في رمضان الكريم.. تعددت الأسباب وجحيم الأسعار واحد
بدأ الرمي التمهيدي على جيوب المواطنين مع اقتراب المعركة السعرية الجديدة المترافقة مع حلول شهر رمضان الكريم والمبارك في جيوب المستغلين، فقد ارتفعت أسعار غالبية المواد في الأسواق، وخاصة المواد والسلع الغذائية.
لا جديد ربما في هذا الصدد، حيث اعتاد التجار على رفع الأسعار بسبب وبدونه، فكيف وقد تعددت الأسباب والذرائع لديهم مؤخراً، من الدولار وسعر الصرف، إلى الحصار والعقوبات، ثم أزمة المحروقات الأخيرة؟! فكل منها تعتبر سبباً كافياً ووافياً بالنسبة للتجار والمتحكمين بالأسواق لرفع الأسعار.
استنفار دوافع التحكم والاستغلال
الخضار والفواكه واللحوم والحلويات والألبان والأجبان وبقية السلع التموينية، وغيرها الكثير من السلع، بدأت أسعارها بالارتفاع تدريجياً، فكل يوم يقترب فيه رمضان من الأبواب ترتفع مقابله الأسعار، خاصة وأن عمليات الطلب على البضائع والسلع ترتفع بهذه المناسبة، وبالتالي، الحجة موجودة ومتوفرة على هذا الأساس وفقاً لمعادلة العرض والطلب في السوق، التي يدفع بها المتحكمون بهذه الأسواق إلى الواجهة عند الحديث عن مبررات رفع الأسعار، بالإضافة إلى مبررات ومسوغات أزمة المحروقات وأسعارها طبعاً، باعتبارها معطىً جديداً لا يمكن إغفاله أو تجاهله.
فالمحروقات بالإضافة إلى كونها أحد مستلزمات العملية الإنتاجية. وبالتالي، فإن توفرها وأسعارها تؤثر بشكل مباشر على قيمة المنتج النهائي، صناعي أو زراعي، فإنها كذلك تدخل في حسابات التكلفة النهائية على مستوى أجور نقل البضائع والسلع التي ترتفع بارتفاعها، في سلسلة تطال بالنتيجة أسعار كافة السلع والبضائع والخدمات في الأسواق.
طبعاً يضاف إلى عوامل ومبررات رفع الأسعار أعلاه، العوامل الإضافية الأخرى المرتبطة بالمواسم، حيث تستنفر دوافع الاستغلال لدى المتحكمين في الأسواق وتتزايد، فترفع بدورها الأسعار وفقاً لما توفره إمكانات الاستغلال والجشع لديهم من أجل تحقيق أعلى معدلات «ربح» ممكنة ومتاحة من جيوب المستهلكين.
فروقات كبيرة
الخضار والفواكه تبدو أسعارها تسير نحو الانخفاض بالمقارنة مع أسعار الشهر الماضي باعتبارها سلع موسمية، مثل: الفاصولياء والبازلاء والفول والبندورة والباذنجان وغيرها، لكن واقع الحال يقول: إنها ارتفعت في حال المقارنة مع أسعار موسم العام الماضي، حيث يظهر الارتفاع السعري عليها جلياً، وإن كان بنسب أقل عن غيرها من السلع نظراً لكون موسم هذا العام يعتبر جيداً ناحية كمّ الإنتاج بالنسبة لهذه الأنواع من الخضار، البازلاء مثلاً: كانت بحدود 75 - 100 ليرة الموسم الماضي، بينما يقارب سعرها هذا الموسم حدود 350 ليرة، وكذلك الفول الأخضر.
اللحوم ارتفعت أسعارها بشكل محدود نسبياً بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، على عكس الألبان والأجبان التي ارتفعت أسعارها بشكل لافت، وما زالت تسجل المزيد من الارتفاعات بين يوم وآخر، وبالمقارنة مع أسعار العام الماضي، فالحليب مثلاً كان بحدود 225 ليرة، أصبح بحدود 250 ليرة، والجبنة الحلوم كانت بحدود 2000 ليرة أصبحت بحدود 2500 ليرة.
الأسوأ على مستوى ارتفاعات الأسعار غير المسبوقة كانت المواد التموينية، مثل: السكر والرز والبرغل والسمون والشاي والقهوة والحليب المجفف وغيرها، فقد شهدت هذه المواد ارتفاعات كبيرة بالأسعار خلال الأيام الماضية، وبالمقارنة مع العام الماضي أيضاً، وما زالت تسجل المزيد من ارتفاعات الأسعار، فالسكر مثلاً: كان بحدود 225 ليرة أصبح بحدود 300 ليرة، والرز وسطياً كان بحدود 450 – 500 ليرة، أصبح وسطياً بحدود 600 – 700 ليرة، وقس على ذلك.
معركة محسومة
إذا كانت بعض مبررات رفع الأسعار المرتبطة بسعر الصرف وبالمحروقات تعتبر «مشروعة» بالمحاججة بالنسبة للتجار، طبعاً في حال كانت حسابات التكلفة، وبالتالي السعر النهائي، حقيقية، وهو الأمر غير الموجود، فإن مبررات الجشع والمزيد من الأرباح من بوابة الاستغلال لا يمكن اعتبارها مشروعة، ولا يمكن المحاججة بها في حال من الأحوال، لكنها تُفرض على المستهلكين فرضاً بالمحصلة، خاصة وأن أدوات التسعير والرقابة على الأسواق محدودة لدرجة الغياب، ناهيك عن غضّ الطرف وعوامل الفساد.
فالمعركة بالنتيجة مفروضة ومتحكم بها وبنتائجها بشكل مسبق، الرابح بها طبعاً هم كبار التجار والمستغلين، الذين سبق وأن ابتعلوا السوق وأدوات التحكم به، وهم يستكملون ابتلاع ما يتبقى في الجيوب على شكل دفعات نقدية يومية من وعلى حساب المستهلكين.
مزيد من التردي المعيشي
النتيجة النهائية المحسومة، هي: مزيد من ارتفاعات الأسعار، التي تعني مزيداً من التخفيض على معدلات الاستهلاك، والتي تؤدي إلى المزيد من التردي المعيشي، في منحنى بياني منحدر، وسوف يستمر بالانحدار، وصولاً للمزيد من العوز وسوء التغذية، وما يصاحبها من تداعيات وأمراض بالنهاية، في ظل أنماط وأدوات التحكم التي سيطر عليها كبار التجار والمستوردين، مع التغاضي الحكومي، واستمرار الإنكار لأهمية وضرورة تحسين المستوى المعيشي بشكل حقيقي عن طريق زيادة الأجور، كبداية لا بدَّ منها، ليس من أجل وقف التدهور المعيشي فقط، بل من أجل الحفاظ على الحياة واستمرارها.
ورمضان كريم..!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 911