عام جديد وزخم شعبي مستمر
أهالي بلدات ببيلا وبيت سحم ويلدا، بدأوا عامهم الجديد بمظاهرة كبيرة، كان اللافت فيها: زيادة أعداد النساء والأطفال المشاركين فيها.
المظاهرة بهتافاتها وشعاراتها المرفوعة، كانت موجهة للضغط على المجموعات المسلحة المسيطرة على المنطقة، وخاصة «جيش الإسلام» وما يسمى «جيش الأبابيل»، من أجل مغادرة المسلحين وإنهاء المظاهر المسلحة في البلدات، ومن أجل استكمال اتفاقات وقف إطلاق النار، وتحييد الأهالي عن المعارك الدائرة في البلدات وبمحيطها، وانعكاساتها السلبية على حياتهم وأمنهم ومعاشهم.
الشعارات والهتافات، على ألسنة الأهالي كانت كثيرة، وفي اللافتات الكرتونية المحمولة من قبلهم، منها: «إيد وحدة إيد وحدة»_ «جيش الإسلام جيش الأبابيل حلو عنا»_ «لا إرهاب ولا تكفير بدنا المصالحة تصير»_ وغيرها.
حراك شعبي مستمر
المظاهرة الأخيرة، كتعبير عن الحراك الشعبي المتسع، كان جلياً بأنها تستهدف الوقوف بوجه المجموعات المسلحة المتشددة الرافضة لاتفاقات وقف إطلاق النار، كما بوجه معرقلي الحلول، مع ما يعنيه ذلك من انعكاسات سلبية على حياة الأهالي واستمرار معاناتهم ومأساتهم، لذلك فقد كانت المشاركة فيها كبيرة، وقد شملت أعداداً كبيرة من النساء والأطفال، وقد ظهر في المقابل، تخبط المجموعات المسلحة التي لم تتوان عن استعمال الأعيرة النارية، من أجل تفريق المتظاهرين عبر ترهيبهم، بالإضافة إلى الكثير من الممارسات الترهيبية الأخرى للغاية نفسها.
يشار، إلى أن الأهالي في هذه البلدات سبق لهم وأن مارسوا الكثير من الضغوط الشعبية على المجموعات المسلحة المسيطرة خلال السنوات السابقة، بما في ذلك العديد من المظاهرات بوجه هؤلاء من أجل تعزيز وقف إطلاق النار، كما من أجل الكثير من المطالب الحياتية والمعيشية والخدمية، وكذلك مظاهرات التضامن مع فلسطين والقدس في الشهر المنصرم، وهم على ذلك حالهم كحال الكثير من أهالي البلدات والمدن الأخرى على مستوى القطر.
تفاؤل مشروع
الحراك الشعبي بوجه المتشددين، الذي بدأ به الأهالي عامهم الجديد، يؤكد من جديد على أهمية استمرار الضغوط الأهلية، كما يؤكد على أن جذوة الحركة الشعبية ما زال أوارها مشتعلة ولم تخبُ، ولعل الأهم من هذا وذاك هو: الاستمرار بالتمسك بثوابت وحدة سورية أرضاً وشعباً، كما وبثوابت وطنية عامة أخرى كانت ظاهرة عبر الشعارات المرفوعة والهتافات التي تم ترديدها، رغم كل محاولات تغييب هذا الحراك وطمسه، أو محاولات تشويهه وحرف أهدافه من كل الأطراف، وخاصة تلك التي لا مصلحة لها بوقف إطلاق النار، أو بالمضي باتجاه استكمال مسيرة الحل السياسي، الذي يعتبر وحده من يؤمن المناخ الملائم للحركة الشعبية كي تدلي بدلوها الإيجابي بما يخص مطالبها ومصالحها الوطنية، الأمر الذي يؤكد على أن كل من يقف بوجه الحل السياسي، أو يعرقله، لا يقف بوجه المطالب الشعبية فقط، بل وبوجه المصلحة الوطنية العليا كذلك الأمر، وهو ما لا يمكن للشعب أن يغفره لا عاجلاً ولا آجلاً.
ورغم كل مساعي تلبيد وتعكير الأجواء والشحن والتعبئة السلبية، لا نبالغ بتفاؤلنا إن قلنا: أنه كلما اقتربنا أكثر من تحقيق الحل السياسي الناجز، عبر بوابة جنيف والقرار الدولي 2254، كلما زاد نشاط وزخم وفاعلية الحراك الشعبي مجدداً، وتعددت أشكاله وصوره وأساليبه، كما ستتسع رقعة المشاركين فيه عدداً ومكاناً، بالتوازي مع تراجع دور قعقعة السلاح وداعميه، كما وتراجع أدوار المتشددين والمعرقلين من الأطراف كلها، داخلاً وخارجاً، وللتوحد أكثر فأكثر بوجه الإرهاب والترهيب، وهو ما نتوقعه خلال هذا العام، مع هذه المقدمات الملموسة، وهو ما يجعل من تفاؤلنا ذا طابع موضوعي ومشروع نحو تحقيق التغيير الديمقراطي الجذري والشامل المنشود وطنياً وشعبياً.