جفاف بحيرة المزيريب إنذار يتطلب الجدية

جفاف بحيرة المزيريب إنذار يتطلب الجدية

ضرب الجفاف مجدداً بحيرة المزيريب هذا العام، وجرى تداول صور هذه البحيرة وقد فرغت من مائها تماماً، فالموضوع لم يعد يقتصر بالحديث عن انخفاض منسوب المياه فيها، بل وصل لحد الجفاف التام، حيث ظهر قاعها المتشقق كإعلان وشهادة وفاة لهذه البحيرة، تنذر بكارثة اقتصادية وبيئية.

البحيرة التي كانت تعتبر معلماً من معالم درعا، ومركز استقطاب سياحي شعبي لجميع السوريين، والأهم: المصدر المائي لمحافظتي درعا والسويداء، باعتبارها من أكبر المسطحات المائية الطبيعية في المنطقة الجنوبية، غابت مياهها وانحسرت برغم موسم الأمطار الواعدة خلال فصل الشتاء الماضي.

ظاهرة ملفتة ومتكررة

الملفت بموضوع جفاف البحيرة هذا العام هو تسارعه، فمنذ شهرين فقط كانت شبه ممتلئة بالمياه، وجرى تداول صور مبشرة لهذه البحيرة من خلال تقرير مصور لوكالة سانا بتاريخ 12/7/2019 لتؤكد ذلك، ثم ما لبثت أن جفت بسرعة كبيرة استدعت الكثير من التساؤلات، فقد عكست صورها الجديدة الحال المأساوية التي حلت بها، وما سيحمله ذلك من آثار وتداعيات سلبية على الطبيعة والبيئة والزراعة والسكان في المنطقة.
بحسب الأهالي فإن انخفاض منسوب مياه البحيرة خلال فصل الصيف يعتبر أمراً طبيعياً، وذلك ارتباطاً بمصادر تغذيتها، وخاصة مياه الأمطار، لكن واقع هذا البحيرة تغير منذ عدة أعوام فقط، حيث أصبح جفافها التام حتى القاع أمراً دورياً لا يبشر بالخير.
بعض الأهالي أكدوا أن الاستخدام والاستجرار الجائر لمياه البحيرة والمياه الجوفية عموماً في حوضها من أهم أسباب انخفاض منسوبها وصولاً لجفافها الذي أصبح موسمياً، سواء كان هذا الاستجرار من أجل مياه الشرب أو من أجل سقاية المزروعات، وهو ما سبق أن جرى الحديث عنه مراراً وتكراراً خلال السنوات الطويلة الماضية، وخلال سنوات الحرب والأزمة، التي تزايدت خلالها الفوضى بالترافق مع حال الاستهتار واللامبالاة، حيث تزايد عدد الآبار المخالفة في المنطقة، كما تزايد التعدي الجائر على المياه الجوفية فيها بشكل عام.

تأكيد رسمي ورأي علمي

على المستوى الرسمي والعلمي المختص، فقد وضح مدير الموارد المائية في درعا عِبر إحدى الصحف الرسمية مؤخراً، بأن: «الانخفاض في غزارة نبع المزيريب قد بدأ منذ العام 1992 وأصبح أكثر وضوحاً بدءاً من عام 1997 وحتى تاريخه، كما أنّ جفاف البحيرة وتوقف النبع عن التدفق قد حصلا منذ عدة سنوات، ومثله نبع زيزون، حيث أصبحت تلك الينابيع موسمية تجف صيفاً وتنبع شتاءً، وبالتحديد تتوقف في أشهر التحاريق من كل عام من جرّاء تزايد الاستهلاك والاستجرار من المياه الجوفية في هذه الأشهر، وخاصةً من الآبار سواءً الزراعية منها أو المخصصة للشرب».
وبيّن مدير الموارد المائية: «أن المتتبع لواقع المياه في المحافظة يلمس هذا التراجع، والذي رافقه أيضاً ومنذ عدة عقود جفاف تام لينابيع عديدة منتشرة على كامل مساحة المحافظة «الغزولي– بندك– الطاحونة– العجمي– الأشعري– السريا– عين البصل– الميسري– الشيخ سعد– المحيرس– دير لبو– الصفصافة– عشترا»، ويعود سبب ذلك بشكل رئيس إلى انخفاض في الهطولات المطرية والثلجية السنوية، حيث تمر المنطقة بدورة مناخية جافة منذ سنوات عديدة، ما أثّر في مخزون المياه الجوفية، وتسبَّب بانخفاض مناسيبها، ناهيك بالتطور الكبير الذي حدث على صعيد القطاع الزراعي والصناعي في المحافظة، وزيادة المساحات المروية جراء تزايد عدد الآبار النظامية والمخالفة ما بين تسعينات القرن الماضي والوقت الحالي، لذلك كلِّه فإنّ ما يحدث اليوم في نبع المزيريب وجفاف البحيرة كان متوقعاً منذ سنوات سابقة بناء على الدراسات والقياسات المستمرة».

المطلوب عاجلاً

إن موضوع المياه يعتبر من الأولويات في المنطقة، ليس على مستوى توفير مياه الشرب فقط، بل على مستوى تأمين مياه الرّي فيها، باعتبارها منطقة زراعية.
فالزراعة في المنطقة الجنوبية بالإضافة إلى كونها مصدر رزق للفلاحين فهي بالمقاييس الاقتصادية مرتبطة بالأمن الغذائي أيضاً، لذلك ربما لا بدّ من بعض الإجراءات الضرورية والسريعة في هذا المجال، درءاً لمخاطر قد تصبح أسوأ مع مرور الوقت، سواء بالنسبة لأهالي المنطقة من الفلاحين، أو بالنسبة للواقع الاقتصادي العام، بالإضافة طبعاً إلى الواقع البيئي، ناهيك عن الاستقطاب السياحي، وجميعها عوامل تستدعي المسؤولية، ولعل ذلك يتطلب بداية:
إزالة كافة المخالفات المائية القائمة في المنطقة.
تقنين استخدامات المياه وحسن استثمارها.
منع التعدي على المصادر المائية في حوض البحيرة.
القيام بإجراءات رادعة من أجل وقف حفر المزيد من الآبار المخالفة في المنطقة.
إعادة الاهتمام بمشاريع الري في المنطقة، بكلّ جدية وسرعة، باعتبارها منطقة زراعية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
927
آخر تعديل على الإثنين, 19 آب/أغسطس 2019 15:09