المواطن السوري بين وعود الحكومة وجشع التجار

وقع المحظور وبدأ السيناريو الاقتصادي المرعب يفتك بالسوريين ويزيد الطين بلة، ويجعل من سنة 2012 امتداداً لسابقتها من حيث الكوارث والمصائب التي تنهمر على رأس المواطنين كالرصاص، فلم تعد المعضلة الأمنية الضبابية صعبة الحل هي الوحيدة بل أصبحت القيود والمشاكل الاقتصادية تحيط بالسوريين من كل حدب وصوب، فمع ازدياد العقوبات الاقتصادية المفروضة من الغرب والتي ألقت بظلالها على الشعب السوري مباشرة، ومع التذبذب المخيف لسعر الدولار في الأسوق السوداء، ارتفعت أسعار الكثير من المواد والسلع الرئيسية الغذائية والاستهلاكية والصناعية بنحو ضعفين أو ثلاثة أضعاف.

الأسعار ارتفعت بمعدلات كبيرة جداً، والرواتب والأجور ما تزال على حالها منخفضة ولا تتناسب مع متطلبات تحقيق العيش اليومي للمواطن، وكما يقال: «يقبض بالليرة ويصرف بالدولار وكأنه يعيش في أمريكا أو مثيلاتها الأوروبية».. ناهيك طبعاً عن نسب البطالة المرتفعة وعن عزل الموظفين والتسريح التعسفي المنتشر بكثرة في هذه الأيام، ما أصاب الكثيرين بالإحباط وزاد من عمليات الإعتداء والسرقة، وهو ما سيساعد بالمحصفة على تفتيت المجتمع السوري نتيجة نشوء طبقة فقيرة جداً بالفعل وتلاشي الطبقة الوسطى، والتي ينتمي لها معظم الشعب حسب التصريحات الرسمية وبعض الدراسات الاقتصادية، ولا شك في أن الرابح الأكبر من الوضع الحالي كان التجار والمحتكرين الكبار، والذين اعتادوا على أن يستغلوا هكذا ظروف لمصلحتهم الشخصية وأن يستفيدوا منها بأحسن ما يكون، مستغلين انفلات الأسواق وانعدام الرقابة الحقيقية، وغياب الضبط الحكومي، ليتحكموا بأرزاق الناس وحاجاتهم الرئيسية دون أن تجد من يوقفهم حرصاً على المواطن المسكين ومصالحه الحياتية الاقتصادية، والتي بدأت بالتقهقر والانهيار تدريجياً.

الحل يبدو الآن بيد الحكومة التي وعدت بإيجاد الحلول والإصلاحات الجذرية والحقيقية للسوريين على كافة الأصعدة والمجالات، ولا شك أن المشكلة الاقتصادية هي أم المشاكل والاقتصاد السوري حالياً يعاني من خلل واضح وحقيقي في بنيته، ما يجعل الحاجة ملحة للإسراع في محاولة إيجاد التوزان الحقيقي لهذا الاقتصاد والعمل على إيقاف عملية التسريح التعسفي للموظفين وتأمين العمل المناسب للسواد الأعظم من الشباب، والذين يعانون من مشكلة البطالة المتزايدة في سورية يوماً بعد يوم، وكذلك لابد من تحقيق الرقابة الحقيقية في الأسواق الداخلية، والعمل على تأمين احتياطي نقدي كافي من العملة الأجنبية لثبيت قيمة الليرة السورية، وبالتالي الحد من عملية ارتفاع السعار والتلاعب بها، فسورية الآن على حافة الهاوية والانهيار الاقتصادي بات وشيكاً.

 

■ هـ.ح

معلومات إضافية

العدد رقم:
544