كارثة مرض الجلد العقدي والاستهتار الرسمي
سمير علي سمير علي

كارثة مرض الجلد العقدي والاستهتار الرسمي

ما زالت نتائج وآثار وتداعيات انتشار مرض الجلد العقدي عند الأبقار في منطقة الغاب تفعل فعلها، حاصدة المزيد من أعداد الأبقار النافقة مع ما يعنيه ذلك من خسائر كبيرة محققة يتكبدها المرّبون.

فقد ورد عبر صحيفة الفداء بتاريخ 14/7/2019 ما يلي: «الكابوس الذي أرعب أهالي جورين وناعور جورين بسبب مرض الجلد الكتيلي العقدي، أو جدري الأبقار، والذي كبدهم خسائر بالملايين انتقل إلى القرى المجاورة في الخندق والفريكة والحرة وتل الفار وتل التتن والعبر، وإصابات بالجملة، ونفوق وخسائر بالملايين لمربي الأبقار».

خسائر كبيرة وديون

انتشار المرض بالنسبة للمربين يعتبر كارثة حقيقية، فأعداد رؤوس الأبقار المحدودة التي يملكها هؤلاء تعتبر مصدر الرزق الوحيد بالنسبة لغالبيتهم، ومع نفوق جزء من هذه الرؤوس نتيجة المرض فإن خسارتهم لن تعود محصورة بقيمة هذه الرؤوس على الرغم من سعرها المرتفع، حيث يبلغ سعر البقرة بحدود مليون ليرة، بل ستكون انعكاساته على مستوى معيشتهم التي ستزداد تدهوراً نتيجة خسارتهم لجزء من مصدر رزقهم، خاصة وأن غالبية هؤلاء قد تراكمت عليهم الديون خلال الفترة الماضية لقاء تأمين معالجة الأبقار المصابة، ومحاولة تحصين غير المصابة منها، فأجور الطبيب البيطري تبلغ 5000 ليرة عن كل زيارة، وقيمة القشة التي يتم زرق البقرة بها بحدود 2000 ليرة، وحول ذلك نقلت صحيفة الفداء عن لسان أحد الأطباء البيطريين ما يلي: «إن المديرية تبيعنا القشات مما نضطر لبيعها إلى المربين»، والحديث عن مديرية الثروة الحيوانية.

تقصير رسمي

المؤسف في الأمر، أن الجهات المعنية لم تقم بواجبها على هذا المستوى كما يجب، حيث أوردت صحيفة الفداء بهذا الصدد على لسان أحد المربين ما يلي: «كان يجب على الثروة الحيوانية أن تلقّح الأبقار ضد هذا المرض من شهر نيسان، ولكن لم يلقحوا لهذا العام».
وربما تجدر الإشارة بهذا الصدد لما ورد عِبر وكالة سانا بتاريخ 29/6/2019، «تجاوزت نسبة التعافي والشفاء من جائحة مرضية تسمّى التهاب الجلد العقدي التي تعرضت لها أعداد من رؤوس الأبقار في منطقة الغاب في محافظة حماة مطلع الشهر الحالي 80% نتيجة للإجراءات والتدابير الوقائية والعلاجية المتخذة من قبل الجهات المعنية».
وبحسب سانا: «أشار مدير الثروة الحيوانية في هيئة الغاب إلى أن الفرق الطبية البيطرية والفنية لدى الهيئة وضعت كل إمكاناتها وقدراتها لتطويق المرض، وعلاج رؤوس الأبقار المصابة به، وذلك بالتعاون مع الجهات الإدارية في المنطقة /البلديات/ والأهالي مبيناً أنه تم التركيز أيضاً على تكثيف حملات التحصين الوقائي وإعطاء اللقاحات لقطعان الأبقار، والتي عادة ما تجري مرتين في العام خلال شهري أيار وتشرين الثاني بعقاقير ولقاحات مختبرة ومعتمدة بامتياز يتم استجرارها من مديرية الصحة الحيوانية في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، مع التركيز على الجانب الوقائي والقضاء على ناقل المرض المتمثل بالذباب والبعوض والتنسيق مع الوحدات الإدارية لتنفيذ حملات رش ومكافحة لها».
في المقابل، وبعد شهرين من التصريح أعلاه قال مدير الثروة الحيوانية بحسب ما نقل عنه عِبر صحيفة الفداء: «قمنا بتحصين الأبقار بجرعة داعمة في منطقة جورين وخراب الشيخ وخراب قيطازو وشطحة، وكذلك قرية الخندق والحرة والعبر، لأنه ظهر بها إصابات، وتوجد حالات مُعنّدة بالعلاج وإصابتها قوية بحاجة إلى شهر ونصف للعلاج في جورين، والنفوق 14 رأساً، والحملة مستمرة بالتحصين، ولم تسجل أية حالة جديدة حتى الآن وبعض القرى لا توجد بها إصابات، ولكن بعض الجهات قامت بتهويل الوضع من أجل التعويض».
ونتساءل مع المربين عن حقيقة وفاعلية الإجراءات التي تم الحديث عنها رسمياً أعلاه، مع واقعة استمرار انتشار المرض، وتزايد أعداد الأبقار النافقة؟.

التعويضات من الجهات المانحة بدلاً من الحكومة

كما نتساءل عن مفردة «التهويل» التي تم ربطها مع مفردة «التعويض» بهذا السياق، وكأن مطالبة الفلاحين بالتعويض عن خسارتهم لمصدر رزقهم تعتبر خارج حدود الحقوق، بل وكأنها خارج حدود مسؤوليات الجهات الرسمية بما فيها مديرية الثروة الحيوانية في هيئة تطوير الغاب نفسها؟!
ولعل ما يلفت النظر حيال موضوع التعويضات والمطالبة بها، هو ما تم نقله على لسان مدير الثروة الحيوانية عبر صحيفة الفداء بحسب شهادة أحد المربين، أنه قال: «إنه سيعوض لي عن طريق إحدى المنظمات الدولية»، وطلب منه التوقيع على ورقة مفادها (أنا المواطن... من قرية الخندق لقد نفقت عندي خمس بقرات بسبب مرض جدري البقر)، أي: أنّ الإقرار بالحق بالتعويض موجود وفقاً لهذا الأساس، لكنه أصبح مرتبطاً بالجهات والمنظمات الدولية المانحة، وليس بمؤسسات الدولة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
923
آخر تعديل على الإثنين, 22 تموز/يوليو 2019 12:56