الزيتون والزيت موسم واعد و«الحال من بعضو»!
سمير علي سمير علي

الزيتون والزيت موسم واعد و«الحال من بعضو»!

بدأت عمليات قطاف الزيتون في كافة المحافظات السورية منذ مطلع الشهر الماضي تقريباً، وما زالت مستمرة، كما بدأت عمليات عصر المحصول لهذا الموسم، الذي اعتبر مبشراً لهذا العام، ومع ذلك فإن معاناة الفلاحين ما زالت على حالها كما كل موسم.

فقد صرّح مدير مكتب الزيتون في وزارة الزراعة، لوكالة «سانا» بتاريخ 23/10/2019، بأن: «الحالة العامة للثمار والزيت المنتج جيدة وعملية القطاف وعصر الزيت تسير بشكل طبيعي»، لافتاً إلى: «زيادة الإنتاج هذا الموسم بنسبة نحو 25% مقارنة بالموسم الماضي، فتقديرات الإنتاج تشير إلى 830 ألف طن زيتوناً و150 ألف طن زيتاً، مقارنة بنحو 700 ألف طن زيتوناً و120 ألف طن زيتاً خلال الموسم الفائت».

تكاليف مرتفعة

معاناة الفلاحين المستمرة في كل موسم مرتبطة بتكاليف الإنتاج المتزايدة عاماً بعد آخر، بالإضافة إلى أوجه الاستغلال الكثيرة التي يتعرضون لها، والمرتبطة غالباً بعمليات التسويق، سواء للزيتون أو للزيت، حيث تتضافر هذه وتلك على الفلاحين بحيث بالكاد يستطيع تغطية تكاليف إنتاج الموسم، وربما مع كفايته من الزيتون والزيت للاستهلاك المنزلي خلال عام ليس إلا.
التكاليف المرتبطة بالموسم كبيرة، اعتباراً من عمليات الحراثة والتقليم الدورية، مروراً بعمليات التسميد والاستصلاح الضرورية، وعمليات مكافحة الآفات والحشرات، وصولاً إلى عمليات الري والسقاية وما تحتاجه من محروقات وشبكات ري، وليس انتهاءً بعمليات القطاف وأجورها المرتفعة، ليصل الفلاح أخيراً إلى أجور نقل المحصول، سواءً إلى الأسواق أو للمعاصر، وأجور المعاصر، مع إضافة أسعار العبوات البلاستيكية والأكياس، وغيرها من التكاليف النثرية الكثيرة الأخرى.
الأمر بالنسبة للفلاحين لا يقف عند هذه الحدود من التكاليف، فالتقيد بالمواعيد له تداعياته الكبيرة على هذه التكاليف أيضاً، حيث تكون سلبية بحال التأخر فيها وذلك ارتباطاً بالحالة الجوية ودرجات الحرارة (التقليم- الحراثة- التسميد والمكافحة- القطاف- العصر..)، وأخيراً، التسويق الذي يبتلع الربح لمصلحة التاجر، سواء كان للزيتون أو للزيت.
بعض الفلاحين في المنطقة الساحلية تضرروا جرّاء إغلاق بعض المعاصر في المنطقة، كونها غير مرخصة، وخاصة أصحاب البساتين القريبة منها، حيث سيضطر هؤلاء لدفع مبالغ إضافية لقاء أجور نقل محاصيلهم، والبعض الآخر تضرر من تسعيرة أجور العصر في المعاصر، وما يتبع عمليات العصر من نفقات جراء نقل مخلفات العملية (ماء الجفت) من أجل استخدامها بعمليات السقاية اللاحقة، أو زيادة هذا السعر مقابل عدم استلام هذه المخلفات.

أسعار الزيت

تتفاوت أسعار زيت الزيتون في الأسواق الداخلية وللمستهلكين، وذلك بحسب كل منطقة ومدى قربها وبعدها عن مركز الإنتاج، وبحسب دور وفاعلية التجار والمسوقين، بالإضافة إلى ما يتم حجزه من كميات الإنتاج مسبقاً من أجل الأسواق الخارجية، سواء عبر عمليات التصدير الرسمي، أو عبر عمليات التهريب كما جرت العادة.
المتوقع هذا العام ألّا يكون هناك اختلاف بالأسعار عما كانت عليه أسعار العام الماضي، فقد أوضح رئيس اتحاد الفلاحين في اللاذقية، عبر إحدى الصحف المحلية بتاريخ 12/9/2019، أنه: «في حال تم تصدير المنتج كما يَعدِ التجار، فإن أسعار الزيتون ستكون مناسبة سواء للفلاح أو للمستهلك، مشيراً إلى أن الغالون سعة 20 ليتراً يباع ما بين 25– 26 ألف ليرة سوريّة منذ العام الماضي»، مشيراً إلى أن: «الأسعار ترتفع تدريجياً حتى نهاية الموسم كما تجري العادة عموماً في المواسم المنتجة».
طبعاً هذا السعر هو وسطي بالنسبة للمستهلك في أسواق المنطقة الساحلية، علماً أن التاجر يشتري من الفلاح بسعر أدنى من ذلك، كما يصل السعر في دمشق إلى ما يتجاوز الـ30 ألفاً للغالون بالنسبة للمستهلكين، وهو أعلى من ذلك بحال بيعه بالمفرَّق.
الخلاصة أن زيادة الإنتاج بنسبة 25% في هذا الموسم، بحسب التصريحات الرسمية أعلاه، لن تنعكس إيجاباً، لا على الفلاحين ولا على المستهلكين، خاصة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما يتم الحديث عنه حول تداعيات مسألة استبعاد زيت الزيتون السوري من السوق العالمية، والذي ردت عليه الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بحسب وسائل الإعلام، بأن: «المواصفة المعدَّلة لم يتم اعتمادها بشكل نهائي، وإنما تتم مناقشتها من مجموعة العمل الإلكترونية في لجنة دستور الغذاء التي لها نقطة ارتباط مع هيئة المواصفات والمقاييس السورية».
لقد كان لهذا الأمر انعكاساته السلبية على الفلاحين، حيث تعتبر هذه التداعيات فرصة مؤاتية للتجار، مسوقين محلييّن ومصدَّرين ومهرِّبين على السواء، من أجل الضغط على المنتجين عبر المزيد من تخفيض الأسعار عليهم بالنتيجة، بذريعة الاستبعاد تلك.

معلومات إضافية

العدد رقم:
938
آخر تعديل على الإثنين, 04 تشرين2/نوفمبر 2019 11:48