بشرى سارة لكن لمن؟
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

بشرى سارة لكن لمن؟

وكأنها بشرى سارة تلك التي ساقها مدير المناطق التنظيمية في محافظة دمشق، وذلك خلال جلسة مع أعضاء مجلس محافظة دمشق الأسبوع الماضي، إلى أهالي وساكني منطقة اللوان، بأنه سيتم إخلاء المنطقة بشكل كامل بداية العام المقبل.

اللوان هي المنطقة التنظيمية الثانية التي خضعت للمرسوم 66 لعام 2012، حالها كحال منطقة خلف الرازي، وهي أكبر من منطقة خلف الرازي بأضعاف.
وكما جرى مع أهالي خلف الرازي، جرى وسيجري مع أهالي وسكان وقاطني منطقة اللوان، من حيث عمل اللجان وإثبات الملكية والإشغالات وغيرها، بالإضافة إلى دخول السماسرة والتجار والفاسدين على خط الاستغلال والمكاسب وتقاسم الأرباح بين الكبار، فيما يضطر أصحاب الملكيات الصغيرة إلى البيع تحت ضغط الحاجة وطول مدة الانتظار في التنفيذ، والأهم السكن البديل وبدلات الإيجار المؤقتة، المرتبطة بالبحث عن السكن المؤقت والاضطرار للتنقل من بيت إلى بيت ريثما يُبَت بموضوع السكن البديل الموعود لكل طويل عمر من هؤلاء.
بدلات الإيجار مثال فقط
فعلى سبيل المثال، وعلى الرغم من أن قيود وسجلات منطقة خلف الرازي مستكملة ومنتهية، إلا أن بدلات الإيجار المقرة سنوياً للموعودين بالسكن البديل من هؤلاء يتم التأخر بتسليمها، وقد يصل التأخر أحياناً إلى مدة ثلاثة أشهر، كما جرى العام الماضي مع غالبية هؤلاء، وكما جرى الآن مع البعض منهم، الذين استحقوا بدلات الإيجار حسب التواريخ والقيود، إلا أنهم لم يستلموها حتى الآن، مع الكثير من الأعذار والذرائع.
فالتأخر بصرف بدلات الايجار المستحقة سنوياً، يعني بأن هؤلاء الأهالي سيقعون تحت وقع الاستغلال من قبل أصحاب البيوت المستأجرين لديهم، مهددين بالإخلاء أولاً، وبطلب زيادة بدل الايجار ثانياً، والاضطرار للاستدانة مع ما يرافقها من هدر للكرامة في الحال الأولى، أو الانتقال من بيت إلى بيت آخر، ربما أبعد وأصغر مساحة وأسوأ بالمواصفات بحال الثانية، ناهيك عن «الشنططة والبهدلة» التي لا يعرفها أولو الأمر، الذين يسوقون التبريرات والأعذار المختلفة على هؤلاء من أجل حصولهم على حقوقهم.
«الزمن حقو مصاري»
المشكلة أن عامل الزمن الذي يعتبر ضاغطاً على الأهالي والسكان، يبدو أنه ليس كذلك على أصحاب القرار والمتنفذين والسماسرة.
فبالإضافة إلى وقوع الكثير من الأهالي فريسة السمسرة وعمليات البيع والشراء في المنطقة عموماً، وخاصة أصحاب الملكيات الصغيرة من الأسهم، والتي يتحكم بها كبار التجار والسماسرة والفاسدين، فإن البقية الباقية من أصحاب الملكيات المتوسطة، سيتبعون هؤلاء إن عاجلاً أو آجلاً، وذلك بسبب عدم التقيد بمدد التنفيذ المعلن عنها، أو بمدد تسليم السكن البديل لهؤلاء، في ظل الاستمرار بتقديم الذريعة تلو الأخرى.
فإذا كانت منطقة خلف الرازي قد حملت معها الكثير من المآسي على الفقراء من سكانها وآهليها على إثر دخولها حيز التنظيم، والتأخر في التنفيذ حسب المعلن والمخطط، وإطالة هذه المدد بين الحين والآخر، فإن منطقة اللوان ربما تحمل المزيد من هذه المآسي على هذه الشريحة تحديداً، وذلك كونها أكبر بكثير من المنطقة الأولى، وبالتالي فإن الشرط الزمني المرتبط بالمساحة وحجم الأعمال في المشروع سيكون أوسع، مع ما يتبعه من «مطمطة» تصب بالنتيجة بمصلحة المستغلين من المتاجرين والسماسرة والفاسدين.
فعامل الزمن الضاغط على الصغار من أصحاب الملكيات والأسهم، يعتبر معياراً للمزيد من التملك والمزيد من الأرباح في جيوب كبار التجار والسماسرة بالنتيجة.
على ذلك فإن الخبر المساق على لسان مدير المناطق التنظيمية في محافظة دمشق، حول إخلاء منطقة اللوان بشكل كامل مطلع العام القادم، هو فعلاً بشرى سارة، لكن ليس للأهالي والقاطنين في المنطقة، بل للتجار والسماسرة الذين سيبدؤون باستثمار عامل الزمن الضاغط على الأهالي لمصلحتهم، بالمزيد من الضغط عليهم من أجل التخلي عن ملكياتهم وحقوقهم فيها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
837