حتى أنتِ يا أوقاف دير الزور؟!
أيهما أقوى: سُلطة الفساد، أم سُلطة القانون؟!سؤال لم تعد الإجابة عنه تحتاج تفكيراً في هذه الأيام التي استشرى فيها الفساد، وأصبح الفاسد فيها لا يخاف لومة لائم. خاصةً إذا ما كان وزير الأوقاف السابق قد أقيل لأسباب تتعلق بالفساد، وسبقه أيضاً مدير أوقاف دير الزور، ما دفع الناس لترداد صرخة يوليوس قيصر الذي طُعن من أقرب أصدقائه: «حتّى أنت يا بروتوس»؟!. ونعبر عن ذلك بطريقة التعبير الشعبي أيضاً «الجمل لو طاح تكثر سكاكينه»...
يعرف الجميع أن كل «ما بني على باطل فهو باطل»، والقضية هنا أن مستأجري وشاغلي 112 كشكاً لبيع الخضار والفواكه وغيرها في العقار 522 الذين استأجروه بموجب إعلان تأجير منذ 1982، وقاموا بدفع رسوم إيجاره منذ ربع قرن، تعرضوا مطلع 2006 على يد مجلس مدينة دير الزور للاقتلاع من جذورهم وترحيلهم من أكشاكهم خلال 24 ساعة دون أي مبرر أو مسوّغ قانوني، وذلك لأن وزارة الأوقاف استبدلت العقار قطعياً، وبطريقة مخالفة للدستور ومواده /16/20/21/ فقرة /آ /، فلم يأت في إعلان المزايدة أن العقارات خالية أو مشغولة، وتمت المزايدة على عدّة قطع مجتمعة، أي تم بيع الأكشاك والعقار كاملاً بالجملة؟! كذلك لم تُوضع شاخصة تبين أن العقار بقطعِه معروضٌ للمزايدة (التي تمت في الوزارة بدمشق بينما العقارات في دير الزور)؟! وكان كل ذلك لتمرير الصفقة دون علم أحد، ودون أن يتاح للشاغلين المشاركة كون لهم الأولوية بذلك. وكان البيع بالجملة مسموحاً فقط لأصحاب الأموال، وبقدرة سحرية رست المزايدة على السيد سطام العلي بمبلغ 57 مليون لمساحة 3890 م2، علماً أن السيد جميل إبراهيم السعيد كان عرضه 200 مليون، أي بنسبة أكثر من 350%، وقد تقدم إلى الرقابة والتفتيش بشكوى منذ عام 2006؟! وقد أصدر وزير الأوقاف السابق قرارين متتاليين بالإخلاء لصالح سطام العلي، مخالفاً بذلك قانون الاستبدال لعام 1984، والمادة 43 منه: «لا تخلي وزارة الأوقاف الشاغلين من العقار المستبدل مهما تكن صفة إشغالهم ومستنداتهم».
قام أصحاب الأكشاك برفع دعاوى قضائية في محكمة الصلح المدني بدير الزور بتاريخ 2/5/2006، وما تزال تنظر. وهناك جلسة في 21/1/2009، وكذلك دعوى أمام محكمة البداية منذ 27/6/2006. وفي يوم 2/11/2008 هاجمت جحافل عناصر البلدية ومعداتهم الأكشاك، وتم إخلاء الشاغلين بالقوة، أي تم حرمان 112 أسرة فقيرة من مصدر عيشها، فقاموا برفع دعوى أخرى أمام قاضي الأمور المستعجلة في 3/11/2008، وحددت الجلسة في 27/1/2009، كما تقدموا بشكوى إلى وزير الأوقاف وقابلوا مدير الرقابة فيها الذي بين لهم أنه اعتمد على تقرير الرقابة في دير الزور، المعتمد أصلاً على تقرير مدير الأوقاف السابق بدير الزور الذي يقول أن الأرض بور!
ولدى مراجعة مدير الشؤون القانونية بالوزارة أبدى اندهاشه قائلاً: من أين أتيتم؟ إن الوزارة قامت باستبدال العقار على أنه مقبرة وأرض مهجورة، ولم يتقدم للمزايدة أحد إلاّ سطام العلي- وهذا مخالف للقانون أيضاً- وعندما شاهد الوثائق قال: عليكم الاتجاه للقضاء لنيل حقوقكم!!
وأخيراً قام المتضررون بتقديم شكوى إلى وزير الأوقاف الحالي، برقم 10351 بتاريخ 2/11/2008، الذي حولها إلى مدير الرقابة الداخلية بالوزارة وللآن لم ينتج عنها شيئاً. وفي النهاية توجه هؤلاء بشكوى إلى رئيس مجلس الشعب بتاريخ 27/ 12/ 2008، وتوجه قسم منهم إلى قاسيون مع وثائقهم باحثين عمّن يقف إلى جانبهم، وينقل صرختهم بعد حرمانهم من مصدر رزقهم.
وإلى هنا وصلت حكاية من حكايات ألف فساد وفساد، ونتساءل: كم علي بابا، وكم حرامياً وفاسداً شارك في السّطو على مغّارة أملاك الأوقاف وأملاك الدولة والوطن وحقوق الشعب في هذه المرة؟ مذكرين أنها ليست المرة الوحيدة وليست الأولى ولن تكون الأخيرة! لأن الفساد الكبير له من يحميه، ليحمي بدوره المتوسط والصغير، وكل ذلك على حساب الفقراء والمستضعفين أمثال هؤلاء الذين أصبحوا بلا مصدر دخل. لماذا لم تقم الأوقاف باستثمار العقار، خاصةً أنه يقع وسط المدينة ويصلح لكل شيء؟ ولماذا هذا السعر البخس؟ ومن سيحاسب هؤلاء الشطّار والعيّارين ويعيد لأصحاب الأكشاك حقوقهم ويعيد لأسرهم وأطفالهم الأمل بالحياة
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 386