تردي الوضع الصحي في حي الشيخ مقصود
إن كانت تداعيات الأزمة هي السبب الأساس فيما وصلت إليه مدينة حلب من تدهور في البنى التحتية، فهي من جانب آخر الشماعة المكسورة التي علقت عليها نتائج التقاعس الحكومي، والأسطوانة المشروخة على لسان مسؤوليه.
فكل زاوية وحي في مدينة حلب يُجمل قصة من قصصها، وحي الشيخ مقصود على سبيل المثال لا الحصر، يعاني مشاكل خدمية تثار بين الفينة والأخرى، وخاصة على المستوى الصحي، لخصوصية الموقع والظرف، وهي مستعصية الحل لأسباب عديدة ومختلفة!.
واقعٍ متردٍ
القطاع الصحي في الحي يعاني من تدهور كبير في الوضع الراهن، ففي زيارة لمراسل «قاسيون» إلى الحي، ومعاينته النقطة الطبية الوحيدة الموجودة فيه، والتابعة إلى مديرية صحة حلب، تبين أنها تعاني العديد من المشاكل، منها:
-البنية التحتية للمركز سيئة، فهو متوضع في بيت عربي متهالك من ناحية البناء والنظافة، يحوي جهاز تبريد «فريزر« لحفظ اللقاحات يعمل على «الطاقة الضوئية» لعدم وصول الكهرباء للحي، مقارنة مع مستوصف للهلال الأحمر المجاور له! بسبب اختلاف التبعية.
وهو ما يُعد مشكلة، كونه من المفترض أن يخدم حي بمساحة الشيخ مقصود، مع الأخذ بعين الاعتبار غياب التعداد الرسمي لعدد القاطنين في الحي، ومن عاد إليه بعد عودة استقرار الوضع الأمني نسبياً إليه، وهو ما يتطلب زيادة الاهتمام بهذا المركز الصحي، وتطويره بما يتناسب والخدمات المطلوبة منه، وخاصة ناحية البناء اللائق والمستلزمات الطبية والكادر الصحي بالحد الأدنى.
-الكادر الصحي في المركز متواضع جداً، 5 ممرضات، والذي أدى ويؤدي مهامه بجهد يفوق طاقة هؤلاء بكثير، ورغم الجهد المبذول، غير المقدر أو غير المأخوذ بعين الاعتبار، ومع كل ما عانته وتعانيه المدينة ككل والحي خصوصاً، يظهر بجلاء، أن هذا العدد غير كافٍ لتقديم المطلوب منه لتغطية الحي صحياً.
رواتب ومعاناة!
معاناة المركز الصحي خلال السنوات الماضية، وفي فترة الحصار، ليست بأقل من معاناة كادرها من سفر ومشقة، من خلال معبر بستان القصر في البداية، ومن ثم الرحلة من وإلى طريق خناصر عندما كانت المدينة مشطورة إلى شرقية وغربية.
فالرحلة الشهرية من أجل الحصول على رواتبهم شاقة وشائكة ومجهدة مادياً ومعنوياً، ورغم ذلك استمر دورهم في أداء مهامهم، وإن كان في حده الأدنى حسب الإمكانات المتاحة.
أما حالياً تكمن معاناتهم في تنقلهم بوجود الحواجز من جهة، وفي التوجه لقبض رواتبهم بعد المرور بسلسلة روتينية من أوراق وتواقيع، بدءاً من مركز جمعيات الصحة، مروراً بمركز الرعاية الصحية، وانتهاءً بمشفى التوليد، ومن ثم العودة.
والسؤال: أليس من الأجدر وصول رواتبهم إلى مكان عملهم، وعدم تكليفهم عناء التعب الإضافي؟!.
الليشمانيا
عند الحديث عن مرض الليشمانيا_ حبة حلب_ يحضر إلى الذهن حي الشيخ مقصود مباشرة.
وهو مرض جلدي طفيلي ينتشر عن طريق ذبابة الرمل التي تعتبر ناقلة للطفيلي المسبب للمرض، والتي تنقله بدورها للإنسان السليم، وتعتبر القوارض خازناً لهذا الطفيلي، والنظافة العامة والشخصية أحد عوامل منع انتشار المرض الرئيسة.
فارتفاع درجات الحرارة، وانتشار مخلفات الأبنية المدمرة في الحي، ومياه الآبار الملحية وشبكات الصرف الصحي، والتلوث الغذائي، أدى إلى مضاعفة انتشار الأمراض السارية عموماً (الجرب- الحمى المالطية- التهاب السحايا- الحمى التيفية- إضافة للليشمانيا.
فيما تقتصر المعالجة من قبل مسؤولي المدينة على توزيع اللقاحات، أو بعض العلاجات الموضعية فقط، أي: معالجة النتائج وليس الذهاب إلى البؤر ذاتها المسببة للأمراض، ووضع الخطط اللازمة لمعالجتها، أقله رش المبيدات لمكافحة بعض الأسباب وحماية الحي والمدينة بالمحصلة.
تجاذبات
مثل هذه الإجراءات من المفترض أن تقع على عاتق الدولة، من حيث المبادرة لحل مشكلة تعاني منها المدينة بأكملها وليس الحي فقط، وبالتالي عدم التعاطي من زاوية ضيقة وخاصة بهذا الشأن أو بسواه، بسبب بعض التجاذبات السياسية، بين الإدارة الذاتية الموجودة في الحي، وبين الجهات الخدمية الرسمية التابعة للدولة فيه.
فمصلحة المواطن وخدماته وصحته يجب أن تكون خارج هذه التجاذبات والضغوط، وبعيداً عن حيز مناكفات فرض الوجود وذرائعها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 830