أطفال دير الزور الحلقة الأضعف.!
الأزمة ومفاعيلها طالت السوريين كلهم أينما كانوا، مقيمين ومهجرين، لكن مفاعيل الأزمة كانت أكثر قساوةً على الأطفال كونهم الحلقة الأضعف، والأكثر هشاشة جسدياً ووعياً، وخاصةً في المناطق المحاصرة، والمناطق التي تحت سيطرة الفاشيين التكفيريين، ومنها محافظة دير الزور.
شبح الموت المخيم!
الحصار الداعشي لأحياء دير الزور، بوابة لشبح الموت، الذي يطال الأطفال أولاً، سواء نتيجة القنص والقصف الذي يطال أجسادهم الغضة، أو التشوه نتيجة الإصابات المتعددة، ورغم عدم وجود إحصاءات دقيقة إلاّ أن الأعداد بالآلاف.
ففي المناطق المحاصرة، ناهيك عن القصف الفاشي، يعاني الأطفال من نقص حادٍ في الغذاء، وخاصةً المواد الضرورية البروتينية والكربوهدراتية والفيتامينات والمعادن، كاللحوم والبيض والسمون والزيوت والحليب ومشتقاته والخضار والفواكه، وهذا ما أثر على مناعتهم الجسدية، ونموهم الجسمي والعقلي، وسمح ذلك بانتشار الأمراض الوبائية كالتهاب الكبد(أبو صفار) وانتشار الأمراض الجلدية كالجرب، والقمل، وآخرها عضة البرد التي تسبب تقرح الجلد وخاصة اليدين والقدمين، نتيجة البرد الشديد والنقص الكبير في المياه ومواد النظافة، والأمراض المعدية والمعوية كالإسهال والتسمم، وغيرها، مما يؤدي إلى الجفاف والموت المؤلم والبطيء، وكذلك بسبب النقص الكبير في الأدوية الطبية ومواد المعالجة والكادر الفني والطبي.!
القتل والتلوث الإجرامي!
في بقية أحياء المدينة التي تحت سيطرة الفاشيين، وفي ريف المحافظة، الأمر لا يقل سوءاً، بالنسبة لمن بقي فيها، ويضاف إلى ذلك ما يسببه التلوث البيئي، نتيجة استخدام الحراقات البدائية لتكرير النفط، الذي انعكس على جوانب البيئة كلها: الماء والهواء والتربة والغذاء، وما نتج عن هذا التلوث من تشوهات جنينية أصبحت ظاهرة، ويضاف إلى ذلك دخول الأطعمة الملوثة وغير الصحية من العراق وتركيا، بشكلٍ مباشر أم تهريباً، مع اضطرار الأهالي وأسرهم لاستخدام أدوية بشرية لا يعرف (أصلها وفصلها) أو ضعف الخبرات الطبية، والجشع الذي يدفع بعض الأطباء لاستسهال العلاج ببتر الأعضاء أحياناً، ويضاف إلى ذلك منع الأهالي من الخروج من مناطق سيطرتهم للعلاج في المناطق التي تحت سيطرة الدولة، ناهيك عن التلوث الإشعاعي نتيجة استخدام القذائف في القصف، أو من إشعاعات استخراج النفط العشوائي، الذي يزيد من نسب التشوه الجنيني والتشوه عموماً.
الرعب القاتل.!
الأمراض النفسية كالتوحد والانفصام والاكتئاب والجنون، وما ينجم عنها من أمراضٍ جسدية كسكري الأطفال والسلس البولي وغيرها.. أصبحت منشرة بشكل كبير، بسبب الممارسات الوحشية من قطعٍ للرؤوس وصلب، والرعب الذي يبثه التنظيم الفاشي في مناطق سيطرته، وإجبار الأهالي وأسرهم على حضور مجازره الوحشية، وأحياناً قتل أحد أبناء الأسرة نفسها أما أعينها.!
أطفال المخيمات!
معاناة أطفال محافظة دير الزور في المخيمات، سواء على الحدود التركية أو العراقية، أو داخل الأراضي السورية، أو في الأبنية البدائية، وأماكن الإيواء المقامة في العراء، وغير المجهزة بأساسيات مقومات الحياة، ومنها الماء والحمامات وغيرها.. هي المعاناة ذاتها، ويضاف إليها المعاناة من البرد القارس في الشتاء، والحر الشديد في الصيف، حيث يعيشون في خيام أغلبها ممزقة نتيجة طول فترة التهجير والأزمة، ويضاف إليها أيضاً الاستغلال الجنسي، وتزويج القاصرات، والخطف وبيع الأطفال، والمتاجرة بالأعضاء البشرية، من قبل عصابات منظمة داخلية مرتبطة بالخارج، مع حالات الانتحار نتيجة اليأس والإحباط، ونتيجة زيادة عدد الأيتام، لفقد أفراد الأسرة المعيلين، كالآباء والأمهات الذين يشكلون عامل أمان.!
القتل بالجهل.!
الخطورة التي قد تمتد لأجيالٍ وعقودٍ من السنوات، تكمن في منع التعليم بأشكاله كلها، حتى التعليم المنزلي، وفرض تعليم ظلامي، وتجنيد الأطفال وإجبارهم على القيام بالقتال والقيام بعمليات (انغماسية) تحت وهم الجنة والحوريات، وغيرها من الأوهام التي يجري استغلال براءة الأطفال، وقصور وعيهم من خلالها، أو الإغراءات المادية، والنفسية وغيرها من الأساليب، التي تقتل الطفولة سواء بشكل مباشر، أو بشكلٍ غير مباشر نفسياً وبالتجهيل.!
تجاهل واستغلال عالمي.!
معاناة أطفال دير الزور، ومأساتهم، يتم تجاهلها عمداً من المؤسسات الدولية التي تدعي الإنسانية، والإهمال يطالها مادياً وإعلامياً، بل ويجري استغلالها والمتاجرة بهم علناً من الدول المجاورة كالأردن وتركيا، أو من قبل القوى السياسية التي تدعي المعارضة والمنظمات التي أنشئت خصيصاً لذلك كأصحاب(القبعات البيضاء) كصورة الطفل إيلان الذي غرق في البحر، أو الطفل الذي أخرج من بين الأنقاض، وكثيراً ما جرى تركيب وفبركة صور وأفلام فيديو للمتاجرة بالأطفال السوريين عموماً.
إهمال محلي!
يتعرض أطفال دير الزور في الأحياء المحاصرة للإهمال، وعدم الاهتمام الجدي من قبل الحكومة ومن قبل المسؤولين في المحافظة غذائياً وصحياً وتعليمياً، وهذا ما سمح لتجار الأزمة والفاسدين باستغلال معاناة اهالي دير الزور عموماً والأطفال خصوصاً، والاكتفاء ببعض المظاهر التي تقوم على مبدأ (صورني) وعلى سبيل المثال: جرى منذ فترة توزيع بعض قطع بسكويت لبعض الأطفال في المدارس، وسرقت بقية الكميات المخصصة لهم، وفي الأسبوع الماضي، جرى توزيع حقيبة مدرسية لكل اثنين أو ثلاثة أيتام معاً.! فكيف سيجري تقاسمها.؟
الواقع الحالي لأطفال دير الزور يقول: لدينا الكثير من أسماء من توفوا، أما الذين مازالوا أحياءً منهم، يسيرون كهياكل عظمية شبه حفاة وعراة، والمدارس دون نوافذ، ودون أية وسيلة تدفئة، بل ودون مستلزمات التعليم الأساسية، كالكتب والدفاتر والأقلام.. وتجار الأزمة والفاسدون يسرحون ويمرحون دون أن تجري محاسبة لأي واحد، بل وتقدم لهم التسهيلات من بعض المسؤولين المهيمنين وعلناً.!؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 792