نازحو (شرقي دير الزور) في العراء

نازحو (شرقي دير الزور) في العراء

ما زالت تداعيات النزوح الجماعي من الريف الشرقي لدير الزور على إثر العمليات الحربية الدائرة هناك، تلقي بظلالها السوداء على الآلاف من هؤلاء النازحين.

عشرات القرى شهدت حالات من النزوح الجماعي، وخاصة باتجاه المناطق الشمالية على حدود محافظة الحسكة، حيث استقروا بالعراء في هذه المنطقة، وما زالوا.
في العراء
هؤلاء النازحون بغالبيتهم مكونون من النساء والأطفال والشيوخ، وقد نزحوا بما عليهم من لباس، تاركين بيوتهم وأرزاقهم وممتلكاتهم هرباً من «داعش» ومن الحرب والعمليات الحربية في منطقتهم، وما زالوا يبيتون في العراء منذ أكثر من أسبوع حتى الآن، دون تقديم أيةٍ من مقومات الحياة لهم، فلا خيام ولا أغطية ولا طعام ولا دواء، ولا أي شيء يقيهم تقلبات الطبيعة أو الجوع، في ظروف إنسانية مأساوية، يعجز الوصف عن سبر أغوارها.
كبار السن من الشيوخ والنساء يقولون: ربما من الممكن لهم أن يتحملوا بعض الظروف القاسية وضنك العيش والحاجة لفترة زمنية، لكن كيف يمكن للأطفال أن يتحملوا مثل هذه الظروف القاسية؟ خاصة مع الغياب التام لأي شكل من أشكال الرعاية الصحية، التي يحتاجها الأطفال في الظروف الطبيعية، فكيف في مثل هذه الظروف الاستثنائية القاسية؟!
أمراض ووفيات
لقد تم تسجيل العديد من حالات المرض بين الأطفال، مع انعدام كل أشكال الرعاية الصحية، ما أدى لتفشي الأمراض، بالإضافة لتسجيل بعض الوفيات منهم.
من اللاشمانيا إلى السل إلى الجرب، وغيرها من الأمراض السارية أصبحت متفشية بين هؤلاء النازحين عموماً والأطفال خصوصاً، في ظل عدم توفر الأدوية والرعاية الصحية، وفي ظل عدم توفر مياه الشرب وعوامل النظافة، بالإضافة إلى النقص الحاد بالأغذية، في مشهد للبؤس يتم تناقله عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، دون أن يحرك جفن من يدعي الإنسانية من المنظمات الدولية، أو غيرها من الجهات الموجودة على الأرض بالقرب من مناطق استقرار هؤلاء بالعراء.
الإدارة الذاتية ودورها المطلوب
الإدارة الذاتية، التي تخضع المنطقة لسيطرتها، تقول: أن المخيمات القائمة على حدود المحافظة (السد، المبروكة، الهول، وغيرها) قد استنفذت طاقتها الاستيعابية، فهي سلفاً تضم عشرات الآلاف من النازحين فيها، مع الأخذ بعين الاعتبار، أن واقع هذه المخيمات ليس بالجيد بالنسبة للنازحين المقيمين فيها، من حيث الخدمات والرعاية والأغذية ومتطلبات الحياة الأخرى، والمرتبطة بالتمويل والجهات والمنظمات الداعمة.
وعلى الرغم من ذلك، ربما المطلوب من الإدارة الذاتية: أن تترك حرية الحركة لهؤلاء النازحين إلى الأماكن الأكثر أمناً، حيث إن أي تحرك لهؤلاء في اتجاهات خاطئة قد يعرضهم لمخاطر الوقوع في حقول الألغام المنتشرة في محيط المنطقة من قبل «داعش»، وقد تمّ تسجيل العديد من الوفيات والإصابات جراء ذلك أيضاً.
كما عليها أن تعمل على تقديم المساعدات إليهم، كأحد أشكال دعم مقومات الحياة والبقاء، قدر استطاعتها وحسب إمكاناتها المتوفرة، وبالتعاون مع الجهات الممولة والداعمة، خاصة في ظل وضوح استمرار غياب المنظمات المعنية، كالأمم المتحدة وغيرها، والتي من المفروض أن تتواجد في مثل هذه الظروف.
استغلال وابتزاز
على الطرف المقابل يتم الحديث عن وجود بعض الفاسدين الذين يستغلون ظروف هؤلاء النازحين عبر عرض خدماتهم بالسماح لهم بدخول محافظة الحسكة، لكن مقابل مبالغ كبيرة من المال ابتزازاً، وقد اضطر بعض النازحين، ممن يمتلك بعض المال، للخضوع لمشيئة هؤلاء وتم بالفعل نقلهم وإدخالهم إلى المنطقة، مع تجاهل الإدارة الذاتية وغض نظرها عن مثل هذه السلوكيات! كيف ولماذا، ولا أحد يعلم أو يدري!؟.
والنتيجة، أن هؤلاء النازحين ما زالوا عالقين في هذه الظروف الإنسانية المأساوية، مع الغياب التام لأيةِ حلولٍ تمنع عنهم المزيد من المعاناة والآلام.

معلومات إضافية

العدد رقم:
832