أموالنا في جيوب الآخرين!!
تقول مصادر صناعية وتجارية بمدينة حلب أن خسائر سكان شمال سورية من انهيار الليرة التركية تجاوزت مبلغ 3 مليارات دولار. حيث يضع التجار مدخراتهم في فروع المصارف التركية الموجودة على الحدود الشمالية السورية وتقدر هذه المصادر إجمالي الودائع السورية في المصارف التركية بأكثر من 7 مليارات دولار، أغلبها كان موجوداً كودائع بالليرة التركية للاستفادة من معدلات الفائدة المرتفعة عليها، وخصوصاً أن أنقرة كانت تصر على تثبيت سعر صرف عملتها تجاه الدولار.
ويخشى مراقبون في دمشق من خسائر أكبر بكثير في حالة انهيار الليرة اللبنانية، حيث يضع تجار دمشق وحمص والمنطقة الساحلية أغلب مدخراتهم في فروع المصارف اللبنانية المنتشرة بكثافة في المدن اللبنانية الحدودية. وتقدر هذه الودائع بحوالي ثلث إجمالي ودائع المصارف اللبنانية ومثلما كان الأمر مع تجار حلب، يضع تجار دمشق والمنطقة الساحلية مدخراتهم بالليرة اللبنانية للاستفادة من وجود سعر فائدة عليها أكبر من الفائدة على الدولار ومثلما كان الأمر في تركيا فإن المصرف المركزي اللبناني يصر على وجود قدرة لديه للحفاظ على سعر صرف ثابت تجاه الدولار، رغم أن جميع المؤشرات تدل على انهيار وشيك لليرة اللبنانية ويتوقع مصرفيون عرب أن تكون خسائر التجار السوريين من انهيار الليرة اللبنانية أعلى بكثير مما سجلوه في تركيا لأن عدداً كبيراً من المصارف اللبنانية الصغيرة لن يتمكن من الصمود وسيضطر لإعلان إفلاسه، وهذا الأمر الذي سيعني أن أموال المودعين في هذه المصارف مرشحة للتبخر نهائياً.
وأكثر من هذا يتوقع أن يؤدي انهيار الليرة اللبنانية إلى انعكاسات خطيرة على الليرة السورية والاقتصاد السوري حيث يتم تحديد سعر صرف الليرة السورية حسب سعر الدول المجاورة. أي حسب سعر الصرف الموجود في لبنان وفي حالة انهيار الليرة اللبنانية سيزداد الطلب على الدولار وبالتالي سيرتفع سعره تجاه الليرة السورية أيضاً.
وفي إطار ما تقدم ندرك مدى قصور الجهاز المصرفي في جذب الودائع وخدمة المودعين مما يؤدي إلى انتقال المودعين للإيداع لدى الدول المجاورة وما يتحمله ذلك من أثار سلبية على المودعين والاقتصاد الوطني والليرة السورية، عن طريق الإيداع بالعملات الأجنبية، هذا كله يؤكد مدى الحاجة إلى تطوير الجهاز المصرفي قبل النظر في إدخال المصارف الخاصة لأن دخول هذه المصارف في ظل الوضع الراهن سيؤدي دون شك إلى إخراج المصارف المحلية العامة من السوق بسبب ضعفها وتخلفها وهو يؤدي بدوره إلى ارتفاع نسبة المخاطرة لدى المودعين في القطاع المصرفي الخاص لأنه بدون شك سيكون من مستوى مصارف صغيرة على النمط التركي واللبناني.
فإذا كان التغير بسعر الليرة التركية والليرة اللبنانية له هذا الأثر فهل يحق لنا التساؤل: ما هو الأثر الناجم عن الانخفاض المحتمل لقيمة الدولار الأمريكي (في ظل التغيرات الأخيرة في الاقتصاد الدولي والتوقعات العالمية حول إمكانية تخفيض محتمل لقيمة الدولار بمحاولة للخروج من الركود في السوق الأمريكية) هذا إذا علمنا أن الليرة السورية مقومة بشكل أساسي بالدولار الأمريكي، وسورية هي بلد مستورد بشكل أساسي (الميزان التجاري خاسر بشكل مطلق) هذا الموضوع لا بد أن يكون موضع لدراسات جادة...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 156