مؤتمر لسلامة الغذاء.. ماذا عن تأمينه؟
نظمت جمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها بتاريخ 16/10/2018، وبمناسبة يوم الغذاء العالمي، أعمال «المؤتمر العلمي الأول للأغذية وصحة المستهلك»، والذي أقيم في فندق داما روز في دمشق.
وقد تركزت النقاشات خلال جلسات المؤتمر على محورين، الأول تحت عنوان: «سلامة الأغذية والمشروبات وأساليب الغش في المواد الغذائية»، والمحور الثاني تحت عنوان: «دور البحث العلمي في سلامة وصحة غذاء المستهلك».
بين النوعي والبروتوكولي
جرى المؤتمر بحضور وزارتي السياحة والتجارة الداخلية وحماية المستهلك، وبعض المسؤولين بالإضافة إلى ممثلين عن بعض الفعاليات الاقتصادية (التجارية والصناعية والزراعية وغيرها).
وقد قُدمّت خلال المؤتمر العديد من المحاضرات وفقاً للمحاور المعتمدة، بالإضافة إلى بعض الأبحاث النوعية اللافتة بعناوينها مثل: «تقدير مستويات بنزوات الصوديوم في بعض الأغذية المباعة في السوق السورية» و« تمييز أنواع اللحوم بالطرائق الجزيئية»، بالمقابل كان لافتاً ومستفزاً عنوان إحدى المحاضرات: «مخاطر تلوث الخضراوات والفواكه بين جهل المستهلك وجشع المزارع»!.
وبعيداً عن بعض الكلمات الافتتاحية ذات الطابع الرسمي، وحتى بعض المحاضرات ذات المضمون المكرر، سنسلط الضوء على بعض النقاط التي وردت في بعض المحاضرات النوعية.
أكثر من 10% من ربّ البندورة مخالف
ورد في الدراسة المقدمة حول «تقدير مستويات بنزوات الصوديوم في بعض الأغذية المباعة في السوق السورية» التي قام بها كل من الباحثين د. نسرين نقشو ود.رضوان بدر الدين ود. بسام العقلة أن: «لبنزوات الصوديوم استخدامات واسعة في الصناعات الغذائية، فهي تستخدم بشكل كبير كمادة حافظة في المشروبات الغازية وفي العصائر ومركزاتها والمربيات والجيلي، وتستخدم في حفظ ربّ البندورة والمخللات والصلصات.. فهي عامل مضاد واسع الطيف للميكروبات وخاصة ضد الفطور والخمائر.. كما أن مادة بنزوات الصوديوم تشكل مع فيتامين سي مادة كيميائية تعرف باسم البنزن وهي مادة مسرطنة.. تشير المواصفة القياسية السورية إلى أن الحد المسموح بإضافته من بنزوات الصوديوم لمنتج ربّ البندورة هو 600 مغ/كغ».
وقد أوردت الدراسة البحثية أنه: «جرى جمع 19 عينة ربّ بندورة من السوق السورية في محافظة دمشق.. حللت العينات باستخدام جهاز الكروماتوغرافيا السائلة عالية الأداء (HPLC) لمعرفة تركيز بنزوات الصوديوم.. أظهرت النتائج أن مستويات بنزوات الصوديوم تراوحت بين 47 و 782 مغ/كغ وكانت عينتان مخالفتان للمواصفة القياسية السورية بتجاوزها 600 مغ/كغ أي: بنسبة 10,5%».
نوع ونسب البروتين في اللحوم المصنعة غير موثوقة
دراسة أخرى مقدمة بعنوان: «تمييز أنواع اللحوم بالطرائق الجزيئية» للباحثة م. بنان الشيخ ورد فيها: «تعد اللحوم من أكثر المواد الغذائية عرضة للغش.. يُعد غش اللحوم إشكالية هامة تواجه المستهلك وبخاصة غش اللحوم المطبوخة والمصنعة.. يصعب ضبط غش اللحوم المصنعة من خلال تحليل البروتينات.. هناك حاجة لوجود تشريعات خاصة بجودة وسلامة الغذاء تشترط وضع أنظمة لبطاقات بيان الغذاء يذكر فيها أنواع اللحـوم في منتجـات الغذاء بشـكل دقيـق وواضح».
وقد ورد في الدراسة أيضاً: «تنص المواصفة القياسية السورية رقم 80 تاريخ 2011 الخاصة باللحم المفروم والناعم والمحفوظ والمعلب (لحم لانشون) – التعديل الثاني.. على ألّا تقل نسبة البروتين عن 10,5% كحد أدنى.. لا تشترط هذه المواصفة تحديد نوع ونسب البروتين النباتي والحيواني الداخل في خلطات تصنيع منتجات اللحوم بشكل واضح ودقيق، مما يسمح للشركات المنتجة التلاعب بنوع ونسب البروتين بدون حدوث مخالفة قانونية، ونظراً لعدم وجود طرائق موثوقة وقادرة على التمييز بين البروتينات النباتية والحيوانية وتحديد نسبها الدقيقة.. ومن هنا تأتي أهمية الاعتماد على كشف نوع اللحوم بالطرائق الجزيئية».
وقد خلصت الدراسة إلى توصيات: «الاعتماد على الطرائق الجزيئية لتحديد نوعية اللحوم في السوق المحلية والمستوردة كيفياً وكمياً- إجراء مراجعة منهجية لمعرفة مواقع قصور المواصفات السورية الخاصة باللحوم الجاهزة وتحديد الطرائق المخبرية المناسبة لاختبار تلك المواصفات».
للمكان حضوره الطاغي
أخيراً، ربما تجدر الإشارة إلى أن للمكان حضوره الطاغي على نوعية الشريحة المستهدفة من مضمون المؤتمر، لكن بالمقابل لا بدَّ من القول: إن غذاء المواطن السوري فعلاً بحاجة إلى تسليط الضوء عليه، ليس على مستوى سلامته وصحته فقط، وهو ما ظهر بأنها منتهكة، بل لعل الأهم: هي وسائل تأمينه، خاصة وأن واقع الحال يقول: أن أعداداً متزايدة من الجائعين ومن يعانون من نقص الغذاء تسجل كل يوم على مرأى ومسمع الحكومة وأولي الأمر والعالم.