الرقة.. استمرار المعاناة

الرقة.. استمرار المعاناة

ما تزال معاناة أهالي الرقة على المستويات كافة، الاقتصادية والمعيشية والخدمية والصحية والإنسانية، وفقدان غالبية مقومات الحياة وغيرها، على حالها.

وقوات التحالف الأمريكي، وحلفاؤها في الرقة، ما زالت تمنع دخول المنظمات الدولية والحكومية، حتى على مستوى الاطلاع على حجم الدمار الذي ألحقته هذه القوات في المدينة، وعلى مستوى بناها التحتية ومنشآتها، فكيف الحال بواقع متطلبات واحتياجات المواطنين.
ظلامٌ وعطشٌ
ما تزال الرقة والقرى والمزارع التابعة لها تعاني من انقطاع الكهرباء لمدة 18 ساعة والغرق في الظلام يومياً، وتأتي فقط ست ساعات، ويعاني الأهالي من العطش وفقدان مياه الشرب، فيضطرون لجلبها من نهر الفرات مباشرة، وما يترتب على ذلك من أمراض داخلية وجلدية وخاصةً الأمراض التحسسية، وهذا ما يرهق المواطن، حيث لا توجد مشافٍ حكومية مجانية، والمشافي والعيادات الخاصة تكاليفها عالية جداً، ليست بقدرة المواطنين الذين فقدوا مصادر وعيشتهم ومدّخراتهم، ولا حتى معونات إنسانية دولية، بل حتى لا تستقبل حالات الإسعاف دون وضع سلفة تأمين كبيرة.
تجهيل متعمَّد
ما تزال «قوات قسد» تمنع التعليم إلاّ تحت إدارتها، وبالتالي لا تتوفر المناهج الحكومية السورية، والمعلمون التابعون لوزارة التربية لا يمكنهم العمل والتعليم، ولا يتوفر كادر تدريسي متخصص لدى «قسد»، حيث يتم التدريس بالمناهج التي فرضتها من قبل من لا يملكون أية قدرة على التعليم، ويُدار التعليم من قبل حامل شهادة ثانوية بيطرية على سبيل المثال، ولا يزال السجال بين الحكومة السورية، و«الإدارة الذاتية» حول إدارة العملية التربوية التعليمية، وهذا ينعكس على الأسر والتلاميذ والطلاب، في مختلف المراحل التعليمية، جهلاً وتكاليفاً وقلقاً حول المستقبل.
الأحوال المدنية
خلال سنوات سيطرة «داعش» وما بعدها توقفت غالبية الدوائر الحكومية، إما بشكل متعمد أو نتيجة التدمير، ومنها الأحوال المدنية، حيث توجد الآلاف من الواقعات، كالولادات والوفيات والزواج والطلاق، ولا توجد دائرة حكومية لتوثيق ذلك، وفي ذلك خطورة اجتماعية كضياع النسب، وفقدان حقوق إنسانية ومادية، وهذا ما يضطر الأهالي للقدوم إلى المحافظات الأخرى والعاصمة للحصول على الوثائق، وهو مكلف ومرهق جسدياً ونفسياً ومادياً، ناهيكم عن العراقيل التي توضع أمامهم من ابتزازٍ وسمسرة وفساد.
النقل والمحروقات
أسعار المحروقات غالية جداً، حيث غالبيتها قطاع خاص، وهذا ينعكس على وسائل النقل وتكاليفها، فسعر لتر البنزين من النوع الأول 500 ليرة سورية، وهو سيء، أما سعر لتر النوع الثاني الأسوأ فهو 250 ليرة، ولتر مازوت التدفئة 125 ذو الرائحة الكريهة، ولتر مازوت السيارات 190 ليرة، أما في محطات «الإدارة الذاتية» القليلة فالأسعار أقل، فالنوع الأول من البنزين 370 ليرة، أما غير النظامي 100 ليرة، وكذلك المازوت 90 ليرة، ويوزع مازوت التدفئة حسب البطاقة العائلية بسعر 11 ألف ليرة للبرميل.
ارتفاع أسعار المحروقات انعكس على أسعار النقل، فالانتقال بالتكسي من حي المشلب شرق المدينة إلى غربها مسافة 7 كم يكلف أقلها 1000 ليرة، أما إلى خارج المدينة لمسافة 100 كم فتكلف 10آلاف ليرة، وبالسرافيس أقل أجرة 800 ليرة إلى القرى والبلدات، وبعد المغرب تتضاعف الأسعار.
تراجع الزراعة المستمر
تراجع الإنتاج الزراعي كثيراً، بشقيه النباتي والحيواني، نتيجة انخفاض منسوب مياه بحيرة سد الفرات، بسبب احتجاز تركيا لنسب كبيرة من مياه نهر الفرات، وكذلك نتيجة غلاء مستلزمات الزراعة من بذار وسماد وأدوية مكافحة وغيرها، حيث نسبة عالية منها فاسدة وغير صالحة ومغشوشة لعدم وجود رقابة عليها، ويضاف لها ارتفاع تكاليف الحراثة والعمالة الزراعية نتيجة قلة اليد العاملة بسبب الهجرة والنزوح، وانخفاض أسعار المنتجات الزراعية والحيوانية في الأسواق الذي انعكس سلباً على الفلاحين فأحجموا عن الزراعة وتربية الحيوانات، لكنه انعكس إيجاباً على المواطن المستهلك نوعاً ما. فسعر كغ لحم الغنم 2700 ليرة وسعر كغ اللبن البقري 250 ولبن الغنم 350 ليرة وسعر كغ جبن الغنم 2200 ليرة.
غياب الأمن والتعدي على الأملاك
الوضع الأمني غير مستتب، حيث تحدث تفجيرات واعتداءات على المواطنين بشكل يومي، ومن يعترض يتعرض للعقاب العنيف.
ونتيجة غياب دور الدولة، والتسيب الأمني، يتم التعدي على أملاك الدولة، وعلى الأملاك الخاصة من منازل وأراضٍ وخاصة في المزارع، والمناطق التي اضطر أهلها لتركها والهجرة والنزوح، وبعضهم عادوا إليها ليجدوا أن هناك من استولى عليها ويرفض مغادرتها، و«المجالس المحلية» التي تمّ تشكيلها من قبل «الإدارة الذاتية»، لا تساعدهم في استعادة حقوقهم المغتصبة علناً، وهذا ما أدى إلى صدامات أهلية، وتشكل هذه القضية قنبلةً اجتماعية موقوتة يُمكن تفجيرها بأي وقت