لجم الأسعار خارج مدى الآليات الحكومية!

يشترك جميع السوريين هذه الأيام بمعاناة الارتفاع المستمر في الأسعار التي أصبحت دون أدنى شك خارج نطاق السيطرة الحكومية، فعلى الرغم من أن الأسباب التي يعيد إليها المختصون هذا الارتفاع الجنوني في أسعار كل شيء، يبقى السؤال المهم، لم تخرج أية جهة حكومية عن صمتها لتتحمل مسؤولية التصدي لهذه الظاهرة.

وزارة الاقتصاد حسب رأي مختصين هي مجرد جهة تعنى بتنفيذ ورعاية القرارات، وهي ليست صانعة لها، إذ تركز الوزارة جهدها حسبما تدعي في «رسمياتها» على ضمان جودة المواد والسلع وتداول الفواتير والإعلان عن الأسعار، على حين تنفي هيئة المنافسة ومنع الاحتكار وجود ظاهرة الاحتكار التي هي جوهر المشكلة حالياً حسب قول رأي الباحث الاقتصادي د. مظهر يوسف، أما جمعية حماية المستهلك التي يفترض أن تعنى بمصالح المستهلك فتؤكد وعلى لسان مديرها أن دور الجمعية محدود ولا تتدخل بالأسعار.

من سيتصدى لموضوع ارتفاع الأسعار إذاً؟..
بالعودة إلى المرسوم التشريعي رقم 21 تاريخ 9/2/2011 المتعلق بتعديل بعض المواد في قانون النقد الأساسي القانون رقم 23 لعام 2002 تظهر المفاجأة في المادة / 2/ آ / التي تنص على أن يتولى مجلس النقد والتسليف مهمة السعي إلى تحقيق استقرار المستوى العام للأسعار المحلية، ومن ثم يكون حسب المرسوم السابق تحقيق استقرار الأسعار هو الهدف الأول لمجلس النقد والتسليف.

لكن على أرض الواقع يظهر أن هناك تجاهلاً وتهميشاً لهذا المجلس من رئاسة الوزراء من جهة، ومن المصرف المركزي من جهة أخرى، وخاصة في الفترة الأخيرة، وأبلغ دليل على ذلك قرار رئيس مجلس الوزراء المتضمن تحرير سعر القطع.
إذا للتصدي لارتفاع الأسعار يرى د. يوسف أنه لا بد من تفعيل مجلس النقد والتسليف وجعله قادراً على ممارسة مهمته الأولى في ضمان استقرار الأسعار عبر العمل على الحد من تقلبات سعر الصرف، وتوظيف السياسة النقدية على المدى الطويل على أساس أن الهدف الأساسي هو استقرار الأسعار، على حين يجب أن يكون هناك دور تدخلي إيجابي لوزارة الاقتصاد التي ورثت وزارة التموين من حيث اتخاذ الإجراءات القصيرة المدى التي تؤدي إلى استقرار الأسعار.

وبغير تفعيل هذه الآليات الحكومية الموجودة حالياً في الأطر القانونية الراهنة، فستبقى معضلة ارتفاع الأسعار خارج التغطية الحكومية لا ريب، وبكل تأكيد فإن كل تأخير في لجم هذه الظاهرة سيؤدي إلى المزيد من خلخلة الثقة المهزوزة أصلاً بين المواطن والحكومة.    

معلومات إضافية

العدد رقم:
543