى وإن كانوا من «النيردات» في كلياتهم، حيث يتم استقطاب البعض من هؤلاء للقيام بهذه المهمة، وبحسب بعض المعايير التي تحمل ضمناً بعض التمييز أيضاً، سواء على مستوى الأجور التي يتقاضونها لقاء محاضراتهم، أو على مستوى قبول بعضهم ورفض بعضهم الآخر، طبعاً بحسب درجة القرب من صاحب الاستثمار المحمي، الذي يجني الملايين سنوياً من جيوب الطلاب وعلى حساب معيشة ذويهم وحاجاتهم عملياً.
وبغض النظر عن الجانب الاستغلالي لطلاب السنة التحضيرية من هذه الدورات نتيجة الاضطرار، فإن ذلك يعتبر مؤشراً سلبياً على السنة التحضيرية التي جرى فرضها على هؤلاء الطلاب، والتي من المفترض أن يُعاد النظر فيها، ليس على مستوى استمرارها من عدمه، بل على مستوى موادها ومنهاجها المقرر، فقد كان من نتائج فرض السنة التحضيرية أن بعض الطلاب استنكفوا عن الدراسة في الكليات الطبية نظراً لتكاليفها المرتفعة التي تفوق إمكانات ذويهم، ولاضطرارهم للعمل في ظل الظروف المعيشية السيئة، وذلك بحسب بعض الطلاب.
دورات اضطرارية أخرى
أما الدورات الأخرى التي يجرى استغلال طلاب الكليات الطبية من خلالها فتتمثل بدورات الإسعافات الأولية ذات الطبيعة العملية، التي جرى استثمارها أيضاً، فطلاب السنة السادسة في كلية الطب البشري مثلاً لا يعرفون عملياً كيفية «ضرب الإبرة»، ولا كيفية خياطة الجروح عملياً، وذلك بحسب بعض الطلاب، لذلك يجري استقطاب هؤلاء وغيرهم من خلال هذه الدورات ذات الطابع النظري والعملي، لقاء بدل مادي، يقل أو يكثر، بحسب الدورة ونوعها ومكانها والقائمين عليها، حيث تتراوح هذه البدلات بين الـ1000 ليرة وصولاً لمبلغ 6000 ليرة، علماً أن مثل هذه الدورات تتم في مشفى دمشق الوطني، وبعضها عبر منظمة الهلال الأحمر.
أحد طلاب السنة السادسة قال: «الطالب في الكليات الطبية، ومنذ السنة الأولى، يلقبه ذويه بالدكتور فخراً، لكنه قد يصل للسنة السادسة ولا يعرف كيف «يضرب» إبرة، أو كيف يقوم بعملية إنعاش بحالة اختناق بسيطة «شردقة» من خلال الضغط على الظهر والصدر مثلاً»!.
ولعل الحاجة لمثل هذه الدورات العملية من قبل طلاب الكليات الطبية أيضاً تُعتبر مؤشراً عن المقررات والمناهج المعتمدة في هذه الكليات، وخاصة ذات الطابع العملي.
البحث العلمي قصور وعدم تكامل
رغم أهمية البحث العلمي وضروراته في أي مجتمع وأية دولة، إلا أن واقع الحال لدينا يقول: إن البحث العلمي دون المستوى المطلوب، وعليه الكثير من الملاحظات، ولا يختلف واقع البحث العلمي في كلية الطب البشري عن غيرها من الكليات العلمية الأخرى، اعتباراً من موضوع البحث، مروراً بفريق البحث والمشرفين عليه، وليس انتهاءً بالتمويل، مع عدم إغفال جوانب المحسوبية والوساطة، بل وأوجه الاستغلال والفساد أيضاً، طبعاً مع أهمية لحظ رصيد الفريق البحثي بالأبحاث المنشورة داخلاً وخارجاً، بما لها وما عليها من ملاحظات أيضاً بهذا المجال.
أما أهم ما يمكن أن يقال بهذا الصدد فهو: عدم ربط التخصصات في مجال موضوعات الأبحاث وفِرقها، كي تصبح لدينا أبحاث متكاملة قابلة للاستثمار العملي، وبما يلبي الاحتياجات والضرورات الاقتصادية والصناعية والاجتماعية وغيرها.
ففِرق البحث العلمي في كلية الطب، مثلاً، تعمل بمعزل عن فرق البحث العلمي بكليات الهندسة الطبية أو المعلوماتية، أو غيرها من الاختصاصات الأخرى، مع العلم أن القضية ليست متعلقة بنقص الكادرات والخبرات، بل لعلها مرتبطة بشكل مباشر بالسياسات التعليمية المطبقة التي تعزز الفصل وتمنع التكامل، وبالتالي تَحد من إمكانية الاستثمار الجدّي لأي بحث علمي وعملي!.
ولعل الحديث عن هذا الجانب الهام والحيوي يحتاج لتفصيلات أكثر وأعمق، لا تتسع الأسطر الحالية لها.
«عم يفلحو عليهم»!
أحد الطلاب شرح معاناة الطلاب قائلاً: يمكن تقسيم طلاب الكلية الى أربع فئات: السنوات الثلاث الأولى النظرية، بما فيها السنة التحضيرية، فئة. والسنة الرابعة التي تبدأ فيها الدراسة السريرية فئة. والخامسة الذين ينتظرون العمل بمشروع تخرجهم فئة. والسادسة الذين ينتظرون الامتحان الوطني وتوقف تسجيلهم بالاختصاص فئة.
وهناك طلاب الدراسات المتخرجين أيضاً فئات: فطلاب السنوات الأولى من هؤلاء «عم يفلحوا عليهم» بهذه المرحلة وبسبب ضغوطها وظروفها، أو خارج هذه المرحلة، وطلاب السنوات العليا الذين تمتعوا مؤخراً ببعض الامتيازات مثل: الإقامة في فندق «الكارلتون»، الذي تم وضعه بخدمة وزارة التعليم العالي- مشفى الأسد الجامعي مؤخراً، بسبب وباء الكورونا، وفئة من هؤلاء لديهم واجبات ومسؤوليات أخرى، كما قد توقف سفرهم، ليس بسبب الجائحة الحالية وظروفها فقط، بل وبسبب قرار سابق منع هؤلاء من السفر بشكل غير مباشر من خلال تحديد مدة المغادرة التي يجب ألاّ تتجاوز 3 أشهر، ولم يتم طي هذا القرار، وطبعاً لا يمكن إغفال فئة مستفيدة من كل ذلك عبر عملها داخل مشافي التعليم العالي وخارجها.
بينما أضاف طالب آخر أوجه معاناة عامة إضافية، جزء منها مرتبط بالحالة الراهنة، والتي تتمثل بنقص وسائل الحماية، والخشية من الوباء، والجزء الآخر مرتبط بالمعاناة العامة المتمثلة بتدهور الوضع المعيشي عموماً، والذي ينعكس بشكل مباشر على هؤلاء الطلاب، الذين ما زال غالبيتهم يعتمد على ذويه بمصروفه ونفقاته.
شرح إضافي عن الإقامة والمناوبة
من الواقع المؤسف بحسب بعض الطلاب «الأطباء»، أن الأطباء المقيمين في المشافي كان بعضهم يضطر للمنامة على الأرض في بعض الأحيان، وخاصة من لا يتوفر لديه مكان للإقامة في دمشق، وذلك لعدم توفر الأماكن الكافية للمنامة في المشافي، وطبعاً هؤلاء يأكلون من طعام المشفى، باستثناء البعض المكتفي مادياً.
الظرف الحالي المرتبط بوباء الكورونا فرض بعض الإجراءات الإضافية الاستثنائية على آليات العمل في المشافي، بما في ذلك موضوع المناوبات للأطباء المقيمين والمختصين.
فمثلاً: الأطباء المقيمون في مشفى الأسد الجامعي يعملون بالمناوبة، وقد كانت يوماً بيوم، أو يومين بيوم، لكن في ظل الظروف الراهنة أصبحت المناوبة تطول لأسبوع كامل أحياناً دون راحة، مع إمكانية طلب المزيد من الأطباء والطلاب كلما اقتضت الضرورة لذلك.
وقد أُخذ بعين الاعتبار من لا تتوفر لديه إمكانية الإقامة في دمشق، بحيث خُصصت غرف الفندق القريب من المشفى لإقامة هؤلاء (فندق الكارلتون)، وتم اعتبار ذلك «امتيازاً» لهؤلاء، مع العلم أنه من المفترض أنه من الحقوق، بغض النظر حيال كيف تم ذلك وعلى أي أساس جرى توزيع هذه الغرف؟.
وحول ذلك ورد عبر صفحة الهيئة الإدارية لطلاب كلية الطب البشري جامعة دمشق بتاريخ 2/4/2020 ما يلي:
تم تأمين البدلات الواقية والأدوات اللازمة بشكل شبه كامل للأطباء الذين على تماس مباشر مع الأشخاص المشتبه بإصابتهم- تمت الموافقة على تخصيص فندق «الكارلتون» المغلق حالياً والتابع لوزراة السياحة للأطباء بمشفى الأسد الجامعي الذين على تماس مباشر مع الأشخاص المشتبه بإصابتهم للاستراحة والإقامة خلال فترات المناوبات، مع تأمين الوجبات المناسبة لهم من قبل إدارة المشفى- فريق من قبل وزارة السياحة سيقوم بالخدمات داخل الفندق، بعد تجهيزه خلال فترة قصيرة جداً لكونه مغلق حالياً، والفندق كافٍ للأطباء، وقريب من المشفى وسهل التنقل منه وإليه- نعمل خلال الوقت الحالي بأكثر من طاقة الأطباء الموجودين لتعويض النقص الحاصل بعد سفر نسبة كبيرة من الأطباء للخارج.
وربما كذلك هو واقع الحال مع بقية الأطباء المقيمين والمناوبين في المشافي الأخرى بالمرحلة الراهنة، التي جرى خلالها وضع العديد من فنادق السياحة بتصرف وزارة التعليم العالي ووزارة الصحة.
طبعاً، كل ذلك ترافق مع الضغط الجاري على المشافي وكادرها الطبي بالمرحلة الراهنة، أطباء وممرضين، وفي ظل نقص الكثير من المستلزمات والتجهيزات، مع العلم أن هناك أيضاً نقصاً بمستلزمات الوقاية، بما في ذلك الكمامات التي يجري عليها تقنين في التوزيع، في غالبية المشافي!.
الامتحان الوطني الموحد والإصرار عليه
قيل الكثير عن الامتحان الوطني الموحد سابقاً، مع الكثير من الملاحظات على ضرورته وأهميته، خاصة وأن الخريجين من طلاب السنة السادسة، قد أتموا دراستهم وامتحاناتهم بموادهم مع استاجاتهم كاملة، وبعضهم لا يريد استكمال الدراسة التخصصية أو الدراسات العليا، حيث يعتبر هذا الامتحان بمثابة المعيق أمام حياتهم العملية، سواء بممارسة مهنة الطب العام، أو الباحثين عن استكمال دراستهم خارجاً، بل وحتى أمام من يرغب بالعمل مع وزارة الصحة أو غيرها من الجهات الحكومية الأخرى بمهنته.
ولعل حديث عميد كلية الطب البشري في جامعة دمشق د. نبوغ العوا- عبر إحدى المحطات الفضائية السورية منتصف شباط الماضي- دليلاً على تباين الآراء حيال هذا الامتحان من ذوي الاختصاص والمسؤولية، حيث قال: «الامتحان الوطني فيه بعض الظلم لطلابنا، والدليل أن طالبي يكون خلال السنوات كلها علامته بالثمانينات، يأتي في الامتحان الوطني ويحصل على معدل 60، وهذا مؤشر أن هناك خللاً في الامتحان وليس بالطالب».. ويضيف: «المفروض أن دراسته من كتبنا التي درسنا منها جميعاً، في الامتحان الوطني يفرضون عليه الدراسة من مراجع معينة، وهي ليست أفضل من الكتب الجامعية، بسبب أن هذه المراجع يقوم بترجمتها طالب أو استاذ جديد متخرج حديثاً، وأسعارها مرتفعة ترهق الطلاب، ثقل مادي وثقل آخر هو دراسة المراجع مجدداً».. كما اتهم العميد، مركز القياس والتقويم في وزارة التعليم العالي، بشكل مباشر، واصفاً ممارساته بـ»الاستبدادية».
حديث العميد أعلاه فيه إشارة واضحة لجانب تجاري واستغلالي من خلال المناهج المقررة بالامتحان الوطني الموحد، تتمثل بالكتب المفروضة كمراجع مكلفة، وهي ليست إلاّ مصادر تكسّب من حساب الطلاب وعلى حساب معيشة ذويهم بالمحصلة أيضاً.
وقد تم تأجيل هذا الامتحان مؤخراً بسبب الوباء، وتوقفت العملية الدراسية في الجامعات، مع العلم أن طلاب السنة السادسة من الخريجين مُستنفرين في المشافي بحكم التعليمات والإجراءات المتخذة حكومياً. حيث تم الإعلان عن التأجيل عبر صفحة الهيئة الإدارية بتاريخ 13/3/2020 كما يلي: «مصدر في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي: تأجيل الامتحان الطبي الموحد المقرر يوم السبت الواقع في 14/3/2020 إلى موعد آخر يحدد لاحقاً».
وقد استشهد البعض من هؤلاء بما قامت به بعض الجامعات في بعض الدول الأخرى التي تعتمد مثل هذه الامتحانات، حيث ألغتها بهذه المرحلة الاستثنائية ولم توقف تخرج طلابها بناءً على نتائجها.
لكن هناك إصراراً من قبل التعليم العالي حول عدم إلغاء هذا الامتحان، فقد قال وزير التعليم العالي بتاريخ 31/3/2020، بحسب صفحة الهيئة الادارية لطلاب الطب في دمشق: «لا يمكن إلغاء الامتحان الوطني الموحد كشرط للتخرج ضمن هذه الظروف، وعند عودة الدوام والانتهاء من ظرف الانقطاع سنحدد مباشرةً مواعيد الامتحانات المؤجلة».
تأكيدات على مسؤولية السياسات
يبقى أن نؤكد: أن دراسة الطب البشري تُعتبر طويلة متعبة ومرهقة ومكلفة، وفي ظل استمرار المعاناة والصعوبات أعلاه، المزمنة والمستجدة، والتي تعتبر غيضاً من فيض المشاكل والصعوبات، فإن ذلك يعني المزيد من الإرهاق والتكلفة على الطلاب وذويهم، في ظل هذا الواقع المعيشي المتردي الذي لا يحتاج للشرح والتفصيل، وخاصة للشرائح الاجتماعية المفقرة، حيث يضطر البعض من هؤلاء للتخلي عن استكمال دراستهم وتحصيلهم العلمي جراء هذه الصعوبات، التي يُعتبر بعضها تطفيشياً ذا طبيعة طبقية أصلاً، ارتباطاً بمجمل السياسات الليبرالية المتبعة ذات الجوهر الاستغلالي والطبقي التمييزي، وربما لا جديد بالحديث عن هذا الجانب مع الأمثلة الحية والكثيرة عليه، والتي سبق وأن جرى الحديث عنها مراراً وتكراراً، وما زالت مستمرة وقائمة، وستبقى كذلك ما دامت هذه السياسات مستمرة.
توضيح لا بد منه
تُقسم دراسة الطب البشري في الجامعات السورية إلى عدة مراحل، بإجمالي سنوات دراسية وقدرها ست سنوات، مرحلة الدراسة النظرية (3 سنوات)، ومرحلة الدراسة السريرية والاستاجات (3 سنوات)، ثم مرحلة الخبرة العملية الخاصة بالسنة السادسة والأخيرة مع مقرراتها واستاجاتها أيضاً، التي تختتم بالامتحان الوطني الموحد، الذي يتوقف التخرج على نتيجته، وبعد ذلك تتاح إمكانية الاختصاص أمام المتخرجين، مقترنة بالمعدلات طبعاً، والتي تتراوح مدة الدراسة فيها ما بين 4 إلى 8 سنوات بحسب الاختصاص، ولمن يرغب بعد ذلك من الممكن استكمال الدراسة لنيل درجة الدكتوراه، أيضاً مقترنة بالمعدلات، والتي قد تستغرق سنتين أو أكثر أيضاً.
فدراسة الطب البشري من الدراسات المتعبة والمكلفة، التي تحتاج لفترة زمنية طويلة لاكتساب معارفها ومهاراتها، وهي تحتاج للكثير من الجهد والمسؤولية لاكتساب ثقة وطمأنينة الناس بالنتيجة، فالتعامل مع آلام الناس وأمراضهم، ارتباطاً بآمالهم بالشفاء والحياة الصحية، تصبح أمانة بأعناق الأطباء، الذين يمارسون هذه المهنة الإنسانية.
فلاشة:
بعض الطلاب استنكفوا عن الدراسة في الكليات الطبية نظراً لتكاليفها المرتفعة التي تفوق إمكانات ذويهم ولاضطرارهم للعمل في ظل الظروف المعيشية السيئة
عدم ربط التخصصات في مجال موضوعات الأبحاث وفِرقها كي تصبح لدينا أبحاث متكاملة قابلة للاستثمار العملي وبما يلبي الاحتياجات والضرورات الاقتصادية والصناعية والاجتماعية وغيرها
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 963