ضريبة عدم تناول طعام!
يبدو أن تهديدات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك للمطاعم غير مجدية، أو أنه كما يرى صفوان قربي أحد أعضاء مجلس الشعب السوري بأن «الفساد ينخر مفاصل هذه الوزارة» وأن «بعض كوادر الوزارة ضعيفة ومخترقة واعتادت أن يكون عملها الوظيفي مكرس لمصلحتها»، أي: أن بعض المراقبين التموينيين والذين هم قلة أساساً، مقارنة بالوضع الراهن، قد يسكتون عن المخالفات مقابل الرشاوى.
مخالفات المطاعم في سورية باتت تأخذ أشكالاً «غريبة عجيبة» على حد تعبير البعض، حيث يقول أبو سليمان: أنه قصد مطعم في الربوة، لاحتساء القهوة مع زوجته وابنته، مع «نفس أركيلة».
ضريبة علنية ومجهولة
الصادم بالفاتورة التي جاءت بعد جلسة الاستجمام، ليست قيمتها فقط التي بلغت 5 آلاف ليرة سورية، وإنما الضريبة المجهولة والمفروضة دون توضيح ماهيتها.
وبحسب أبي سليمان، فإن الفاتورة عبارة عن ورقة نظامية، طبعت عليها الضرائب الرسمية مسبقاً ، وختمت من قبل مديرية التجارة ووزعت على المطاعم كدفاتر، لكن المطعم أضاف ضريبة بخط اليد ونسبتها 15% من القيمة الإجمالية، وعندما طلب الزبون من الناذل معرفة ماهية هذه الضريبة، أجابه أنها ضريبة «كافيتيريا».
هذه الضريبة غير رسمية، وغير مدرجة ضمن قوائم الضرائب المختومة من قبل المديرية، وعلى هذا طلب الزبون توضيحاً عنها، فأجابه الناذل: أن «الدخول إلى مطعمنا وعدم تناول الطعام والاقتصار على الكافيتيريا من شراب وعصائر ونرجيلة، يرتب على المطعم خسائر، كونك تحجز الطاولة، وهذا يتطلب دفع الضريبة».
ضريبة نهر!
رغم تهديد الزبون بالشكوى لوزارة التجارة الداخلية، إلا أن صاحب المطعم يبدو غير مهتم وطلب من الزبون تصوير الفاتورة والذهاب بها أينما يريد، ويبدو واثقاً من تصرفه، وفي المطعم ذاته العام الماضي يقول أبو سليمان: أنه تم فرض ضريبة «نهر» عليه بعد تناوله الغداء، وعند استفساره قال له الناذل: أنهم يقومون بتنظيف النهر المار بالقرب من المطعم وعلى ذلك يتم فرض هذه الضريبة على الزبائن.
هذا المطعم ليس وحيداً في منطقة الربوة، والذي يرتكب المخالفات العلنية دون حساب، وليس الوحيد في دمشق وريفها أيضاً، حيث بات الدخول إلى المطعم منهكاً مالياً للكثير من السوريين، وبات تناول الغداء فيها طقساً سنوياً أي: مرة واحدة سنوياً، وغالباً بفترة الأعياد فقط، بينما استبعده آخرون نهائياً.
نربيش بسعر نرجيلة
في أحد مطاعم دمشق، طلب بلال «نربيش نرجيلة صحي» وهو نربيش بلاستيكي يستخدم لمرة واحدة فقط، بدلاً من النربيش الأساسي، وقد يقدم على هذا التصرف كثيرون، حرصاً على صحتهم من انتقال الأمراض، ليتفاجأ بلال بالفاتورة أن سعر النربيش البلاستيكي هو 600 ليرة وقد تم إدراجه على الفاتورة علماً أن سعر النرجيلة كلها 700 ليرة.
وفي مطعم آخر بدمشق القديمة، يقول فراس: إن فاتورة 4 أشخاص وصلت حد الـ 30 ألف ليرة، وتضمنت الطلبات 3 وجبات طعام فقط، ونرجيلتين، ومشاريب على العدد، دون أمور إضافية، أما خارج دمشق، وتحديداً في بلودان والزبداني اللتين عادتا إلى الخدمة فترة العيد الماضية، وعادت المطاعم لاستقبال زبائنها هناك، كانت الصدمة أكبر.
غرر بهم!
وبعد موجة من الإعلانات والترويج الحكومي، والخاص لتلك المنطقتين، توجه آلاف السوريين إلى هناك، وعادوا خائبين من الأسعار غير المراقبة، وتحكم واستغلال أصحاب المطاعم للزبائن، فمن قطع كل تلك المسافة من دمشق على سبيل المثال، مضطر لدفع الفاتورة وعدم التراجع حينها، لكنه قد لا يعيد الكرة مرة أخرى.
وبحسب أحد الزبائن، فإن فاتورة الغداء لـ 4 أشخاص في مطعم «مورة» ببلودان وصلت حد الـ 40 ألف ليرة سورية، علماً أن الطلبات كانت فروجاً واحداً و2 أوقية من اللحم المشوي، وقطعتين من الكبة، ومثلها برك بالجبن، مع صحن بطاطا وصحن كبة نية.
مخالفات تاريخية
مخالفات المطاعم متنوعة، والاستغلال مستمر دون أي رادع، حيث يقوم هؤلاء باستغلال المواسم لتحقيق أكبر مكسب مالي ممكن، ففي رمضان فرضت عدة مطاعم «التسالي» كما كل عام، ومطاعم أخرى فرضت بالعيد «دخولية» على الشخص الواحد بقيمة 2500 ليرة مع مشروب واحد دون وجود أي حفل أو مناسبة وأحدها في الشعلان، بينما يبقى عرف فرض عبوة المياه مع المحارم على الفاتورة موجوداً رغم تأكيد وزارة التجارة نفسها على أنها مخالفة صريحة، إضافة إلى امتناع المطاعم عن منحك نسخة عن الفاتورة.
وبعد ذلك كله، كيف تكون هكذا مخالفات علنية مع وجود دوريات تموينية جوالة يومياً على حد تعبير وزارة التجارة الداخلية؟ وكيف تنتظر الوزارة شكاوى المواطنين لتتحرك رغم علنية المخالفات ومعرفتها بها وبأشكالها؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 818