نظام ضريبي جديد.. فهل من عدالة؟
في حديث لوزير المالية مع إحدى الصحف المحلية مؤخراً، حول عمل اللجنة المكلفة بصياغة مشروع جديد للنظام الضريبي في سورية، أشار إلى أن «اللجنة تجاوزت مرحلة الاطلاع على التجارب العالمة للأنظمة الضريبية العالمية المشابهة للواقع السوري، لكي لا يتم اختراع الدولاب من جديد، وتم بحث ودراسة تطبيق الكثير من هذه التجارب، ومدى ملاءمتها للواقع السوري».
وقد بيّن الوزير أنه «تم الانتهاء من هذه المرحلة، وأن مرحلة الإطار التشريعي تحتاج إلى وقت ولا يمكن إنجازها في أسبوع أو أسبوعين، لأن القانون الضريبي في سورية يعود لعام 1949، ولم تجر عليه سوى تعديلات طفيفة، على حين نحتاج اليوم إلى قانونٍ جديدٍ يلبي متطلبات الحالة السورية اليوم، وخلال المرحلة المقبلة».
مربط الفرس «كبار المكلفين»
لقد تم الحديث من قبل أعضاء اللجنة المكلفة أعلاه، عن السبب المباشر لحالة التهرب الضريبي الواسعة، وهي: عدم تحديث البنية التشريعية للنظام الضريبي (سوء صياغة التشريعات وخاصة في ضريبة الأرباح الحقيقية وضريبة الدخل المقطوع_ الصلاحيات الواسعة المعطاة للإدارات الضريبية لتقدير المطرح الضريبي، وفقاً لأسس بعيدة عن الواقع أحياناً)، مبينين: أن الذي يستطيع التهرب هم كبار المكلفين، أي: أصحاب الثروات والدخول الكبيرة، وليس أصحاب الدخل المحدود، وما يؤكد حجم التهرب الضريبي الكبير هو المقارنة بين ما تدفعه شركات القطاع العام من ضريبة على أرباحها، وما تدفعه شركات القطاع الخاص، حيث هناك هوة كبيرة في ذلك.
الاستثناءات أهم
مما لا شك فيه أن النظام الضريبي المعمول به بحاجة لإعادة الصياغة، بما يحقق العدالة الضريبية المفقودة، ويمنع الكثير من حالات التهرب الضريبي الجارية منذ عقود، والتي يستفيد منها كبار المكلفين من أصحاب الثروات، في حين يتكبد أصحاب الدخل المحدود كامل الأعباء الضريبية، وهو واقع لم يعد باستطاعة أحد إنكاره.
في المقابل لا بد من الإشارة إلى أنه على الرغم من أهمية إعادة صياغة النظام الضريبي بما يحقق الغايات أعلاه، إلا أن الأهم من ذلك ربما هو: الموقف من الإعفاءات الضريبية الكبيرة التي يتمتع بها كبار المكلفين من أصحاب الثروات، بموجب العديد من القوانين والأنظمة التي صدرت خلال العقود الماضية، وما زالت، اعتباراً من إعفاءات قانون الاستثمار رقم 10 وحتى الآن.
فالعدالة الضريبية بمفهومها الواسع ليست محصورة بالنظام الضريبي فقط، بل من المفترض أن تشمل الاعفاءات الممنوحة استثناءً من هذا النظام، بموجب بعض القوانين والتشريعات.
ولعلنا بهذا الصدد نتساءل: أليس من الأجدى أن يتم إعادة النظر بهذه الإعفاءات الكبيرة، بالتوازي مع العمل على إعادة الصياغة للنظام الضريبي، وبذلك نكون قد خطونا خطوة إضافية باتجاه العدالة الضريبية المفقودة؟