نحو الخصخصة والمزيد من الاستنزاف
قرار جديد أقرته لجنة السياسات والبرامج الاقتصادية برئاسة مجلس الوزراء، يتمثل بالتوجه نحو إنشاء شركات مساهمة عامة.
ففي الاجتماع المنعقد بتاريخ 28/4/2018، قررت اللجنة التوجه نحو إنشاء شركات مساهمة عامة، كونها تمثل ضرورة ومكوناً هاماً من مكونات التنمية الاقتصادية.
توسيع قاعدة الملكية
القرار أعلاه، يبدو موجهاً للشركات المملوكة من قبل القطاع الخاص، من أجل تحويلها إلى شركات مساهمة عامة، حيث ورد عبر موقع الحكومة: «تعتبر الشركات المساهمة العامة أحد أبرز الأشكال القانونية للشركات أهمية على مستوى الاقتصاد.. الأمر الذي يتطلب تعزيز دور الشركات المساهمة العامة في مرحلة إعادة الإعمار، كونها تعمل على توسيع قاعدة الملكية وتوفير بدائل استثمارية أمام صغار المستثمرين، وخلق كيانات اقتصادية كبيرة تتمتع بمزايا الاستمرارية..».
وقد كلفت اللجنة وزارة الاقتصاد التجارة الخارجية، وهيئة التخطيط والتعاون الدولي، وبعض الجهات الأخرى، بتحديد القطاعات التي يجب أن يشملها التحول، ووضع الصك التشريعي وإجراء تقييمٍ شاملٍ لواقع الشركات العاملة حالياً، والتحديات التي تواجهها وإمكانية التوسع في نشاطاتها.
ومن المتوقع أن يشمل هذا التوجه مجالات الجامعات الخاصة، وقطاع التمويل والتطوير العقاري، وقطاع التأمين والصناعات الدوائية.
وفقاً للقانون
بموجب المرسوم التشريعي 29، قانون الشركات، وبحسب المادة 6 منه، فقد حددت أنواع الشركات على النحو التالي: (الشركات التجارية_ الشـركات المشـتركة_ الشــركات المســاهمة المملوكــة بالكامــل للدولــة_ شركات المناطق الحرة_ الشـركات القابضـة_ الشـركات الخارجيـة_ الشــركات المدنيــة).
خشية مشروعة
بناءً على ما تقدم، تبدو الخشية مشروعة على جانبين:
الأول: على شركات ومؤسسات الدولة، الخدمية والإنتاجية والإنشائية، فمن الممكن أن يتم توسيع ما يمكن أن يشمله التوجه الجديد المُقر، بحيث تطال هذه الشركات والمؤسسات، خاصة وأنه سبق للحكومة أن أقرت تحويل بعض جهات قطاع الدولة إلى شركات مساهمة، تحت عناوين تطوير الأداء والمرونة و..
وربما تزداد الخشية مع إمكانية طرح الأسهم للاكتتاب العام، أو للتداول لاحقاً، وفقاً للقوانين الناظمة لعمل الشركات، ووفقاً لأنظمة سوق الأوراق المالية، ووفقاً لما يمكن أن يقر من تعديلات على مراسيم إحداث هذه المؤسسات وأنظمتها الداخلية، حسب التوجهات الحكومية، ما يعني المضي بالخصخصة تدريجياً.
ولعل ذلك ليس مستغرباً في ظل السياسات الليبرالية المعتمدة والمتبعة من الحكومة، وفي ظل تعدد أشكال وأنماط التعامل الحكومي مع شركات ومؤسسات الدولة، تحت عناوين التشاركية وغيرها.. حتى نكاد نظن وكأن الحكومة تعتبر هذه الشركات عبئاً ثقيلاً عليها، وهي تسعى جاهدة للتخلص منها، وكل مرة بتسمية مبتكرة، أو وفقاً لشعارات وتوجهات مستحدثة، حسب الحال.
أما الثاني: فيتمثل بفكرة توسيع قاعدة الملكية للشركات بحسب التوجه الجديد: «توفير بدائل استثمارية أمام صغار المستثمرين»، أي: المواطنين الذين سيتم استقطابهم في لعبة تداول الأسهم وبيعها وشرائها، عبر وسائل الدعاية والترويج، مع ما يعنيه ذلك من استنفاذ جديد لمدخرات هؤلاء، على قلتها، لتصب في جيوب الكبار، من «الكيانات الاقتصادية الكبيرة» التي لا شك بأنها هي من ستتحكم عملياً بجملة عمليات التداول والبيع، بما يحقق مصلحتها أولاً وآخراً، ولعل آخر هم هؤلاء الكبار أن يحقق المساهمون الصغار أية هوامش ربح من هذه العمليات، أي: وبالمحصلة زيادة أرباح هذه الكيانات الاقتصادية الكبيرة على حساب مالكي الأسهم من الصغار بالنتيجة والمآل، بغض النظر عن كل ما يمكن أن يقال عن الشفافية والمشروعية القانونية لهذه العملية.
والمشكلة، أن مثل هذه العمليات من النهب المنظم للصغار من قبل الكبار تتم بكل هدوء وبأقل قدرٍ من الضجيج، مع بعض الاستثناءات التي تؤكد هذه القاعدة، وربما ليس من الصعب الاستشهاد بالكثير من الأمثلة الحية على ذلك في الكثير من الدول.