أول الرقص حنجلة؟!
عاصي اسماعيل عاصي اسماعيل

أول الرقص حنجلة؟!

وضعت خمسة شركات عامة ضمن خطط التصفية والتشاركية بشكل رسمي، وهي: (شركة بيرة بردى، شركة اليرموك للمعكرونة، شركة الشرق بحلب، شركة غراوي، كونسروة الميادين)، وذلك تحت عنوان تطوير الأداء وتحسينه، ومن أجل الاستمرار بالعملية الإنتاجية.

لا شكَّ أن هذه الشركات متباينة من حيث واقعها ووضعها، وخاصة بعد سني الحرب وتداعياتها التدميرية التي طالتها، كلاً أو جزءاً، كما لا شك أنها بحاجة للكثير من أجل استعادة إنتاجها ومكانتها على خارطة الإنتاج المحلي، سواء من أجل تغطية بعض من حاجات السوق، أو من أجل أن تأخذ دورها على مستوى ما تحققه من قيمة مضافة، باعتبار مكونات إنتاجها الأساسية محلية.

من التطوير للتصفية

لقد نقل عبر وسائل الإعلام، أن مديرة المؤسسة العامة للصناعات الغذائية صرحت أن: «هناك مساعي حقيقية لاستنهاض الشركات المتوقفة في المؤسسة، وتقديم المقترحات لإعادة تشغيلها، تجنباً لخسائر مستقبلية، حيث تم تشكيل لجان لتقييم الأصول الثابتة في الشركات، عبر فرق عمل، وتمت الاستعانة بهيئة التخطيط والتعاون الدولي وهيئة التخطيط الإقليمي، ووزارة الزراعة، واتحاد غرف الصناعة، واتحاد العمال لدراسة وتحليل واقع الشركات المتوقفة، والفترة الزمنية المتوقعة للتنفيذ لإعادة تشغيلها».
هذا التصريح الذي يحمل ضمناً الحفاظ على هذه الشركات وتطويرها، تم نسفه مباشرة من خلال تتمة التصريح.
حيث ورد أنه بالنسبة لشركة بردى، «اقترح أن يتم استثمار الموقع بمشاريع خدمية عن طريق نظام BOT»، على مرحلتين، «الأولى تأجير أجزاء من الشركة بعد سبر سعر السوق للأرض بما يساهم بتأمين رواتب العمال، وذلك عن طريق الإعلان للتأجير، وسيتم ذلك فور الحصول على الموافقة، في حين تضمنت المرحلة الثانية أنّ يتم تحويل الشركة إلى مشروع سياحي يتم الاستفادة من ريعيَّته لإنشاء مشاريع صناعية جيدة، تعود ريعيتها للمؤسسة».
وبالنسبة لشركة اليرموك، فاقترحت المؤسسة «أن يتم طرحها على التشاركية وفق توجهات الحكومة، إما بنفس النشاط، أو بنشاط بديل ملائم للمواد الأولية الموجودة في المنطقة».
وبالنسبة لشركة الشرق في حلب، «يتم حالياً إعداد دراسة جدوى اقتصادية لخط حليب منكَّهٍ في معمل الألبان.. كما تم إعداد دراسة جدوى اقتصادية لإعادة تأهيل خط البيرة غير الكحولية.. ويتم حالياً التفاوض مع بعض الشركات لإمكانية المشاركة.. وبخصوص خط البيرة الكحولية فقد تم إعداد دراسة جدوى اقتصادية لإعادة تأهيله.. وتمويل المشروع بقرض».
أما شركة غراوي، «اقترح الاستفادة من العقارات المتوفرة فيها عن طريق الإعلان للتأجير أو التشغيل، وذلك ريثما يتم تحضير ملف لاستثمار موقع الشركة وفق التشاركية مع القطاع الخاص».
وبالنسبة لكونسروة الميادين، «يتم حالياً إعداد دراسة جدوى اقتصادية لإعادة تشغيل المعمل، على أن يقام فيها معمل لحوم باردة كنشاط بديل عن الكونسروة»، ولعل هذا المعمل هو الاستثناء الوحيد ضمن القائمة أعلاه، حيث فعلاً تم الحفاظ عليه مبدئياً، بانتظار ما ستسفر عنه دراسة الجدوى الاقتصادية طبعاً.

سياسات إضعاف الدولة

ربما ليس مستغرباً البدء بعمليات التصفية لبعض المعامل والمنشآت الصناعية العامة، وخصخصتها تباعاً تحت عناوين «التشاركية» و«الاستثمار» وغيرها من العناوين الحكومية «الرنانة» المتناسبة مع سياساتها المعلنة ذات الجوهر والطبيعة الليبرالية المحابية لمصالح المستثمرين على طول الخط، وعلى حساب قطاع الدولة والاقتصاد الوطني والمصلحة الوطنية، طالما ذرائع (التوقف عن العمل- الدمار- الحصار- العقوبات)، هي البوابات التي تمرر من خلالها كل الموبقات.
بانتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة من عمليات تصفوية جديدة تطال قطاعنا العام الاقتصادي، والمنتج منه بشكل خاص، فأول الرقص حنجلة كما يقولون، والحبل ع الجرار، فسياسات إضعاف دور الدولة مستمرة، ولا مانع لدى متبنيها، والقائمين عليها والمستفيدين منها، من الوصول بها للعجز والاستسلام على ما يبدو.

معلومات إضافية

العدد رقم:
938
آخر تعديل على الإثنين, 04 تشرين2/نوفمبر 2019 11:44