مسابقة التربية.. فرصة للبعض وظلم لآخرين
عادل إبراهيم عادل إبراهيم

مسابقة التربية.. فرصة للبعض وظلم لآخرين

بدأت مطلع الأسبوع الماضي عملية تقديم الأوراق الثبوتية في مديريات التربية في المحافظات، للتقدم للمسابقة المعلن عنها من قبل وزارة التربية لانتقاء 15 ألف معلم ومعلمة لتعيينهم بوظيفة معلم من الفئة الثانية، وذلك لمن مارس مهنة التعليم بالوكالة لمدة لا تقل عن 500 يوم في مدارس الحلقة الأولى من مرحلة التعليم الأساسي.

المسابقة أعلاه، وإن أتت متأخرة، إلا أنها تعتبر فرصة منتظرة منذ زمن من قِبَل المعلمين الوكلاء، ومع ذلك فإن الشروط المعلن عنها كانت بنظر البعض من هؤلاء غير منصفة، حيث من الممكن أن يتم استبعادهم من المسابقة وفقاً لبعض الشروط، وبالتالي سيفقد هؤلاء حقهم وفرصتهم بالتعيين أسوة بزملائهم، ناهيك عن بعض الملاحظات الإضافية على شروط التقدم للمسابقة التي طال انتظارها.

شروط وضوابط

فقد أصدرت وزارة التربية القرار رقم 943/1126 تاريخ 30/4/2019 والمتضمن الإعلان عن المسابقة أعلاه، وفق شروط وضوابط ومواعيد محددة، على أن تصدر الوزارة لاحقاً قرارات بأسماء المقبولين للاشتراك في المسابقة لكل مديرية على حدة، يحدد بها مكان وموعد الامتحان التحريري المؤتمت، ثم تصدر قرارات بأسماء الناجحين في كل مديرية، يلي ذلك إصدار قرارات بأسماء المقبولين للتعيين من الناجحين حسب تسلسل درجات النجاح، بعد اعتماد الجهاز المركزي للرقابة المالية نتائج المسابقة، لتستكمل الوثائق الأخرى المطلوبة للتعيين وفقاً لقانون العاملين الأساسي، وهي لا شك سلسة إجراءات قانونية طويلة.
ومن الشروط للتقدم للمسابقة:
صورة مصدقة عن شهادة الدراسة الثانوية العامة أو ما يعادلها.
بيان خدمة بمدد التعيين بالوكالة التي أداها الراغب بالتعيين مصدقة من مديرية التربية وعلى مسؤوليته حسب الأصول، على أن يكون قد أتمَّ الــ/500/ يوم بتاريخ 30/5/2019 نهاية العام الدراسي.
تصريح خطي يتضمن أن صاحب الطلب غير منتسب إلى إحدى الجامعات الحكومية أو الخاصة والمعاهد العليا أو المتوسطة.
تعهد خطي بقبول التعيين في المدارس التابعة لمديرية التربية للمجمع التربوي أو المنطقة التعليمية الذي تقدم لصالحه لمدة لا تقل عن خمس سنوات، دون التقدم بطلب منه للنقل أو الندب أو الإعارة أو التكليف أو تحديد مركز العمل إلى مديرية أخرى أو الندب أو التكليف خارج مدارس المجمع التربوي.
وقد بدأ تقديم الطلبات في ديوان مديريات التربية اعتباراً من يوم الأحد الواقع في 9/6 وسينتهي بنهاية الدوام الرسمي من يوم الخميس الواقع في 4/7/2019.

فرصة طال انتظارها وشروط استبعاد

لا شك أن المسابقة الوزارية تعتبر إيجابية خاصة وأنها أتت بعد طول انتظار، كما أنها تعتبر فرصة للمعلمين الوكلاء للانتقال إلى حال الاستقرار والتثبيت بالعمل، وما يرتبط به على مستوى الحقوق المترتبة لهم.
في المقابل لا بد من الإشارة إلى أن عدد المعلمين الوكلاء الذين يبحثون عن فرصتهم وحقهم بالتثبيت أكبر بكثير من العدد المطلوب للتعيين بموجب المسابقة أعلاه والبالغ 15 ألف فقط، لكن لعل الشروط الموضوعة وحدها كفيلة باستبعاد العدد الأكبر من هؤلاء، وخاصة على مستوى شرط مدة الخدمة، المتصلة أو المنفصلة، ناهيك عن دور الشروط الأخرى على هذا المستوى، والتي لا يمكن تبويبها إلّا أنها شروط استبعاد، تحمل في طياتها ظلماً للبعض من هؤلاء.

شرط غير واضح

من جملة الشروط المطلوبة للتقدم لمسابقة الانتقاء كما ورد أعلاه «أن يكون حائزاً على شهادة الدراسة الثانوية العامة بفرعيها الأدبي والعلمي أو ما يعادلها»، وهو ما تم التوقف عنده من قبل بعض المعلمين الوكلاء، فمفردة «ما يعادلها» التي أتت ضمن الشرط ربما بحاجة للتفسير، فحملة الشهادة الثانوية بفروعها التجارية والفنية والنسوية والشرعية ممن عملوا كمعلمين وكلاء في مدارس الحلقة الأولى قد يفقدون حقهم بالتقدم للمسابقة إن لم يتم لحظهم صراحة بهذه الشرط، خاصة وأن غالبية هؤلاء تنطبق عليهم بقية الشروط، بما في ذلك عدد أيام ممارسة المهنة التي تزيد عن 500 يوم، متقطعة أو منفصلة.
فالكثيرون من المعلمين الوكلاء هم من حملة الشهادات الثانوية الفنية والتجارية والنسوية، وتنطبق عليهم شروط المسابقة بحسب التعليمات أعلاه، وبعضهم تقدم بأوراقه الثبوتية للمسابقة، لكن هؤلاء لا يعلمون هل ستتم الموافقة على طلباتهم أم لا، في ظل عدم وضوح هذا الشرط تماماً؟!، علماً أن حقهم بالتثبيت بموجب المسابقة يجب ألا يقل عن حق بقية زملائهم افتراضاً، خاصة وقد قبلوا مسبقاً أن يكونوا معلمين وكلاء بموجب هذه الشهادات، وأصبح لديهم سنين طويلة من الخدمة بالإضافة إلى الخبرات المتراكمة، بما في ذلك خضوع الكثيرين منهم للدورات التي أقيمت من أجل المناهج أو غيرها.

شرط مجحف

أما الشرط الأكثر إجحافاً بالنسبة للبعض من هؤلاء، والذي لم يجدوا له مبرراً فهو شرط: «تصريح خطي يتضمن أن صاحب الطلب غير منتسب إلى إحدى الجامعات الحكومية أو الخاصة والمعاهد العليا أو المتوسطة»، فبعض المعلمين الوكلاء هم طلاب جامعيين أصلاً، بل بعضهم خريج ربما، وعملهم بالتعليم بالوكالة في مدارس الحلقة الأولى طيلة السنوات الماضية لا يعتبر مصدر دخل من أجل تحمل عبء تكاليف المعيشة في ظل واقع التردي المعيشي العام فقط، بل يعتبر عاملاً مساعداً لاستكمال تحصيلهم العلمي الجامعي المشروع، ولم يكن ذلك على حساب مسؤوليات عملهم وواجباتهم في مدارسهم وتجاه تلاميذهم.
فهؤلاء لم يجدوا أي تبرير لهذا الشرط سوى استبعادهم من المسابقة دون وجه حق، وبالتالي فقدان حقهم المشروع أسوة بزملائهم بالاستقرار بعملهم في التعليم.
فالشرط المجحف أعلاه من الناحية العملية سيتم بموجبه استبعاد هؤلاء من التقدم للمسابقة، وكأن استكمال التحصيل العلمي في المرحلة الجامعية أصبح عامل إدانة لهم، بدلاً من أن يكون عامل تحفيز ومساعدة!.
فهل المطلوب من هؤلاء أن يتخلوا عن حقهم المشروع بالتحصيل العلمي بالمرحلة الجامعية، أم التخلي عن حقهم المشروع بالتقدم للمسابقة أسوة بزملائهم؟.

خطوة استباقية

لعل الشرط السابق، بالإضافة إلى كونه يستبعد أعداداً لا بأس بها من التقدم للمسابقة ويحرمهم من حقهم، فهو لا يمكن تبويبه إلا أنه خطوة استباقية من وزارة التربية لضمان عدم المطالبة لاحقاً بتعديل فئة التعيين لهؤلاء حال نجاحهم المسابقة أعلاه، من الفئة الثانية إلى الفئة الأولى، عند حصولهم على المؤهل الجامعي الذي تعبوا من أجل الحصول عليه أثناء قيامهم بمهامهم الوظيفية وهم على رأس عملهم، وفقاً لما ينص عليه قانون العاملين الأساسي كحق للعاملين بشكل عام.
ولا ندري ما هي المؤشرات التي تخشى منها الوزارة بحال جرى ذلك؟ فالحاجة للمعلمين والمدرسين هي حاجة دائمة ومستمرة ومتنامية، وخاصة على مستوى التخصصات الجامعية المختلفة، حيث يفسح المجال أمام هؤلاء الخريجين لاحقاً من استكمال مهامهم بالتدريس على أرضية امتلاكهم الخبرات المتراكمة بالمجال التعليمي بالتوازي مع تخصصهم الجامعي، وهي لا شك خبرات مطلوبة، ناهيك عن أن ذلك ربما يخفف من عبء المسابقات المرتبطة بالفئة الأولى وما يرتبط بها من شروط هي الأخرى.
وكأن القائمين على وضع التعليمات والشروط يفسحون المجال سلفاً لوضع الكثير من الملاحظات عليها، بالإضافة إلى إدراكهم المسبق بأن هذه التعليمات والشروط ستستبعد الكثيرين من أصحاب الحقوق من الوصول لحقهم!.
ونختم بإيراد ما قاله أحد المعلمين الوكلاء، ممن استبعدتهم الشروط أعلاه: «بحياتها ما ح تكمل معنا».

معلومات إضافية

العدد رقم:
918
آخر تعديل على الإثنين, 17 حزيران/يونيو 2019 12:56