«الظروف الراهنة» والمزيد من التسهيلات!
تقديم التسهيلات لتشجيع المستثمرين، والمزيد من الحرص على مصالحهم، كان العنوان العريض لجلسة مجلس الوزراء بتاريخ 18/2/2018.
لقد كلف المجلس ثلاث وزارات (الإدارة المحلية_ السياحة_ الأشغال العامة) بمتابعة تنفيذ الخطة الحكومية الرامية إلى إعادة إقلاع جميع المشاريع الاستثمارية المتعثرة والمتوقفة مع القطاع الخاص في المحافظات وتقديم التسهيلات لتشجيع المستثمرين على تنشيط هذه المشاريع.
مزيد من الإعفاءات
لم يغب عن الجلسة، منح بعض الإعفاءات الإضافية للمستثمرين، حيث درس المجلس مشروع مرسوم بإعفاء المستثمرين والمودعين في فرع المؤسسة العامة للمناطق الحرة بعدرا، من بدلات الإشغال والغرامات والفوائد المترتبة عليها من 1/1/2013 ولغاية 31/12/2017 ووافق على رفعه إلى الجهات المعنية لاستكمال إجراءات صدوره، وذلك بغية تشجيع عودة المستثمرين لمزاولة نشاطهم الاستثماري، وترميم منشآتهم بعد الأضرار التي تعرضت لها بفعل الإرهاب، وتخفيف الأعباء المالية عنهم، ليمارسوا دورهم في تحقيق التنمية الاقتصادية، كما وافق المجلس على كتاب وزارة الأشغال العامة والإسكان المتضمن طلبها: تمديد تبرير تأخير مدد تنفيذ العقود المبرمة مع الوزارات والجهات العامة اعتباراً من تاريخ 26/1/2018 ولغاية 25/7/2018 إضافة إلى الموافقة على استمرار العمل بالبلاغ المتعلق بالإجراءات الواجب اتخاذها لمعالجة الإشكاليات التي تواجه العقود المبرمة مع الجهات العامة بسبب الظروف الراهنة اعتباراً من تاريخ 9/ كانون الثاني /2018 ولغاية 8/ نيسان /2018.
تبريرات
في تصريح صحفي عقب الجلسة، حسب ما تداولته وسائل الإعلام، كشف وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، عن سبب إعداد مشروع مرسوم بتسوية أوضاع المستثمرين في المنطقة الحرة بعدرا، ومنحهم إعفاءات في سياقات محددة، وذلك تشجيعاً لهم على مزاولة النشاط الاستثماري من جديد، وتحفيزهم لترميم منشآتهم، ولاسيما أنهم تعرضوا لأضرار كبيرة خلال الفترة الماضية، سواء من جهة الآليات والبضائع، أو تضرر منشآتهم، مشيراً إلى أن الإعفاءات ستتضمن بدلات الاستثمار من 2013 إلى 2017 وهي الفترة التي توقف فيها النشاط الاستثماري، إضافة إلى الإعفاء من الغرامات والفوائد عن الفترة 2012 وما قبل، بشرط أن يكون المستثمر، أو المودع، التزم بتسديد الذمم المالية المستحقة عليه كلها.
بدوره لفت وزير الإدارة المحلية والبيئة، إلى أنه تم جرد المشروعات لمتابعة كل مشروع على حدة، مع القائمين عليه، سواء أكانوا مالكين أم ممولين أم مستثمرين ليصار إلى تقديم التسهيلات اللازمة.
تاريخ من التسهيلات
يشار إلى أن تأخير مدد تنفيذ العقود المبرمة مع الوزارات والجهات العامة، سبق وأن تم تبريرها لأكثر من مرة طيلة السنوات الماضية، ولمدة 6 اشهر تجدد تباعاً، تبريراً لهذا التأخر حتى الآن، في حين لم ترشح عن الحكومة، أو الجهات العامة، أية تفاصيل إضافية عن مآلات تلك العقود «قيد التنفيذ» والمتوقفة بسبب «الظروف الراهنة» على أثر منح المزيد من التبريرات للمتعاقدين لتأخرهم في التنفيذ!
كما يشار إلى أنه سبق وأن صدرت 4 مراسيم خلال عامي 2011- 2012 تمحورت حول إعفاء المستثمرين والمودعين في المناطق الحرة من الفوائد المترتبة على بدلات الأشغال والإيداع، في حال تم تسديد البدلات المستحقة، وقيامهم بتسوية أوضاعهم، بالإضافة إلى 12 قرار وزاري وحكومي، إضافة إلى عدة قرارات صدرت من إدارة المؤسسة العامة للمناطق الحرة، تتضمن العديد من التسهيلات والإجراءات التي تخدم النشاط الاستثماري والمستثمرين، وتيسير أعمالهم في هذه المناطق، وذلك حسب تصريح سابق لمعاون وزير الاقتصاد في عام 2014.
«الظروف الراهنة» أصبحت مطاطة
ربما تقدير «الظروف الراهنة» هو مبرر واقعي، ومشروع لإعادة دفق الحياة في بعض المشاريع المتوقفة، عامة أو خاصة، وربما منح بعض التسهيلات المشروطة لأجل ذلك يعتبر مسوغاً ومبرراً كذلك الأمر، طبعاً مع الأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة المتوخاة خلف ذلك على مستوى الاقتصاد الوطني ككل.
لكن واقع الحال يقول: إن عبارة «الظروف الراهنة» أصبحت مطاطة، بحيث تمنح من خلالها المزيد والمزيد من التسهيلات والإعفاءات للمستثمرين والمتعاقدين، لتضيع معها الاشتراطات التنفيذية المرافقة لها، والمرتبطة بالمصلحة الاقتصادية العامة، مع عدم إغفال أن بعض المشاريع في منطقة عدرا الصناعية لم تتوقف طيلة السنوات السابقة، رغم «الظروف الراهنة» التي من المفترض أنها طالت الجميع!
والسؤال الذي يطرح نفسه أخيراً:
ما هو مآل كافة التسهيلات الممنوحة سابقاً للمستثمرين والمتعاقدين بسبب «الظروف الراهنة»؟ وما هي الجدوى منها على المستوى التنفيذي، وانعكاساتها الإيجابية على مستوى الاقتصاد الوطني حتى الآن؟