المراقبون الفنيون «الاستضافة» تلغي الحقوق
نال قطاع التعليم في سورية قسماً كبيراً من الأذى والضرر بسبب الأزمة مثل باقي القطاعات، بدءاً من توقف العملية التعليمية في بعض المناطق بسبب خروج تلك المناطق من سيطرة الدولة، وصولاً إلى تدمير المدارس والجامعات في بعض المناطق الأخرى بسبب الأعمال الإرهابية فيها.
وقد نال المعهد التقاني للمراقبين الفنيين بدمشق نصيبه من هذه المشاكل مجتمعة، حيث إن مقر المعهد كان أولاً في منطقة جوبر الملاصقة للغوطة الشرقية في دمشق، وكان يتألف من خمسة طوابق، ومجهز بالمدرجات والمختبرات.
وعلى إثر مفاعيل الحرب والعمليات العسكرية، تم تدمير المعهد بشكل شبه كامل، ليجري نقل المعهد إلى منطقة شرقي التجارة القريبة من كراجات العباسيين، حيث تم استضافته من قبل المعهد الصناعي الثالث، ليبدأ من هنا مسلسل معاناة طلاب المعهد ومطالبهم الملحة، والتي سنورد بعضها.
إلزامية التوظيف للخريجين
في السابق، كانت الدولة متكفلة بتوظيف الخريجين من هذا المعهد بشكل إلزامي، بسبب أهمية هذه الشهادة في أعمال البناء والمساعدات الهندسية، لكن ومنذ حوالي عشر سنوات، تم إلغاء قرار إلزامية التوظيف (لغاية في نفس يعقوب).
وبعد أن أصبحت سورية على أبواب مرحلة في غاية الأهمية، وهي مرحلة إعادة الإعمار، حيث يكون للمراقب الفني دور كبير في هذه المرحلة، يتساءل الطلاب: هل هنالك أمل في عودة هذا القرار؟
تجهيزات لا تلبي الحاجة
يوجد ضمن المعهد ثلاثة اختصاصات متفرقة: (النقل والمواصلات_ التصميم الداخلي_ محطات المعالجة)، حيث يتبع كل اختصاص من هذه الاختصاصات إلى فرعٍ محدد من فروع الهندسة.
فمثلاً: اختصاص النقل والمواصلات التابع لفرع الهندسة المدنية، يحتاج إلى مختبرات كسر العينات البيتونية لقياس درجة تحمل الكتلة للضغط، كما يحتاج هذا الاختصاص إلى مخابر لفحص التربة وقابلية التأسيس عليها، لكن المعهد يفتقر إلى كل هذه المختبرات وأكثر، كما أن طلاب هذا الاختصاص بحاجة لزيارة الجسور والسكك الحديدية وغيرها من المنشآت، للاطلاع على كيفية إنشاء هذه المنشآت على أرض الواقع، الأمر الذي لم يتم حتى الأن.
أما اختصاص التصميم الداخلي التابع لهندسة العمارة، فإن طلاب هذا الاختصاص يعانون من نقص المراسم وخروج عدد منها عن الخدمة، حيث يعتمدون بالدرجة الأولى على الرسم، فلا بد من تأمين مراسم جديدة لتسهيل عملية الرسم على الطلاب، ومن جهة أخرى، فإن طلاب التصميم الداخلي يقومون بتصميم المجسمات لتقديمها كمشاريع للحصول على درجات الأعمال في المواد، الأمر الذي يكبدهم تكاليف باهظة لا تقل عن 30 ألف ليرة سورية للمشروع الواحد.
وجدير بالذكر، أن طلاب هذا الاختصاص قد علموا بأن الوزارة تقوم بتخصيص مبالغ معينة لتنفيذ هذه المشاريع، لكن السؤال المطروح هو: أين تذهب هذه المبالغ، إن لم تكن تصرف على ما خصصت له؟ الجواب برسم الإدارة.
وبالنسبة لاختصاص محطات المعالجة التابعة لهندسة البيئة، يدرس هذا الاختصاص مشاكل المياه والصرف الصحي وكيفية معالجتها، فيحتاج طلاب هذا الاختصاص إلى زيارة مثل هذه المحطات، ليطلعوا على العمل على أرض الواقع، الأمر الذي لم يتم هو الآخر حتى الآن.
وعند مطالبة الطلاب بهذه الأمور، تردد الإدارة على مسامعهم جواباً واحداً لا غير: وهو «بأننا مستضافون في هذا المكان، ولا يمكننا فعل ما نشاء»، علماً بأن واقع المعهد، وما حصل به، هو ليس من فعل الطلاب ليعاقبوا بهذه العقوبات...هذا أولاً. وثانياً: وإذا ما أردنا أن نعمل وفق منطق الإدارة، فمن المعروف أن الضيف الذي تتجاوز زيارته الثلاثة أيام يصبح كأحد أفراد العائلة، فما بالك بمن تجاوزت زيارته السنتين؟
المحاضرات معاناة أيضاً
أما تأمين المحاضرات فحدث ولا حرج: يقوم مدرس المادة بتسليم المقرر (النوطة) إلى أحد الطلاب ليقوم بتصويرها، الأمر الذي يستغرق أسابيعَ حتى يحصل جميع الطلاب على (النوطة)، ويتم تقرير المحاضرات دون وجودها لدى الطلاب، ومن هنا، جاءت حاجة الطلاب الملحة لإحداث كشك لتصوير المحاضرات بأسعار مخفضة، لتخفيف التكاليف على الطالب أسوةً بباقي الجامعات والمعاهد.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد في منطقة المعهد أي كشك أو مكتبة لتصوير المحاضرات، ما يجبر الطلاب على الذهاب إلى مركز المدينة (حلبوني وما شابه) لتصويرها بكلفٍ أكبر.
الاتحاد حضور خجول
قام الزملاء الطلاب في الهيئة الإدارية للمعهد بنقل جملة هذه المطالب إلى فرع المعاهد التابع للاتحاد الوطني لطلبة سورية في دمشق، وكالعادة، قام هذا الفرع بقطع وعود للطلاب بأن تتم معالجة وحل جميع هذه المشاكل، دون أن نجد حتى الآن أياً من هذه الوعود قد وجد طريقه نحو التنفيذ على مدار سنتين.
ليبقى الطالب «ع الوعد يا كمون»، تائهاً بين الاتحاد وبين الإدارة التي لم تقم بواجباتها تجاه الطلاب.
هذه المطالب وغيرها الكثير تواجه الطلاب على مدار سنتين من دراستهم، دون أن تلقى آذاناً مصغية...