نيّات حسنة لوزارة الاتصالات لكنها دائماً متعثّرة!

نيّات حسنة لوزارة الاتصالات لكنها دائماً متعثّرة!

منذ أكثر من خمسة عشر عاماً قامت مؤسسة الاتصالات في اللاذقية المباشرة بتنفيذ مشروع لاسلكي للخطوط الهاتفية، يهدف إلى خدمة المواطنين القاطنين في مناطق يصعب إجراء الحفريات فيها، بغية تزويدهم بالشبكة الهاتفية الأرضية.

وقد تفاءل المواطنون بهذا المشروع واستبشروا خيراً. إلا أنه وبعد الاستثمار والتجريب تبيّنت جملة من المشاكل والصعوبات، أحبطت ليس فقط المواطنين المستفيدين من هذا المشروع، بل وحتى القائمين على إنجازه.
في التفاصيل
هذا المشروع، يعتمد على مبدأ توفير الإشارة اللاسلكية إلى المحطات الفرعية في المحافظات، وهذه التقنية هي من اختصاص المحطة الرئيسة في دمشق. فهي المسؤولة عن تقوية الإشارة وإرسالها إلى المحطات الفرعية. وهنا بدأت المشكلة؛ إذ أن إشادة أيّ بناء أمام المشترك يؤدي إلى اختفاء الإشارة اللاسلكية القادمة من دمشق. ما أدّى إلى زوال الخدمة عن عدد كبير من المشتركين المخدّمين بهذا المشروع، وخاصةً بعد التوسّع العمراني الذي شهدته بعض المناطق في المحافظات التي هي بحوزة الدولة. وكلنا يعلم الفلتان الذي حصل في العمران العشوائي في ظلّ تراخي قبضة الحكومة، وانتشار المخالفات بشكل غير مسبوق.
كما أن أيّ عطل في كتلة الهاتف اللاسلكي العائدة للمشترك، يتمّ تغريمه بمبلغ (80) ألف ليرة سورية بغضّ النظر عن سبب العطل! ويتمّ تجميعها عند الورشة المختصة في المحافظة، وبعد فترة يتم إرسالها إلى المركز في دمشق بغية إصلاحها. وقد يستغرق ذلك عدة أشهر لإعادتها إلى المشترك. لأن الكادر الفني في المحافظات غير مخوّل بإجراء «السوفت وير – الفرمتة» على الكتلة، فالمركز هو وحده دون غيره المتحكّم بعملية الإصلاح. وكلمة السرّ هي حكرٌ عليه فقط. علماً أنه يتوجّب على كل مشترك دفع رسوم الاشتراك بالهاتف كل شهرين مبلغاً وقدره (900) ليرة سورية سواء كان الهاتف معطلاً أم لا.. والمشترك صاحب الكتلة الهاتفية المعطلة أمام خيارين أحلاهما مُرُّ: إمّا دفع الرسوم ظلماً دون وجه حق، أو تسليم الجهاز وإلغاء اشتراكه. وفي الحالتين المواطن خاسر. وقد لجأ إلى الخيار الثاني غالبية المشتركين والألم يعتصرهم على هذه الخسارة الفادحة. ولم يتبقَّ_ في اللاذقية على سبيل المثال_ سوى عدد محدود جداً ما زالوا (يتمتعون) بهذه الخدمة وفي منطقة «شاليهات الدراسات» حصراً.
بديل وعقبات جديدة
أمام هذا الواقع المرّ، فكّرت وزارة الاتصالات بمشروع آخر بديل وهو «المشروع الريفي الثالث»، وغايته تخديم المناطق والقرى غير المخدّمة والبعيدة، وذلك باستخدام تقنيات شبكات النفاذ الضوئي لـ\4300\ قرية على مستوى سورية، بغية التقليل من استخدام الأسلاك النحاسية العالية الكلفة، والتخفيف من بناء المراكز الهاتفية، في الوقت نفسه يضمن خدمة أفضل.. ويتلخّض هذا المشروع بتركيب وحدات النفاذ الضوئي، من خلال تجهيز مقسم مصغّر يتّسع لألف أو ألفي رقم، يوضع بالتجمعات البعيدة، ويتم ربطه مع المقسم الرئيس في المدينة بكبل ضوئي. ويحقق هذا المقسم المصغّر ميزتين، هما: وثوقية الاتصال، والحصول على الميزات كافةً الموجودة في المقسم الرئيس.
ولكن أيضاً وقعت الوزارة في مشكلة جديدة كان عليها التفكير فيها، والعمل على تداركها قبل بدء التنفيذ، وهي: أن هذا المشروع بوحداته الضوئية يعمل على الكهرباء، والتقنين يصل في أغلب المناطق إلى أكثر من نصف ساعات اليوم، وبالتالي الخدمة الهاتفية في أسوأ حالاتها لأنها مرهونة بتوفّر الكهرباء.
مؤخراً، توصّلت الوزارة بعد الكثير من الانتقادات، إلى إيجاد حلّ، وهو: العمل على تزويد وحدات النفاذ الضوئي بخلايا ضوئية تعمل على الطاقة الشمسية، التي كان من المفترض العمل بها منذ مباشرة العمل بهذا المشروع.
فهل ننتظر عقبة أخرى في هذا الحلّ لم تكن بالحسبان؟ نأمل عكس ذلك.

معلومات إضافية

العدد رقم:
834