الرقة.. تدهور الصحة والتعليم.!
منذ اندلاع الأحداث وانفجار الأزمة، تعرض القطاعان الصحي والتعليمي في محافظة الرقة، كما غيرها من المحافظات السورية الأخرى، لانتكاسة فوق تراجعهما السابق نتيجة السياسات الليبرالية التي مارستها الحكومات المتعاقبة.
فما أن بدأت بنادق الحرب تلعلع، حتى أغلقت المدارس وكليات جامعة الفرات فيها، حيث عمّت الفوضى ومُنع التعليم، وكذلك تسارع تراجع المشافي والمراكز الصحية عن أداء خدماتها للمواطنين واقتصرت على الإسعافات الأولية.
تدهور التعليم
انتهى التعليم نهائياً في بداية عام 2013 مع هيمنة التنظيم الفاشي «داعش» الكاملة على محافظة الرقة ريفاً ومدينة، بسبب إغلاق التنظيم لكل مراكز التعليم، وأصبحت مقراتٍ له، كما فرض تعليمه التكفيري، وكذلك خرجت وتهجرت غالبية الكوادر التعليمية والإدارية والتلاميذ والطلاب مع أسرهم إلى المحافظات الأخرى، ومن بقي اضطر للجلوس في بيته، ومن يعلم التنظيم عنه أنه يقوم بإعطاء الدروس في المنازل يقطع رأسه، وبمطلق الأحوال لم تعد الحكومة السورية قادرة على تقديم ما يلزم.
ومع دحر التنظيم الفاشي من محافظة الرقة من قبل قوات «قسد» وداعميها، قامت ما تسمى الإدارة الذاتية بافتتاح بعض المدارس في الأرياف، ورغم تدريس بعض المناهج الحكومية، إلاّ أنها فرضت مناهج أخرى أيضاً، وكادرها التعليمي غير متخصص، ولم يلتحق معلمو الدولة بذلك، لأن الحكومة منعتهم من ذلك، فمن يلتحق يُحرم من راتبه.
بالمقابل افتتحت الحكومة بعض المدارس في المناطق الريفية التي تمت استعادة السيطرة عليها جنوب نهر الفرات.
وما يزال هذا الوضع في سجال بين الحكومة السورية، التي لا تسمح بالتعليم في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية إلاّ أن يكون تحت إشرافها المباشر، والإدارة الذاتية التي ترفض ذلك، والضحية هم التلاميذ والطلاب والكادر التعليمي المحروم من ممارسة دوره وواجبه، بالإضافة إلى معاناةِ الأسر وأبنائهم من التهجير وتكاليف المعيشة وتوفير مستلزمات التعليم لأبنائهم.
التدهور الصحي
ما حدث في قطاع التعليم، حدث في القطاع الصحي، وبشكلٍ أكثر مأساوية، حيث تدمرت بعض المشافي العامة والخاصة، والمراكز الصحية جزئياً أو كلياً، وما بقي منها سليماً نُهبت أجهزته الطبية والأدوية، ولم يسلم منها إلاّ القليل.
على سبيل المثال بقيت أجزاء من المشفى الوطني في مدينة الرقة، وبعض الأجهزة، وكذلك مشفى مدينة الطبقة، ومع سيطرة قوات «قسد» أيضاً لا تسمح بتفعيل المشافي والمراكز إلاّ تحت هيمنتها، والحكومة تمنع ذلك أيضاً، ولا تقوم بافتتاح المشافي والمراكز الصحية، وتزويدها بالأجهزة والأدوية إلاّ تحت إشرافها، ولا يزال المشفى الوطني مغلقاً.
وافتتح بعض الأطباء عيادات خاصة للمعالجة، لكن بأسعار عالية جداً، ورغم ذلك الأهالي مضطرون للمراجعة وخاصةً مع تدهور وضعهم الصحي نتيجة ضعف وسوء التغذية وضعف المناعة والمقاومة الجسدية، وتشهد عيادات الأطباء ازدحاماً كبيراً بعضها يتجاوز 200 مراجع يومياً، وبعضهم لا يحصل على دور إلاّ بعد يومين أو ثلاثة أيام.
مبادرة مسدودة الأفق
يطلب العديد من الأطباء من أبناء محافظة الرقة إعادة افتتاح المشفى الوطني الذي تتوافر فيه بعض المعدات الطبية، وتفعيله لخدمة المواطنين مجاناً من قبلهم، لكن ذلك يحتاج إلى موافقةٍ ودعمٍ حكومي بالأجهزة والمستلزمات الطبية، وهذا غير ممكن دون أن تكون تحت سيطرة الدولة، ولموافقة الإدارة الذاتية التي تعيق ذلك أيضاً.
لا شكّ أن معاناة أهالي محافظة الرقة وأبنائهم، التعليمية والصحية، تزداد سوءاً يوماً عن يوم، والموت يقترب منهم ويقتربون منه صباح مساء.
ويتساءل المواطنون: ألا يمكن إيجاد حلولٍ جزئية مؤقتة وإسعافية.!؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 903