البنى التحتية.. وتجميل الساحات!
عاصي اسماعيل عاصي اسماعيل

البنى التحتية.. وتجميل الساحات!

هطلت الأمطار مساء يوم السبت الماضي لمدة ساعتين تقريباً فقط، لكنها كانت كفيلة بإغراق مدينة دمشق مجدداً، كما كانت كفيلة بتحطيم الرقم القياسي على مستوى الأعطال المسجلة على شبكة الكهرباء والهاتف أيضاً.


لا شك أن الأمطار الهاطلة كانت غزيرة، إلّا أن ذلك لا يمكن اعتباره مبرراً لعجز مطريات التصريف وشبكات الصرف الصحي في الشوارع والحارات على احتوائها، خاصة وقد تبين منذ نهاية موسم الأمطار في العام الماضي أن هناك مشكلة حقيقية في تصريف مياه الأمطار، ناهيك عن تداعياتها الكثيرة الأخرى، والتي وصلت بعضها إلى حدود اعتبارها كارثة وخاصة ما سجل من أضرار على بعض البيوت.
وقائع مسجلة
المشاهدات الحية، والمشاهد المنقولة عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل، صوراً ثابتة أو مقاطع فيديو، كانت تحمل الكثير من الدلالات على تردي البنية التحتية في العاصمة، ليس على مستوى شبكات الصرف الصحي فقط، بل وعلى شبكات الكهرباء وشبكات الهاتف الأرضي أيضاً.
فالأنفاق في العاصمة غرقت بالمياه، وأغرقت معها السيارات العابرة فيها بمن فيها من مواطنين اضطر بعضهم للسباحة، كما جرفت السيول في بعض الشوارع الرئيسة مواطنين آخرين، كما أظهر مقطعٌ للفيديو تفجر المياه من أحد ريكارات الصرف الصحي بنزلة العفيف بارتفاع يقارب المتر تقريباً وكأنه نبع للمياه، بالإضافة إلى الكثير من مشاهد طوفان المحالّ والبيوت، أما المقطع الأكثر غرابة فقد كان من داخل مشفى المواساة حيث كانت مياه الأمطار تعوم فيها بين أسرة المرضى.
ومع بداية هطول الأمطار تم تسجيل قطع شبكة الكهرباء عن الكثير من الأحياء داخل العاصمة، بالإضافة إلى قطع الاتصال عن بعض الخطوط الهاتفية الأرضية، والتي لم يعاد وصلها إلا بعد انقطاع الأمطار بمدة ساعتين، وبعضها أكثر من ذلك.
في المقابل فقد تم تسجيل نقاط مضيئة لمصلحة عناصر الدفاع المدني وعمال النظافة وبعض العاملين الآخرين في الخدمة العامة، حيث استنفر هؤلاء بحسب إمكاناتهم المتاحة لمد يد العون للمتضررين من المواطنين، بالإضافة إلى دور المواطنين تجاه بعضهم البعض.
بنية تحتية
غير جاهزة للتحدي
قد تبدو الأضرار المسجلة على إثر الهطول المطري الأخير قليلة ومحمولة، خاصة وأن غالبيتها يعتبر مادياً بسيطاً، حيث لم يتم تداول أخبار عن إصابات بين المواطنين، أو عن تهدم بعض البيوت، إلّا أن ذلك يفتح الباب للتساؤل مجدداً عن كفاءة وجاهزية البنية التحتية لتحدي موسم الشتاء الذي قرع أبوابها بشدة هذه المرة؟.
الأمر البّين والجلي، أن البنية التحتية لشبكات الصرف الصحي وللمطريات على جوانب الطرق والشوارع ولشبكة الكهرباء والهاتف غير كفوءة، وهي غير جاهزة للمزيد من التحدي الشتائي، وكأنها مصممة لتحمل «بخات» خفيفة من المطر وعلى فترات غير متواصلة ومتباعدة فقط لا غير، والدليل على ذلك هو ما جرى نهاية الموسم الماضي من الأمطار وبداية الموسم الحالي منها، وما خلفته من تداعيات سلبية، بات المواطن يخشى من تكرارها بشكل أسوأ، خاصة وأن موسم الشتاء ما زال في بدايته، ولعل الأمر على هذا المستوى غير محصور بمدينة دمشق بل من الممكن تعميمه على المحافظات كافة أيضاً.
فهل من خُطط جدية وعاجلة لدى المحافظة من أجل معالجة الخلل البيّن في هذه البنى التحتية درءاً لمخاطر ترهلها وترديها الآنية والمستقبلية على المواطنين وخدماتهم وحياتهم، مع رصد الاعتمادات الكافية لها، أم أن اهتمامها واعتماداتها ستبقى مركزة على تجميل الساحات وإعادة رصف الطرقات، وعلى مشاريعها الاستثمارية فقط؟