«تقنين وأيدٍ خفية»  ماحقيقة انقطاع أدوية التخدير في المشافي؟!

«تقنين وأيدٍ خفية» ماحقيقة انقطاع أدوية التخدير في المشافي؟!

مشاكل القطاع الصحي بشكل عام لم تنتهِ، وخاصة تلك التي تتعلق بالمشافي العامة سواء قبل الحرب أو خلالها، وأضيفت إليها قضية الأدوية خلال فترة الحرب، فمن الممكن تصور حجم المشكلة حينما تكون متعلقة بتوفر الأدوية ضمن المشافي العامة!.

الحديث ليس عن جميع الأدوية علماً أن قضية تأمين أصناف معينة منها للمشافي العامة مازالت بحاجة إلى نقاش معمق وحلول ناجعة وجذرية، سواء من خلال زيادة ميزانيات المشافي، أو ابتكار أساليب تختصر فترة استجرار الأدوية الضرورية والملحّة من الخارج، والمحصورة حالياً بالمؤسسة العامة للتجارة الخارجية عبر فارمكس، والتي قد تحتاج حوالي 4 إلى 5 أشهر.
قسم الإسعاف يستخدم السيتامول!
الشكاوى التي وصلت «قاسيون» مؤخراً، لها علاقة بالأدوية المخدرة أو التي يسميها الأطباء في المشافي بـ «المسكنات»، وهي التي تخفف عن المرضى آلامهم سواء في قسم الإسعاف، أو في قسم العمليات، حيث أكد عدة أطباء في أقسام الإسعاف بمشافي المواساة والأسد الجامعي، عدم توفر الأدوية المخدرة المعروفة، وذات التأثير الفعال، ويقتصر العمل حالياً على الديكلون والسيتامول وهذان الأخيران غير متوفرين بشكل دائم.
يقول الأطباء: «لايوجد أدوية تخفف من آلام الحالات الحرجة التي تصل إلى الإسعاف. يمكنك سماع الصراخ والعويل نتيجة آلام المرضى، وحتى في الغرف، فالمتوفر حالياً السيتامول وبأفضل الأحوال الديكلون»، ويؤكدون أن «الترامدول والمورفين والبنتانيل والبنتدين» لم يعودوا متوفرين في المشفيين المذكورين.
في متابعة لتفاصيل القضية، نفت الجهات الرسمية جميعها في وزارة الصحة و التعليم العالي هذه الروايات، لكن فريق «قاسيون» استطاع التأكُّد من الرواية في مشفيين تابعين للتعليم العالي، إضافة إلى أن أحد المعنيين في وزارة التعليم العالي تحدث بصراحة على حد تعبيره، وتحديداً عن مشفى المواساة، مفضلاً عدم ذكر اسمه، وقال: «المشفى حصل على الكميات التي يحتاجها من الأدوية المسكنة، ولا يوجد نقص، لكن مايحصل هناك هو عدم وصول الكميات اللازمة إلى قسم الإسعاف، بينما تصل إلى أقسام أخرى ربما لضعف التنسيق».
أيدٍ خفية وتقنين
لكن السؤال هو: «أين ذهبت حصة قسم الإسعاف من الأدوية المخدرة؟» وعلى ذلك يجيب المصدر باتصال هاتفي إنه «قد تكون هناك أيدٍ خفية أو ضعاف نفوس ونحن نعمل على حل المشكلة»، دون توضيح معنى أيدٍ خفية، لكن من الممكن أن تكون إشارة إلى نوع من أنواع المتاجرة بهذه الأصناف.
طبيب تخدير مختص في مشفى حكومي تابع لوزارة الصحة، أيضاً فضل عدم ذكر اسمه تبعاً لحساسية القضية على حد تعبيره، قال: إنه هناك توجيه بتقنين استخدام أصناف معينة من الأدوية المخدرة نتيجة ضغط الحالات الواردة، حيث يحصر استخدامها حالياً للحالات الملحة جداً فقط، وهنا نضطر لاستخدام أدوية بديلة تخدر نصفياً وليس كلياً.
وأضاف: «هناك أسلوب متبع منذ زمن، وهو توقيف استخدام أنواع معينة من الأدوية، لاستخدام أصناف أخرى مكدسة، وهنا يكون الطبيب محصور بأنواع معينة قد لا تناسب جميع المرضى، وقد تُدخِل بعضهم العناية المشددة نتيجة الحساسية منها».
وأيضاً، بحسب الطبيب: فإن بعض أطباء التخدير يساهمون في المشكلة، وقد يتحججون بعدم وجود أدوية مخدرة لعدم استلام حالات جديدة خلال اليوم، وإنهاء العمل للخروج من المشفى.
أدوية مجهولة
يقول الطبيب «هناك نوع من الأدوية المخدرة الموضعية والتي ترد إلى المشافي العامة والخاصة منذ سنتين تقريباً، تأتي دون تاريخ إنتاج أو ذكر مصدر التصنيع، ولا يوجد بديل لها، لكن بعض الأطباء يرفضون التعامل معه لخطورته على المرضى الذين قد يكون لديهم حساسية معينة، وهنا نضطر لوصف دواء للمريض ونطلب منه شراءه من مشافٍ أخرى أو صيدليات».
وفي المشافي الخاصة كانت هناك مشكلة شبيهة نوعاً ما، حيث يكون طبيب التخدير محكوماً بالأنواع الموجودة ضمن المشفى، وهي أيضاً غير معروفة المصدر، وإن كانت مراقبة دوائياً من قبل وزارة الصحة، وقد حدثت عدة حالات تحسس ووفيات خلال العام الماضي في أكثر من مشفى خاص نتيجة هذه القضية، وفقاً لحديث الطبيب الذي استدرك حديثه بالقول: «صحيح أنه لايمكن التأكد 100% من أن حالات الوفاة كانت ناجمة عن ذلك، لكن المرجح هو هذا السبب».
ويتابع «هناك نوع واحد للمنوم ونوع واحد مرخي عضلي، والمشكلة تكمن فيما إن كان أحد المرضى لديه حساسية من هذين الصنفين، مع عدم وجود بديل لهما نهائياً، وهنا نضطر أيضاً لوصف دواء ليقوم مرافقو المرضى بشرائه من خارج المشفى على حسابهم الخاص».
تأخر ونقص
مدير المشافي التعليمية بوزارة الصحة أحمد رحال، قال في حديث إذاعي: إن الأدوية المخدرة متوفرة بنسبة 90% في المشافي التابعة لوزارة التعليم، وماحدث مؤخراً ليس انقطاعاً بالأدوية وإنما تأخير بتأمينها، أو نقص ما، وتم تدارك الموضوع عبر التنسيق بين المشافي.
من وجهة نظر وزارة الصحة وإدارة المشافي، لاتوجد مشكلة فعلاً بهذا الصدد، لكن القضية كانت مختلفة عند الحديث مع أطباء يمارسون عملهم اليومي في المشافي، فالقضية حدثت العام الماضي، وعادت هذا العام، أما مؤسسة التجارة الخارجية، فقد أكدت عبر تصريحات إذاعية أنها لا تتحمل أية مشكلة قد تحدث بهذا الصدد ضمن المشافي، فهي تملك الوثائق التي تثبت أن المشافي تحصل على كل طلباتها دون نقصان، ومستودعاتها تحوي مايكفي وحتى الطلبات الضخمة من هذه الأصناف، فأين تذهب هذه الأدوية ضمن المشافي؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
820