الضرورات الصحية العامة والمصالح الاقتصادية الخاصة
سوسن عجيب سوسن عجيب

الضرورات الصحية العامة والمصالح الاقتصادية الخاصة

استكمالاً للإجراءات الحكومية بما يخص التصدي لوباء الكورونا، فقد ورد على صفحة الحكومة بتاريخ 11/4/2020 ما يلي: «متابعةً لمعطيات تصاعد الإصابات بفيروس كورونا إقليمياً أكد الفريق الحكومي خلال اجتماعه اليوم برئاسة المهندس عماد خميس رئيس مجلس الوزراء ضرورة التشدد بتطبيق إجراءات الحظر المفروض في جميع المناطق لتقييد الحركة والحد من التجمعات التي من شأنها التأثير سلباً على السلامة العامة».

وكان قد تم الإعلان عن تسجيل 6 إصابات جديدة بفيروس كورونا، ليرتفع عدد الإصابات المسجلة في البلاد إلى 25 إصابة، وذلك بحسب وكالة سانا عن وزارة الصحة بتاريخ 11/4/2020.

الحكومة ماضية بإجراءاتها الاحترازية

التشدد بالإجراءات بحسب ما ورد أعلاه بالتوازي مع الإعلان عن إصابات جديدة يؤكد أن ضرورات الحظر والحجر ما زالت قائمة ومستمرة، وهذا ما تمّ تأكيده أيضاً بشأن دوام المدارس والجامعات، فقد «قرر الفريق الحكومي المعني باستراتيجية التصدي لوباء كورونا تمديد تعليق الدوام في المدارس والجامعات والمعاهد حتى /2/ من شهر أيار القادم»، وذلك بحسب ما ورد على صفحة الحكومة بنفس الجلسة أعلاه.
أي إن الحكومة ماضية بإجراءاتها الاحترازية والوقائية، وهي تُعوّل أيضاً على تجاوب المواطنين بهذا الشأن، حيث أعربت عن ذلك صراحة بحسب ما ورد عبر صفحتها كما يلي: «وأعرب الفريق عن تقديره لتعاون المواطنين وإظهارهم درجة عالية من المسؤولية والوعي في التعامل مع إجراءات الحظر مؤكداً أهمية الابتعاد ما أمكن عن التجمعات والحد من الزيارات خلال العطل القادمة واقتصار الخروج من المنزل لشراء الاحتياجات الأساسية».

ضرورات مستمرة واستثناءات

المتتبع لما يصدر عن الحكومة من توجهات خلال هذه الفترة يصاب بحالة من الفصام والتشتت، بين التشدد بسبب الجائحة والحديث عن السلامة العامة، بمقابل التهاون والتغاضي عما يجري على أرض الواقع من انتهاكات وتجاوزات بما يخص التجمعات وحالات الازدحام، والتي تساهم بجزء كبير فيها مؤسسات الدولة نفسها، مثل: (السورية للتجارة- الصرافات- الخبز)، يضاف الى ذلك واقع الاستثناءات من الحظر والمنع الجارية على قدم وساق، والتي تضرب بعرض الحائط كل الإجراءات الاحترازية، مثل: استثناء بعض القطاعات والمهن، وحتى الأفراد، والتي تم تتويجها بفسح المجال للمزيد من الاستثناءات بنفس الاجتماع أعلاه!.
فقد ورد على صفحة الحكومة ما يلي: «درس الفريق الحكومي طلب اتحاد الحرفيين المتعلق بعودة بعض المهن المتممة للعملية الإنتاجية للعمل بساعات محددة وتم تكليف وزارات الاقتصاد والصناعة والتجارة الداخلية والإدارة المحلية والشؤون الاجتماعية واتحاد العمال التواصل مع اتحاد الحرفيين لتحديد تلك الحرف والمهن ليصار إلى استئناف عملها».

الاستثناء من الظرف الاستثنائي لمصلحة مَن؟

لا شك أن للجائحة انعكاسات اقتصادية اجتماعية بنتيجة التشدد بإجراءات العزل والحجر والحظر، وهو أمر لا بد منه وضروري للحدّ من انتشار الوباء وتقليل عدد المصابين به، ولسنا استثناءً بهذا المجال.
لكن ربما يسجل للحكومة الاستثناء بكثرة الاستثناءات من إجراءاتها وتعليماتها، التي يُعوّل عليها للحفاظ على السلامة العامة!.
فالاستثناءات المتتابعة بالصدور حكومياً، بالإضافة لما يصدر من استثناءات إضافية من قبل المحافظين والوزارات المختلفة، تتعارض مع توجهات وتعليمات المنع والحظر والحجر المستمرة، والتي يتم التأكيد عليها مراراً وتكراراً، والسؤال الذي يفرض نفسه:
ما الذي يحرك الحكومة ويحدد توجهاتها، هل هي الضرورات الصحية والسلامة العامة فعلاً، أم الضرورات الاقتصادية والمصالح الخاصة؟.
طبعاً غيبنا الضرورات المعيشية للغالبية الساحقة والمسحوقة من المواطنين، فهي سلفاً بعيدة عن الاهتمامات الحكومية!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
961
آخر تعديل على الإثنين, 11 أيار 2020 14:00