أهالي عفرين الراسخون برغم الظلم والإرهاب
بقي من بقي من أهالي عفرين، الراسخين كرسوخ جبالها وأشجار الزيتون فيها، رغم كل ممارسات الإرهاب والفوضى والإذلال، في قراهم وبيوتهم، متحملين جحيم الاحتلال التركي، وقذارة مرتزقته من المسلحين، وأتباعه من المستغلين، منتظرين يوم الخلاص، لعودة وطنهم سورية إليهم وعودتهم إليها عبر إعادة سيطرة الدولة على المنطقة.
لم تكتف قوات الاحتلال ومرتزقتها من المجموعات المسلحة بما سلبوه واستولوا عليه من أملاك وبيوت ومركبات المواطنين، ومازالت هذه الممارسات مستمرة إلى اليوم، بل استكملت بالابتزاز اليومي والإتاوات والإهانات وعمليات الخطف، وحتى القتل في بعض الأحيان.
وبالحديث عن ضحايا القتل، فقد كان آخر الضحايا على هذا المستوى ما جرى لشابين كانا قادِميْن من ريف عفرين بسياراتهم للتزود ببعض الخضار وبعض الاحتياجات الأخرى منها، وما كان من المرتزقة المسلحين إلا أن أردوهم قتلى، هكذا..
استيلاء على المحاصيل وتحكم بها
عكفت قوات الاحتلال التركي بالتعاون مع المجموعات المسلحة المؤتمرة بها على الاستيلاء على المحاصيل الزراعية، علماً أنها المصدر الوحيد لعيش المواطنين في المنطقة، وهذا ما جرى مع موسم الزيتون الماضي، وما يجري اليوم مع مواسم المزارعين من المحاصيل الحقلية، كالقمح والشعير، وأيضاً الفواكه والثمار الأخرى، من رمان وكرز ودراق وغيرها.
يتحمل الفلاحون تكاليفاً باهظة على عملية الإنتاج الزراعي، بسبب الغلاء الفاحش على أسعار مستلزمات هذا الإنتاج المتحكم بها من قبل بعض التجار والسماسرة المحسوبين على المجموعات المسلحة، من مازوت وبذار وسماد وغيرها، بالإضافة إلى المبيدات العشبية والحشرية، علماً بأنها ذات نوعية رديئة، فقد رش الفلاحون مزروعاتهم ثلاث مرات بهذه المبيدات ولم تعط النتيجة المرجوة منها، ما زاد من تكاليف الإنتاج، وبالتالي لم يحصدوا محصولاً جيداً، فخرجوا خاسرين بالنهاية، خاصة وأن هؤلاء التجار والسماسرة هم من يتحكمون بأسعار التسويق للمنتجات والمحاصيل الزراعية، حيث يقومون بتخفيض هذه الأسعار لأدنى ما يمكن من أجل الحصول على أعلى نسبة ربح ممكنة.
فعلى سبيل المثال: كان سعر الشعير 75 _80 ليرة سورية، والقمح بـ100 ليرة سورية، علماً أن الأسعار الرسمية عند الدولة هي 120 ليرة للشعير، و175 للقمح، وكذلك هي حال النسبة والتناسب على أسعار بقية المنتجات الزراعية، ولكم أن تتخيلوا حجم النهب والاستغلال الذي يكون فيه الفلاحين وأسرهم هم الضحايا، وعلى حساب معيشتهم وضروراتهم الحياتية.
ممارسات إرهابية مستمرة
ما زالت المجموعات المسلحة تصول وتجول بدون أي رادع في المنطقة، كما لم يزالوا حتى الآن يُخرجون الناس من بيوتهم بدعوى أنهم سيسكنون عائلات المسلحين أو عائلات قادمين من الداخل السوري، كما ما يزل المعتقلون والموقوفون من قبل هذه المجموعات من أهالي عفرين لا يُعرف مصيرهم حتى الآن، بالإضافة إلى أن عمليات الاعتقال والتوقيف ما زالت مستمرة.
فتهمة الاعتقال جاهزة، ألا وهي الانتماء إلى «حزب الاتحاد الديمقراطي» أو التعامل مع سلطة «الإدارة الذاتية»، وبكل سهولة يمكن تلفيق هذه التهم على أي كان، ولأي سبب، بما في ذلك تصفية الحسابات الشخصية!.
في مقابل كل ذلك، ما زالت الكثير من القرى في المنطقة مهجورة حتى الآن، حيث لا يسمح للأهالي بالعودة إلى قراهم وبيوتهم وأرضهم، ودون أية أسباب، إلا الترهيب والقهر وتكريس التشرد، رغم أن هؤلاء يعانون من العيش في مخيمات العراء جراء برد الشتاء وحر الصيف، في ظروف تعتبر مفردة «قاسية» مقابلها محدودة وغير معبرة عن واقعهم، حيث يعيشون على ما يقدم لهم من مواد الإعانة والإغاثة والمساعدات.
والسؤال على ألسنة سكان عفرين وأهلها، من بقي فيها في ظل هذا الظلم والإرهاب، أو تهجر منها بانتظار العودة إليها بكل دقيقة وكل ثانية: متى سيرحل المحتل التركي وأتباعه من المجموعات المسلحة والمرتزقة عن أرضهم وقراهم وبيوتهم، وعن كاهل هذا الشعب البسيط الذي عانى ويعاني بأشكال مختلفة منذ ثماني سنوات وحتى الآن؟.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 918