القمل في رؤوس أطفالنا .. والتربية تراه «تحت السيطرة»
بين تقاذف المسؤولية والاتهامات، بقيت مسألة انتشار القمل في بعض مدارس دمشق وتحديداً الحلقة الأولى منها، قضية معلقة ضحيتها الأولى الأطفال المصابون.
ومع استياء الأهالي من عدم حرص الإداريين والمعنيين في المدارس والروضات، وعدم تصرفهم بالطريقة الصحيحة للتعامل مع الظاهرة، عزت الصحة المدرسية انتشار العدوى لأزمة المياه الأخيرة، التي حرمت بعض المناطق من الماء لفترة تجاوزت الشهر، مشيدةً بجهود الأساتذة والإدارات في التعامل مع الحالات المكتشفة.
حلول الإدارات القاصرة!
إحدى الأمهات اشتكت عدم تجاوب إدارة المدرسة، لدى إعلامهم بأن ابنتها التقطت العدوى، وجُلّ ردّ فعلهم كان بالإصرار على وجوب قص شعر الفتيات، أو إجبار الأطفال على ارتداء القبعات، الأمر الذي لن يحول دون نقل العدوى، على حد قولها.
كما أكدت إحدى الأمهات: أنها اختارت روضة نموذجية لطفلتها برسوم سنوية عالية، ظناً منها أن ذلك قد يحميها من مثل هذه الحالات، لكن الواقع كان معاكساً، لتكتشف مؤخراً إصابة ابنتها ذات السنوات الثلاث ونقل العدوى لإخوتها لاحقاً، مشيرةً إلى أن معظم الأطفال في الروضة تبين أنهم مصابون.
صفوف ومقاعد «مزدحمة»؟
وشرح بعض الأهالي سوء الوضع في بعض المدارس والأسباب الأساسية التي يرونها محفزة لانتشار القمل، بقولهم: «قلة اهتمام المدرسين، وعدم قيامهم بفحوص أسبوعية للطلاب تمنع اكتشاف الأطفال المصابين، وبدء علاجهم، فضلاً عن الازدحام الكبير داخل الصف الواحد، حيث يصل عدد الطلاب فيه إلى 53 طالباً بمعدل 4 طلاب في كل مقعد».
واستطرد بعض الأهالي بقولهم، «بعد علاج ابننا أو ابنتنا من القمل، يعود التقاط العدوى من أصدقائه، بسبب عدم اتباع طرق صحيحة في المدرسة، وينقل العدوى لكامل المنزل ما يكلفنا مبالغ ليست بالقليلة لتكرار العلاج وتطبيقه على كل من في المنزل، فعبوات الشامبو صغيرة الحجم، ولا تكفي أكثر من شخص مصاب، بينما قد نضطر لشراء بخاخات وعلاجات أخرى لعدم فاعلية الشامبو في الأوقات جميعها، وهذه العلاجات مكلفة فعلاً».
المدارس والروضات مصدر «القمل»!
أحد الأطباء البيطريين في منطقة ركن الدين، أكد لجريدة (قاسيون) أن بعض الناس تلجأ إليه لإيجاد حل لمشكلة القمل، لعدم فعالية العلاجات الأخرى، الأمر الذي أيده أحد الصيادلة بقوله، «العلاج قد لا ينفع مالم يتم تحديد سبب العدوى والتخلص منها من مصدرها».
وكشف الصيدلي نورس، عن «ورود 3-4 حالات مصابة بالقمل يومياً، معظمهم من الأطفال، ما يدل على أن المدارس والروضات هي المصدر الأساسي لانتقال القمل».
الموضوع «تحت السيطرة»
بالمقابل، كانت الصحة المدرسية على لسان رئيس دائرتها نهاد مصطفى تذرع بأزمة المياه التي عصفت بدمشق مؤخرا،ً حيث اعتبر مصطفى أنها أثرت بشكل كبير على مستوى النظافة العام، مؤكداً أن «الظاهرة زادت عن السابق بقليل فقط، ولم تخرج الأمور عن السيطرة».
وأشار مصطفى إلى أن «القضية محصورة في مناطق محددة، وليست عامة»، معتبراً «المناطق المرتفعة من دمشق والتي عانت بشدة من انقطاع المياه هي بيئة الظاهرة».
إيضاحات المعنيين في وزارة التربية، على لسان مسؤول الصحة المدرسية، كان فيها تغييب لحقيقة تقصير الحكومة بجهاتها المختلفة، وعلى عدة أصعدة، وتحديداً عند حدوث أزمة المياه، إذ عجزت حينها عن تأمين وإيصال المياه للناس في عدة مناطق لفترة طويلة، فكان متوقعاً أن تؤدي لمشاكل وظواهر بيئية وصحية لها علاقة بالنظافة..
ورغم محاولات البعض تجميل واقع بعض المدارس السيئ، على مختلف الأصعدة، إلا أن تقصير كثير من المديرين أو الأساتذة بالتعامل مع ظاهرة القمل كحد أدنى، كان كفيلاً بالوصول إلى الوضع الراهن.
الشامبو يوزع أم لا يوزع؟
وتناقضت تصريحات الصحة المدرسية من قيامهم بتوزيع عبوات شامبو لعلاج القمل في المدارس، مع تصريحات الأهالي والصيادلة على حد سواء، وفي حال كان التوزيع يتم فعلاً في بعض المدارس، فهو على ما يبدو ليس كافياً وشاملاً، لأن الأهالي أكدوا دفع مبالغ مالية، لقاء شراء الشامبو والعلاجات الأخرى من الصيدليات.
التقصير واللامبالاة الحكومية في تأمين أساسيات الحياة وضرورات المعيشة من كهرباء وماء وغاز وغيرها، شكل سبباً رئيسياً لتراجع مستوى النظافة العام، إضافةً لإهمال واضح لنظافة الشوارع والأماكن العامة، من حيث تراكم القمامة لأيام في الأحياء، دون إزالتها، ما انعكس سلباً على قطاع الصحة من كل بد، خاصةً إذا ما استمر هذا الحال لحين حلول فصل الصيف.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 799