بدعة خدمات ما بعد استنكاف الخدمة
نقلت إحدى الصحف الرسمية تأكيد وزارة الاتصالات والتقانة، بأنها مكلّفة كغيرها من الوزارات بحسن التّعامل مع المواطن، وأن ذلك يأتي ضمن أولويّاتها، مبينة أنه لدى الشّركة السّوريّة للاتّصالات لجاناً خاصة للبحث عن الأسباب التي قام المشترك بإلغاء بوّابته لأجلها، خاصة عندما يكون الإلغاء ناتجاً عن سوء الخدمة، وليس لداعي السفر، أو عدم الحاجة للبوابة، فهنا يتم الوقوف والتّدقيق لمعرفة مكامن التّقصير.
ولفتت الوزارة، أنّه بالنظر إلى الناحية الاقتصادية، فكل بوّابة بسرعة 1 ميغا تحقق عائداً شهرياً قدره 3000 ليرة تقريباً، وبالتّالي فثبوت وجود تقصير من قبل أي عامل في المركز الهاتفي، أو سوء تعامل من قبل العاملين بالمراكز الهاتفيّة وحتى رؤساء المراكز تتم المحاسبة عليه دون تردد.
بدعة جديدة
رغم أهمية ما ورد أعلاه، إلا أن فيه إشارةً واعترافاً إلى أن بعض المواطنين قاموا بإلغاء اشتراكهم بخدمة الإنترنت، وذلك بسبب سوء الخدمة، كما أن التأكيد أعلاه على حسن التعامل مع المواطن، اقترن بالبحث عن أسباب إلغاء الاشتراك بخدمة الإنترنت، وخاصة في حال كان ناتجاً عن سوء الخدمة، لكنه بجميع الأحوال بعد إلغاء البوابة من قبل المستخدمين، وليس قبلها.
وحسب العرف التجاري، هناك ما يسمى بخدمات ما بعد البيع المتعارف عليها والمعمول بها، أما خدمات ما بعد استنكاف الخدمة، فهو يعتبر بدعة جديدة تسجل لوزارة الاتصالات والتقانة!
تنصل من المسؤولية!
كأن وزارة الاتصالات والتقانة لا علم لها ولا خبر عن سوء خدمة الإنترنت المزمنة بشكل عام، وضعف أداء الشبكة وبطئها، وهو ما كثر الحديث عنه، وما زال، على ألسنة المشتركين بهذه الخدمة من المواطنين، متنصلة من مسؤولياتها على هذا الصعيد، ومحملة مسؤولية ذلك بشكل مباشر، أو غير مباشر لوجود تقصير من قبل العاملين في المراكز الهاتفية، وليس لأي سبب آخر، فني أو تقني خاص بالبوابات وبالشبكة نفسها، وبالمقاسم الهاتفية وغيرها من الأسباب الأخرى، مع عدم تغييب دور ومسؤولية العاملين في المقاسم الهاتفية بعد ذلك طبعاً.
في المقابل، لم تغفل الوزارة أهمية العائد الاقتصادي من كل بوابة، والذي على ما يبدو كان السبب الأساس لاستيائها من إلغاء الاشتراك، وتحميل مسؤولية ضياع هذا العائد للعاملين في المراكز الهاتفية دون سواهم، وربما مضمون ما ورد أعلاه على هذا المستوى، هو الرسالة الحقيقية المراد إيصالها للعاملين في المراكز الهاتفية، وكأن من واجبات هؤلاء إقناع المستنكفين عن الخدمة بالعدول عن رأيهم، والاستمرار باشتراكهم، رغم سوء الخدمة، خشية المسؤولية والمحاسبة!
المهم والأهم!
ربما الأجدى بوزارة الاتصالات، أن تعمل على تلافي التقصير وسوء الخدمة، قبل أن يصل الحال بالمشتركين لإلغاء اشتراكهم وليس بعده، عندها ربما يمكن أن نقتنع بأن حسن التعامل مع المواطن من أولوياتها.
وحبذا لو تشكل لجان لهذه الغاية، للبحث عن مكامن التقصير بالخدمة بشكل دائم، من أجل تلافيها فعلاً وحقيقة، عبر الاتصال بالمشتركين ومعرفة مشكلات الخدمة والشبكة لديهم، قبل الوصول بهم للاستنكاف عن الخدمة، عندها يمكن أن يكون ذلك ضمن خدمات ما بعد البيع المتعارف عليه تجارياً، بدلاً من اللجان التي ستعمل على تقصي أسباب إلغاء الاشتراك من قبل المواطنين، والوصول لاستنتاجات بغاية تحميل المسؤولية للعاملين في المراكز الهاتفية، على أرضية فوات الريع والعائد الشهري، رغم أهمية هذا الإجراء في الأحوال جميعها.