دير الزور.. الفساد والتباطؤ المتعمد؟
حوالي ثمانية أشهرٍ مرت على استعادة سيطرة الدولة على المدينة، والريفين الغربي والشرقي جنوب نهر الفرات، إلاّ أنّ التحسن ما زال بطيئاً وتتباطأ وتيرته أكثر فأكثر.
الموضوع ليس مرتبطاً بواقع الخدمات، كالكهرباء والماء والطرق والصحة والتعليم فقط، لكن الأهم: أن ذلك مرتبط بعودة الأهالي إلى مناطقهم ومنازلهم، حيث ما زالوا تحت سيطرة استغلال الفاسدين والمتنفذين!
الطرق المغلقة فرصة للاستغلال!
رغم إزالة الأنقاض من بعض الطرقات الرئيسة وفتحها، كشارع بور سعيد الذي يمتد من دوار الدّلة غرب المدينة، إلى دوار هرابش شرقها بطول حوالي 3 كم، وكذلك الشارع العام الممتد من دوار السبع بحرات إلى الساحة العامة وسط المدينة بطول 1 كم، إلاّ أن ذلك توقف وكان مقرراً أن يستمر إلى دوار الشهيد الطيار غسان عبود، وكذلك الشارع الممتد من دوار المدلجي وسوق الجبيلة إلى دوار التموين وسط المدينة، إلاّ انه لم يستمر خلال شارع ستة إلاّ ربع، ومن ثمّ إلى شارع التكايا وصولاً إلى دوار غسان عبود أيضاً.
كما بقيت الشوارع الوسطية والفرعية في أحياء الجبيلة والموظفين والعمال والحميدية وشيخ ياسين وعلي بك والعثمانية والحويقة الغربية والشرقية والمطار القديم والصناعة مغلقة بالأنقاض والسواتر الترابية، ولا يسمح للأهالي بالعودة إليها سوى لرؤيتها فقط بعد تسليم هوياتهم للحواجز واستلامها بعد خروجهم، مع بعض أوجه الاستغلال ومنعهم من إخراج ما تبقّى من أثاثهم بعد نهب المعفشين العلني.
ويكرر الأهالي مطالبهم بإزالة الأنقاض والسواتر والمفخخات والألغام والقذائف التي لم تنفجر، وهم على استعداد لتنظيفها والسكن فيها كما هي بما بقي من منازل وغرف.
وقد قال أحد المواطنين: هل أصبحت مدينة دير الزور حيي الجورة والقصور فقط.؟
وهما الحيّان اللذان ضاقا بأهلهما، ولم يعودا يستوعبان الأهالي الذين عادوا برغبتهم، بالإضافة إلى العاملين في الدولة اللذين أجبروا على العودة.
الفساد يدعم بعض المتعهدين!
يتسابق المتعهدون، المدعومون من قوى الفساد وبعض الأجهزة المتنفذة، للحصول على المشاريع وانتزاعها من الشركات والجهات العامة، وخاصةً الشركة العامة للطرق، سواء بفتح الطرقات أو استجرار ونقل المواد اللازمة كالإسفلت، حيث يقتصر ذلك على ذات الوجوه الانتهازية والمستقوية بقوى الفساد والمتنفذين، بينما بقية المتعهدين من أبناء المدينة، والذين يريدون العمل حقيقة من أجل مدينتهم يحرمون من هذه التعهدات، وذلك بحسب حديث أبناء المدينة.
وتستعد شركة الطرق لتزفيت بعض الشوارع، بعد أن قامت بقشطها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تمت تهيئة هذه الطرق بالبنية التحتية من صرفٍ صحي وهاتف وكهرباء وشبكة المياه وغيرها.. حتى لا يُعاد حفرها مرةً أخرى كالعادة، وتكليف الدولة مبالغ كبيرة وزيادة معاناة الأهالي؟
الخدمات جعجعةً دون طحنٍ!
رغم الوعود الكثيرة من المسؤولين، والمطالب المتكررة من الأهالي، إلاّ أن وضع الخدمات كالكهرباء والماء الأساسية وغيرها لم يتغير، سوى أنه تمت إنارة شارع الوادي الذي يصل حي الجورة بحي القصور بالطاقة الشمسية، إلاّ أن بقية الشوارع ما زالت تغرق في الظلام، وبقي المواطنون تحت رحمة تجار الأمبيرات.
أمّا المياه فما تزال قليلة كل ثلاثة أيامٍ يجري ضخها، ولا تصل إلى الطوابق العليا، كما أنّ معالجتها غير كافية، فالعكر واضح فيها، ناهيك عن مدى معالجتها صحياً، والاكتفاء بالكلور المعقم، حيث يضطر الأهالي إلى استئجار مضخاتٍ لرفع المياه إلى الخزانات.
أمّا الوضع الصحي فما زال في أسوا حالاته، سواء في المشافي العامة، أو المستوصفات، من حيث توفر الأجهزة الطبية والكادر الطبي، وخاصةً أطباء الاختصاص، أو الأدوية اللازمة والضرورية كأدوية القلب والضغط والتهاب الكبد الوبائي بدرجاته، ومواد غسيل الفشل الكلوي وغيرها..
كما ما زالت الفوضى تضرب أطنابها في مديرتي التربية والزراعة اللتين تضمان أكبر عددٍ من العاملين في الدولة في المحافظة، في المعاملة وفي محاولة الحصول على الوثائق اللازمة وغيرها..
التراجع عن إلغاء الموافقات الأمنية!
لم يمض أسبوعان فقط على فرحة العاملين في الدولة بإلغاء الموافقات الأمنية من أجل العودة إلى العمل، أو الاستقالة وغيرها، حتى أعيد تنغيصها بقرارٍ آخر يعيد الأمور إلى العرقلة بتقييد صلاحية الوزير المختص، بأن تكون عودة العامل محدودة بأن تكون تحت سن الخمسين، وأن تُحال الموافقات إلى المكتب المختص في رئاسة مجلس الوزراء، وهذا لا يعني التأخير فقط.. بل يفتح الباب واسعاً، لاستغلال الفاسدين والسماسرة والوساطات والمتنفذين، وحرمان الكثيرين من حقوقهم بعد أن أمضوا سنوات عمرهم في العمل، ويمنعهم من استمرار خدمتهم وحصولهم على التقاعد والتعويضات التي يستحقونها..