منير الحمش في حوار مع «قاسيون» الحكومة مؤتمنة على القطاع العام ولا يحق لها دستوريا طرحه للاستثمار إيصال الدعم إلى مستحقيه كذبة كبيرة يراد به إلغاء الدعم أو تقليصه

منذ الثمانينات والساحة الاقتصادية في سورية تحفل بالمشاريع الإصلاحية،مشروع ومشروع مضاد،في البداية كانت التعددية الاقتصادية محل التحول الاشتراكي، ثم مشروع أخر حمل عنوان«نحو اقتصاد اشتراكي متطور» يقوم على مبدأ الانتقال من التخطيط المركزي إلى التخطيط التأشيري وتشجيع دور القطاع الخاص مع خصخصة جزئية حيث اقتضت الحاجة ، لكن الرد على هذا المشروع جاء سريعاَ من نقابات العمال من خلال مشروع مضاد حمل عنوان  «مؤتمر الإبداع والاعتماد على الذات» الذي دعا إلى إصلاح القطاع العام ودور أكبر للدولة، ثم تتالت بعد ذلك المشاريع الخارجية مثل المشروع الفرنسي الذي لم يتمخض عنه سوى المدرسة العليا للإدارة، والمشروع الأوربي للتطوير والتحديث المؤسساتي، ثم المقترح الألماني، وأخيراَ المشروع الماليزي الذي يناقش بجدية بالغة في الأروقة الحكومية.

ورغم كثرة المشاريع الإصلاحية ومرور أكثر من 20 عاماً من انخراط سورية في الإصلاح، إلا أن السؤال الأساسي كان لماذا لم يتبلور في سورية حتى اليوم مشروع إصلاحي واضح المعالم؟.

● الدكتور منير الحمش ما هي أسباب تعثر المشاريع الإصلاحية في سورية، هل المشكلة في المشاريع الإصلاحية بحد ذاتها، أم في عدم وجود رغبة حقيقية بالإصلاح،أم أن البنية عصية على الإصلاح؟
الحقيقة الإصلاح بدأ منذ بداية السبعينات، حين تم الأخذ بمبدأ التعددية الاقتصادية عوضاً عن التحول الاشتراكي الذي كان مطروحاً في الستينات.ومنذ ذلك الوقت كانت تطرح صيغ للإصلاح الاقتصادي والتثبيت الهيكلي من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بهدف إجراء تحويل في اقتصاديات البلدان النامية باتجاه اقتصاد السوق، واستغلت الديون الخارجية الهائلة المترتبة على البلدان النامية، وذلك من خلال آلية جدولة الديون مقابل إجراء التصحيحات، حيث تم وضع آلية يتقدم بموجبها البلد المدين بطلب إلى المؤسسات الدولية التي تشترط إجراء الإصلاحات وفق أجندة معروفة، عرفت فيما بعد بتوافق واشنطن، هذا التوافق قام بين ثلاثة أطراف «صندوق النقد الدولي ـ البنك الدولي ـ حكومة واشنطن» وكان الهدف هو تسهيل إجراء التحول نحو اقتصاد السوق في البلدان النامية أو ذات التوجه الاشتراكي..  أما فيما يتعلق بسورية، فاعتقد أنه كان يوجد رغبة حقيقية بالإصلاح، بل كان الإصلاح ضرورة وتم التفكير في نهاية السبعينات بأن الإصلاح يبدأ من مكافحة الفساد، حيث تم تشكيل لجنة على أعلى المستويات دعيت «لجنة الكسب غير المشروع» ولكن هذه اللجنة التي كانت تعمل بشكل جدي من أجل كشف مواقع الفساد ومكافحته، اصطدمت أعمالها بمصالح قوى لم تستطع أية جهة داخلية أن تقاومها، لأن قوى الفساد كانت تمتلك آليات متداخلة وأصبحت لها جذور...

● جذور ضمن السلطة ذاتها؟
  نعم.. لأن الفساد لايمكن أن ينشأ إلا بوجود  طرفين، طرف في الجهاز البيروقراطي وطرف في الجهاز الخاص، إذ لايكون هناك فساد دون أن يكون هناك توافق بين الطرفين...وبالتالي وقفت هذه القوى ضد مسألة مكافحة الفساد، وتم إجهاض ما وصلت إليه لجنة الكسب غير المشروع، وتم حلها لاحقاً، فكانت النتيجة أن استشرى الفساد في مرحلة كان من المفترض أن يكون في البلد نوع من التقشف وحد من الهدر، لأن المعونات العربية بدأت بالانقطاع، والأموال التي أتت من خلال المعونات العربية بعد حرب 1973 تم استهلاكها في مشاريع كان يؤمل منها أن تعطي نتائج في مطلع الثمانينات، ولكن هذه المشاريع خاصة في الجانب الصناعي احتوت على أخطاء فنية وتصميمية كبيرة،  وأيضاً ذهب جزء كبير من تلك المعونات إلى جيوب الوسطاء والسماسرة، وهذا ما أدى إلى ظهور الطبقة الجديدة التي  أسميتها رأسمالية الأنابيب، بمعنى كان هناك تصنيع للرأسمالية في سورية، لأن الظروف الموضوعية  في سورية لم تكن لتفرز رأسمالية على المستوى المطلوب دولياً، فكان لابد من تصنيع للرأسمالية على طريقة أطفال الأنابيب، أي أن إحداث الرأسمالية الجديدة في سورية كانت عملية أردوية مستهدفة التقت فيها مصالح داخلية وخارجية.

● ماذا حصل بعد ذلك؟.
عندما انقطعت المعونات العربية كان هناك توجه من بعض أوساط الحكومة لاستغلال هذه الفرصة من أجل السماح للقطاع الخاص أن يأخذ دوراً أكبر في الحياة الاقتصادية، وهكذا تم التراجع عن حصر أهم المواد الحياتية والاستراتيجية التي كانت محصورة بمؤسسات الدولة بحجة عدم وجود قطع أجنبي، وإعطاء هذه المهمة للتجار، فكانت النتيجة الارتفاع الهائل الذي حدث في الأسعار، وحدوث الاحتكار من فئة قليلة من التجار.

● ماذا  على الصعيد المالي؟
رافق ذلك توجهات خطيرة على الصعيد المالي تمثلت في تطبيق توجهات صندوق النقد والبنك الدوليين، وذلك بإتباع سياسة مالية انكماشية عبر تخفيض النفقات الجارية والحد من الاستثمار العام بحجة ردم الهوة بين الإيرادات والنفقات وتقليص العجز والتضخم، ولكن ما أثار الاستغراب أكثر وقتها أنه تم تنفيذ توجهات البنك وصندوق النقد الدوليين دون أي مقابل، فوزارة المالية والاقتصاد كانت تحضر اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن وتأتي بتعليمات غير معلنة من أجل تنفيذ ما يدعى السياسات المالية الانكماشية، طبعاً كان الهدف من ذلك هو تخفيض حجم الحكومة، لأن سياسة الإصلاح الاقتصادي وفق الوصفة الليبرالية الجديدة هو الوصول  إلى حكومة ا لحد الأدنى ،وهذه الحكومة يتم تصنيعها من خلال تقليص تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية، سواء من خلال التعليمات أو القرارات أو من خلال المشاريع والخدمات التي تقدمها الدولة، وهذا انعكس بشكل رئيسي على معدل الاستثمار العام وعلى مستويات الأجور والرواتب، حيث تداخلت الأمور مع بعضها وأدت سياسة تجميد الأجور مع ارتفاع الأسعار إلى بحث العاملين عن فرص لزيادة دخلهم سواء كانت هذه الفرص شرعية أو غير شرعية وهو ما ساعد على انتشار الفساد بصورة أكبر.

● لكن ماذا عن إصلاحات ما بعد العام...؟
مع العام 2000 طرح موضوع الإصلاح بشكل حاد أكثر، لكن قبل ذلك كانت قرارات التوجه نحو اقتصاد السوق تجري تسللاً من خلال الوصفة المعروفة لدى الصندوق والبنك الدوليين ودون ألإعلان عنها، لكن الإصلاح في النهاية يحتاج إلى نظرية اقتصادية ويحتاج إلى إدارة اقتصادية قادرة على استيعاب أي أثر من السياسات على الاقتصاد الكلي والمجتمع، ولكن هذه النظرة والثقافة الاقتصادية لم تكن موجودة لدى أصحاب القرار، وهذا ما أتاح الفرصة للإدارة الفنية في الاقتصاد أن تقوم بتنفيذ ما يتعلق بعملية التحول نحو اقتصاد السوق، بمعنى أن عدم توفر ثقافة اقتصادية كافية لدى مالكي القرار الاقتصادي، أدى إلى تسلل القرارات بشكل غير معلن، وأصبحت مجموعة القرارات الجديدة على مدى سنوات تصب في مصالح الليبرالية الاقتصادية بشكل أدى إلى خلق وقائع اقتصادية جديدة على الأرض.

● المشروع الماليزي للإصلاح يؤكد على أن التحديث الأبرز أمام الحكومة هو إصلاح القطاع العام لكونه يلتزم بوظائف التشريع وتطبيق القانون ووظائف إدارية وأمنية. . . . هل الجهاز الحكومي بوضعه الراهن قادر على إنجاز مهمة إصلاح القطاع العام، بمعنى إذا كان الجهاز الحكومي سبباً في أزمة القطاع العام، هل يمكن له أن يكون أحد عوامل إصلاحه؟
المشكلة أن الجهاز الإداري منذ نشأة القطاع العام هو المسؤول عنه، وهذا الجهاز هو جهاز بيروقراطي تقليدي يتحكم بالمسارات الرئيسية للقطاع العام، فوزارة المالية كان لها دور دائماً في إقرار الموازنات الجارية والاستثمارية، والموازنة سواء كانت على مستوى الدولة أو مستوى الشركة فإنها تعبر عن سياستها، وبالتالي فإن أول  حجرة وضعت في طريق تقدم القطاع العام، كان في ارتباط قراراته الأساسية بالجهاز البيروقراطي، هذا تم قوننته لاحقاً، في النظام المالي الأساسي الذي صدر في عام 1969 تم الأخذ بمبدأ الموازنة الموحدة، وتم إلغاء الموازنات الخاصة في الشركات والمؤسسات الاقتصادية، وهذا في الحقيقة مسح هوية الشركات، بأن جعل جميع إيرادات الشركات الإنتاجية تصب في خزينة الدولة، ونفقاتها بالمقابل، حيث سمي هذا الأسلوب «البواقي والصوافي» في إعداد الموازنة، وهذا النظام أيضاً سمح لوزير المالية بتحريك حسابات الشركة دون العودة إلى إدارتها، كما أن على هذه الشركة أن تسدد لخزينة الدولة فائض السيولة لديها والاحتياطات المقتطعة سنوياً، وعندما تحتاج الشركة تطلب من الخزينة، وبالتالي أدت هذه الإجراءات إلى مسح هوية الشركات العامة ومنعت الاستقلالية المالية، وبالتالي كان أي قرار بالتطوير في الشركة مرتبطاً بالحكومة التي تمثلها وزارة المالية وهيئة تخطيط الدولة، والمشكلة الأكبر أن وزارة المالية تاريخياً تحكم فيها العقل المحاسبي وعقلية أمين الصندوق والجابي، بينما وزارة المالية في كل بلدان العالم تأخذ طابعاً اقتصادياً مالياً وليس مالياً محاسبياً، أما الذي حصل فهو أن المسؤولين في وزارة المالية على اختلاف الحكومات كانوا دائماً يعملون وفق عقلية «جباية أكثر وإنفاق أقل» ومع ذلك كان هناك عجز في أغلب السنوات.
من جانب آخر كان يتم اقتطاع جزء من أرباح الشركة لما يدعى بالاهتلاكات  السنوية بحيث يتم تجديد  الآلات من خلال الاحتياطات، ولكن الاحتياطات حسب القانون المالي كانت تذهب إلى خزينة الدولة، وبالتالي سلب من الشركة قرار تطوير الإنتاج وتحسينه وتجديد آلاته، وهو ما أدى إلى تأخر الأساس التكنولوجي لشركات القطاع العام.
سياسة التسعير أدت أيضاَ دوراً في إعاقة تطوير القطاع العام، حيث تم تحديد مركزي لأسعار ومنتجات القطاع العام، وبالتالي سلب قرار آخر من الشركة العامة وهو قرار تسعير منتجاتها، فأنا مع الدعم ، ولكن يجب أن يكون الدعم من موازنة الدولة وليس من موازنة الشركة، بمعنى كان يجب ترك الحرية للشركة في تسعير موادها وفق التكلفة مضافاً إليه هامش الربح، لكن ما حصل فعلاً هو أنه كان يفرض على الشركة سعر محدود وبشكل لا يغطي التكاليف بحيث تظهر الخسائر في النهاية على أنها خسائر الشركة، في حين أن الخسائر كانت ناشئة عن الدعم، وهذا ترك بدوره أثراً سلبياً أخر، فتحديد السعر من الدولة جعل إدارات الشركات تتهرب من تحسين الإنتاج والقضاء على الهدر والحد من انتشار الفساد، فمن عوامل انتشار الفساد هو تدني مستوى الأداء في الشركة، وتحديد السعر من الدولة أخلى مسؤولية الإدارة عن الخسائر، فأبسط مسؤول كي يغطي الهدر الحاصل كان يقول بأن الأسعار محددة من الدولة وبأنه لا يمتلك أي صلاحية، وبالتالي كان يبرر الخسائر التي تلحق بالشركة وهذه المسائل كان ينبغي رصدها منذ البداية ليتم إصلاح القطاع العام، لكن محاولات الإصلاح رغم أنه كان بسيطاً في البداية اصطدم بقوى وقفت ضد إصلاح القطاع العام، حيث كان من مصلحة البيروقراطية إبقاء الفساد، وكان هناك قوى خفية تحاول الإساءة إلى القطاع العام لغرض القضاء عليه، حتى أصبحنا نسمع أصواتاً كانوا من المدافعين سابقاً  عن القطاع العام ويطالبون اليوم بالتخلص منه، إضافة إلى أن البعض كان يعتبر القطاع العام بمثابة البقرة الحلوب ويريد استنزاف حليبها لآخر قطرة.

● ماذا عن الإجراءات الرقابية؟
  المشكلة أن تعداد الأجهزة الرقابية كان أيضاً أحد أسباب تدهور الوضع في القطاع العام فجهاز الرقابة المالية كان يدقق الحسابات، والجهاز المركزي للرقابة والتفتيش كان يحقق في القضايا التي تحال إليه، ومن مهام الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش كان منع الإغراق قبل حدوثه من خلال الرقابة الآنية، لكن هذا قلما كان يحدث، إضافة إلى رقابة وزارة المالية وهيئة تخطيط الدولة والرقابة الداخلية والأجهزة الأمنية، وفوق كل ذلك الرقابة الحزبية، هذا التعدد في الرقابات كان يسبب إرباكاً لدى إدارة الشركات، فحتى لو كانت الإدارة نظيفة، إلا أن دخول المصالح  على الخط عطل الإدارات النظيفة.

● يطرح المشروع الماليزي أيضاً تسجيل الشركات العامة في البورصة، هل هذا يعني تحويلها إلى شركات مساهمة؟
هذا يعني تداولها في سوق الأوراق المالية وبالتالي يمكن أن تنتقل هذه الأسهم إلى أفراد في القطاع الخاص، والأخطر من ذلك انتقال هذه الأسهم إلى مستثمرين أجانب وهي عملية ستقود بالنهاية إلى خصخصة الشركات العامة.

● يتم الحديث عن 62 مليار ل.س حجم الخسارة في القطاع العام، هل هذاالرقم صحيح؟
أنا اعرف أن أكثر من 75% من خسائر القطاع العام تتمركز في قطاع مصافي البترول وحلج الأقطان وتسويقها وقطاع الحبوب، وهذه الخسارة لها أسباب سياسية تتعلق بالدعم الحكومي للمحروقات والخبز والحبوب والمنسوجات والقطن، و لايمكن اعتبارها خسارة، لأن من واجب الدولة أن تقدم الدعم للفئات الفقيرة والمحتاجة.
هناك صناعات رابحة للقطاع العام ولها إنتاجية متقدمة، أما تصوير الخسارة الأساسية التي تقع في القطاعات الثلاثة المذكورة على أنها خسارة للقطاع العام بمجمله فهو نوع من التعمية والتضليل والترويج لمحاولة ضرب وتصفية هذا القطاع، للوصول إلى مايدعى اقتصاد السوق وتنفيذ السياسات الاقتصادية الليبرالية، وبالتالي الشركات الإنتاجية خسائرها محدودة جداً ، ويمكن تلافيها ببساطة، وتضخيم أمر الخسائر في القطاع العام يهدف في النهاية إلى إحراج المدافعين عن إصلاح القطاع العام، وبالتالي إعطاء تبرير للخصخصة بأشكالها المختلفة.

● هل يحق للحكومة بيع أو تأجير القطاع العام؟
      القطاع العام مال عام، والحكومة مؤتمنة على هذا المال بموجب الدستور، مؤتمنة وليست صاحبة الملكية، وبالتالي أعتقد أنه دستورياً لا يحق للحكومة التصرف بالقطاع العام سواء بيعاً أو استثماراً أو تحويله إلى شركات مساهمة.

● هذا التجاوز من جانب الحكومة من يقوم بمحاسبتها في هذه الحالة؟
على مجلس الشعب أن يراقب أعمالها ويضع لها الحدود.

● تبنى حزب البعث في مؤتمره الأخير قراراً بالتوجه نحو اقتصاد السوق الاجتماعي في حين أن دستور الدولة ينص على أن  الاقتصاد في سورية هو اقتصاد اشتراكي مخطط، كيف يمكن حل هذا التناقض؟
هذا التناقض يجب أن يحل دستورياً، ولكن أريد أن ألفت النظر إلى نقطة مهمة وهي أن الإدارة الاقتصادية اتجهت نحو اقتصاد السوق الليبرالي منذ سنوات، وعندما اصطدم هذا التوجه برأي عام، قاموا بالالتفاف حول هذا الموضوع فأوجدوا كلمة الاجتماعي التي قدمت كطعم في المؤتمر القطري، حيث أعلن مسؤولون ووزراء كبار بأننا سائرون باتجاه اقتصاد السوق الحر، حتى أن أحد كبار المسؤولين قيل عنه أن صاحب انقلاب نحو اقتصاد السوق، أي التوجه نحو هذا النوع من الاقتصاد يتم بقناعة لدى بعض المسؤولين لابل لدى غالبيتهم، حتى أن أحد المسؤولين قال بأن اقتصاد السوق الاجتماعي هو مرحلة انتقالية نحو اقتصاد السوق.

● إذا ما تجاوزنا هذا التناقض في الشعارات، هل يمكن إقامة اقتصاد سوق اجتماعي دون برجوازية وطنية قادرة على تحقيق معدلات نمو عالية، تسمح بتمويل الجانب الاجتماعي؟
في البلدان الاسكندنافية وفرنسا التي هي بلدان ذات توجه يمكن تسميتها بدول الرعاية، الاقتصاد هو اقتصاد سوق، لكن بالمقابل توجد مؤسسات للضمان الاجتماعي، وآليات لمنع الاحتكار و التخفيف من الآثار السلبية،وأهم تلك الإجراءات الضمان الاجتماعي و التعليم المجاني، لكن المشكلة عندنا في سورية هي في عدم وجود سوق متكامل، لا يوجد ما يمنع الاحتكار، وبالوقت نفسه الإجراءات الاجتماعية ليست محدودة فقط، بل يتم التراجع عنها، واليوم الإنفاق على الصحة والتعليم في أدنى مستوياته، وسمح بالتعليم الخاص في كافة مراحله، بينما أصبحت المشافي الخاصة هي المتحكمة بسوق الصحة إذا صح التعبير. وهذه مسألة خطيرة جداً، إلى أين يقودنا هذا الأمر.أنا مع تشجيع القطاع الخاص، لكنه في هذه المرحلة لايستطيع أن يقوم بهذا الدور الكبير، ليس فقط في الجانب الاستثماري، بل في الجانب الاجتماعي أيضاً، فحتى الآن لم نسمع عن جهد حقيقي يبذله القطاع الخاص في مجال إقامة مشاريع ذات أثر اقتصادي هام، ولم نسمع عن قطاع خاص يعمل على تقديم الخدمات الاجتماعية، لا بل على العكس يتهرب هذا القطاع من تسجيل عماله لدى التأمينات الاجتماعية ويتهرب من دفع الضرائب، القطاع الخاص إذاً غير مؤهل ولابد في هذه المرحلة من أن تقوم الدولة بإعادة الاعتبار لنفسها في المجال الاقتصادي والاجتماعي، لأن هذا الأمر هو الذي يصنع الدولة القوية التي تدعم المناخ السياسي الملائم لها، والسؤال لماذا تريد الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل أن تضعف الحكومات العربية... تريد إضعافها من أجل تمرير مشاريعها فالولايات المتحدة تريد دولة ضعيفة كي تسهل قيادتها، وحتى تكون قدرتها التفاوضية مع إسرائيل ضعيفة، وهذا الربط بين قوة الدولة التفاوضية لابد أن يقابله قوة اقتصادية لانجدها للأسف في ظل الإدارة الحالية.

● في أوروبا حين تم التأسيس لاقتصاد السوق الاجتماعي، كانت هناك أيضاً أحزاب ونقابات عمالية استطاعت عبر الإضراب أن تفرض شروطها وتعيد التوازن للسوق، بينما في سورية يوجد تقييد لقوة العمل؟
نعم ما دفع إلى الازدهار الاقتصادي في أوروبا عدا عن السياسات الاجتماعية التي انتهجت لمواجهة النموذج السوفييتي، هو القدرة التفاوضية لدى النقابات العمالية والأحزاب الاشتراكية، وبالتالي هذا التوازن بين كفاءة قوة العمل وقدرته على مواجهة تحدياته هو أحد عوامل الوصول إلى نظام أقرب إلى العدالة الاجتماعية، وهو ما دفع إلى بناء دولة الرعاية.

● إذا كان القطاع الخاص غير قادر على تمويل الجانب الاجتماعي وإذا كانت الأحزاب والنقابات غائبة وغير فعالة هذا يعني أن مكونات اقتصاد السوق الاجتماعي غير موجودة عندنا؟
نعم هناك غياب لمكونات اقتصاد السوق الاجتماعي في سورية، ولسد هذه الثغرة يجب على الدولة أن لا تتخلى عن دورها وأن تشجع القطاع الخاص حتى يقوم بدوره الاستثماري والاجتماعي وإن كنت  أشك في قيام القطاع الخاص بذلك.

● إذا كنا غير قادرين على تطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي، لماذا اخترناه شعاراً للمرحلة القادمة؟
أنا قلت أن الذي طرح هذا المفهوم كان يقصد به اقتصاد السوق الحر وكانت كلمة الاجتماعي محاولة للالتفاف على التذمر الحاصل من التوجهات الليبرالية.

● لكن القرار أُخذ من حزب يفترض به أنه حزب يساري ويؤمن بدور الدولة في قيادة الاقصاد؟
   عليك إذا أن تجد  جواب هذا السؤال عند المسؤولين في الحزب.

● هل أنت مع حق الإضراب للعمال؟
طبعاً أنا مع حق الإضراب للعمال، ومنذ زمن بعيد أطالب بفصل النقابات عن جهاز الحكومة وجعلها مستقلة، كي تستطيع  التعبير عن طموحات الطبقة العاملة، لأن الوضع القائم في النقابات العمالية والمهنية يحد من قدرتها على التعبير عن مصالح الشرائح التي تمثلها.

● رئيس الحكومة صرح بأن الحكومة تقدمت 180 درجة مقارنة بالحكومات السابقة ونائبه السيد عبدالله الدردري يقول بأن الحكومة نظيفة اليد وأنجزت 80% من مهامها بينما نجد أطرافاً أخرى مثل العمال تصف هذه الحكومة بأنها حكومة خصخصة ونجد يالمقابل ازدياداً في أعداد العاطلين عن العمل وارتفاعا بالأسعار وتراجعاً في الخدمات الاجتماعية. ما الذي يجعل رئيس الحكومة ونائبه يعتقدان بأن الحكومة تقدمت 180 درجة عن الحكومات السابقة؟
 لا أريد أن أخذ موقفاً شخصياً من الحكومة، لكني سأذكر معلومة بسيطة وهي في الحقيقة  فضيحة، وتتعلق بمعدل النمو في سورية، فحين جاءت بعثة (خاصة) من الصندوق الدولي بطلب من الحكومة قامت هذه البعثة بدراسة الوضع الاقتصادي في الشهر الخامس من هذا العام كما أعتقد، ثم أصدرت تقريرها الذي طبل له بعض المسؤولين الحكوميين، حيث قالت هذه البعثة الخاصة بأن معدل النمو في سورية هو 5.5%، وكان الهدف من بعثة الصندوق «الخاصة» هو تشجيع الحكومة في المضي بسياساتها الليبرالية الاقتصادية، وحين شاهدت هذا التقرير فجعت، فهذا التزوير يمر ببساطة على المسؤولين، لا بل يحاولون تمريره للناس، لكن انكشفت الحقيقة بعد شهرين فقط في تقرير الصندوق الدولي العام، حيث لا تستطيع أية بعثة خاصة أن تدلل حكومة ما، وتبين أن معدل النمو في سورية هو 3.5% فقط، وحتى هذا الرقم مبالغ فيه، وأذكر هنا بأن هناك مؤسسة في فرنسا اسمها «كوفاس» تقوم بإعداد تقارير تسترشد بها المؤسسات الدولية والشركات، وحسب هذه المؤسسة كان معدل النمو في سورية 2.2% فقط لهذا العام.
نحن نتمنى أن يكون معدل النمو 10% لكن ما يهمنا هو ما يشعر به المواطن الذي يسير في الشارع وينظر إلى واجهة المحلات وارتفاع أسعارها، في حين أن ما في جيبه لايكفي لشراء لباس أولاده.

● مارأيك بموضوع إعادة توزيع الدعم أو توجيه الدعم كما يقال؟
إيصال الدعم إلى مستحقيه نسمع به كثيراً، وقد سبقنا في هذا الموضوع مصر، وهذه كذبة كبيرة، يراد من خلالها تمرير موضوع إلغاءالدعم أو تقليصه، كما يقولون  بأن الدولة ستعوض العاملين بإعطائهم تعويض محروقات، لكن ليس كل أفراد المجتمع عاملين لدى الدولة، لكن ما يهم أكثر هو أن تقوم الحكومة بإيجاد سياسة سعرية تربط بين الأجور و الأسعار.

● لكن السيد عبدالله الدردري يقول بأن ذلك مرتبط بإمكانات الدولة؟
الإمكانيات موجودة، كأن يوقفوا الهدر الموجود في بنزين سيارات الموظفين الحكوميين الكبار، هذا إجراء بسيط، وأن يوقفوا الهدر الحاصل بالإنفاق العام، تصور لايوجد مدير شركة أو وزير إلا ولديه مخصصات للولائم أو لإرسال الورود وغير ذلك،  ليوقفوا أيضاً التهرب الضريبي، أنا أعتقد أنه من بند واحد هو بند البنزين يمكن تمويل جزء هام من أموال الدعم.

● لكن عبد الله الدردري يقول أن 10% من الشريحة الأغنى في سورية تستفيد 52 ضعفاً من الدعم المقدم لمادة المازوت مقارنة بـ 10% من الشريحة الأفقر في المجتمع؟
أعتقد أن هذه الأرقام غير دقيقة.

● مؤخراً سمح بإقامة العديد من المصارف الخاصة وشركات التأمين ما تأثير ذلك على الاقتصاد السوري؟
هذا ما كنا نخشاه في الحقيقة، أي إيجاد الآليات اللازمة لاندماج سورية في الأسواق العالمية، فالعلاقة مع الاقتصاد العالمي يكون عادة من خلال ثلاثة تداولات (السلعي، العمالة، رؤوس الأموال) التداول السلعي موجود مع السوق العالمية، أما بالنسبة لانتقال العمال فهم لا يقبلون بذلك ويضعون الشروط، يبقى حركة الأموال الذي يشكل اليوم المعيار لموضوع الاندماج في السوق العالمية، فالمطلوب في سورية اليوم تحرير حركة الأموال بحيث تستطيع الدخول والخروج متى تشاء، وهذا مايسموه حركة الأموال الساخنة التي سببت الأزمة في جنوب شرق آسيا عام 1997.
إذا كان هناك من داع للرأسمال الأجنبي فيجب استثماره في الإنتاج المباشر أو في نقل التكنولوجيا، أما رأس المال الطيار الذي يدخل ويخرج دون أي حساب فذلك يقتل الاقتصاد الوطني، ولولا حكمة الرئيس مهاتير محمد في ماليزيا وقيامه بالحد من حركة الرأسمالي الطيار لما استطاعت ماليزيا أن تقف على رجليها، هم يريدون جر سورية إلى هذا الموقع، أي أن يفتح أبوابه لدخول الرأسمال وخروجه دونما قيود وبالتالي ربط الاقتصاد السوري بآلية الرأسمال العالمي، والذين يقولون بالاندماج في سورية لايضعون حتى الشروط الوطنية للاندماج، نسمع بضرورة الاندماج ولا نسمع بالشروط الوطنية.

● أنت دائماً تقول هم، من المقصود بـهم؟
     أقصد كل دعاة التحول نحو اقتصاد السوق الحر، وأقصد أصحاب المصلحة الحقيقية في جر سورية نحو اقتصاد السوق العالمي بشروطه وليس بشروطنا، وكل الفئات الفاسدة والمفسدة  التي استطاعت أن تهيمن على بعض المواقع في الاقتصاد السوري. هناك موضوع آخر على جانب كبير من الأهمية، لماذا التحول نحو اقتصاد السوق يأتي في صلب المشاريع المصدرة إلينا من الخارج، لماذا هو في صلب مشروع الشرق الأوسط الكبير وفي صلب مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي عارضه «بيريز» في منتصف التسعينات، لماذا يريدون أن يتحول الاقتصاد السوري نحو الاقتصاد الحر، يريدون ذلك من أجل  إدماج سورية في عملية أوسع بكثير من سورية، وهي الدخول في المشاريع الإقليمية التي تخدم الولايات المتحدة وإسرائيل، هم لايستطيعون فرض هذا الدور إذا بقيت الدولة قوية اقتصادياً، وإذا بقي القطاع العام، فمن دعائم الوقوف في الحرب هو أن يكون لدى الدولة قطاع عام قوي، الآن يريدون أن يسلبوا الإدارة السورية من أيديها وأن يضعفوا قدرتها الاقتصادية المتمثلة في القطاع العام؛أنا لا أشك بأن القطاع الخاص سيرتمي في أحضان الرأسمالية العالمية، إنما أقول عندما تكون الدولة قوية في اقتصادها فإنها تستطيع أن تقف بجرأة وبقدرة تفاوضية أكبر مع الخارج.

● سياسياً ما تزال سورية تأخذ موقفاً معارضاً لسياسات أمريكا في المنطقة، في حين أنها تتجه اقتصادياً لفتح كافة أبوابها أمام الرساميل الأجنبية وتدخل في اتفاقيات دولية، أليس هناك شيء غير مفهوم في هذه المعادلة؟ بمعنى آخر هل يمكن الفصل بين السياسة والاقتصاد؟
هذا الموضوع لا يمكن فصله عن بعض ويوجد فيه تناقض ويستدعي إجابة من المسؤولين لأننا إذا ما بقينا نخسر اقتصادياً فإننا سنخسر سياسياً أيضاً، هذا ما حدث في مصر وفي دول كثيرة.

● يطرح البعض إعادة ملف التأميمات والتعويض لأصحابها.. ما رأيك؟
    هذا الموضوع يطرح بين حين وآخر والقصد منه إدانة مرحلة كاملة، فالتأميم يجب أن ينظر إليه في حينه، من خلال معطياته في ذلك الحين، أما بشأن التعويضات فكنت أتمنى أن تدفع في حينها، لكن أتذكر عندما حصل الجرد والتقويم لموجودات المؤسسات المؤممة تبين أن قيمتها كانت 200 مليون ل.س مقابل ديون على هذه المؤسسات من المصارف المؤممة كانت هي أيضاً بحدود 200 مليون ل.س، لكن ما يلفت النظر أن بعض الشركات كانت رابحة وليست عليها ديون، وكان يمكن تعويضها، خاصة وأن عدد المساهمين كان كبيراً، وبعضهم من الفقراء الذين لم يكونوا مستهدفين من عملية التأميم، أعتقد أنه كان هناك تقصير إداري وكان يجب أن يحل في حينه.

● برأيك ما هي نقطة الضعف في الخطة الخمسية العاشرة؟
أنا أراها في تحديد معدل النمو الذي حدد بـ5% و 7% والذي اعتمد على إنفاق استثماري مقداره 1800 مليار ليرة سورية خلال خمس سنوات، هذا المبلغ يتم تأمين 900 مليار منه حسب الخطة من الدولة، بينما تتوقع الخطة أن يتم تسديد الباقي الذي هو أكثر من 50%  من القطاع الخاص المحلي والاستثمار الأجنبي، وهذه المراهنة هي نقطة الضعف الرئيسية في الخطة العاشرة خاصة ضمن الظروف الدولية والإقليمية الراهنة، يضاف إلى ذلك بأن الخطة تمادت كثيراً في العناوين والشعارات، وكنا نأخذ على الخطط السابقة أنها كانت تضع  أهدافاً من المستحيل تحقيقها، وكانت بالنهاية ترحل تلك الأهداف إلى خطة خمسية أخرى، وسأذكر مرة أخرى بأن الأهداف الموجودة في الخطة الخمسية العاشرة سترحل إلى الخطة رقم 11.

● قبل أيام كان هناك وفد من البرلمان الأوروبي في سورية، وأبلغنا رسمياً بأنه سيطرح موضوع الشراكة مع سورية للتصويت عليه في البرلمان الأوروبي، لماذا تعيد أوروبا فتح ملف الشراكة مع سورية بعد تجميده لعدة سنوات، وكيف يمكن أن يتأثر  الاقتصاد السوري بهذا الانضمام إلى الشراكة؟
أنا كنت من المعارضين للشراكة الأوروبية منذ البداية، لأنني أعتقد أنه لا يمكن إقامة شراكة حقيقية بين قوي وضعيف، الدول الأوروبية مجتمعة مقابل سورية، هل يمكن أن تتصور إقامة علاقة موضوعية تحت عنوان الشراكة بين هاتين الجهتين، إضافة إلى أن الشراكة تفرض على سورية التحول نحو اقتصاد السوق، وتفرض على سورية وجود إسرائيل كقاسم مشترك بين كل هذه الدول، وأنا في الواقع لا أتوسم خيراً من الشراكة، وسورية كانت تدرك هذا الأمر وتمتنع عن الدخول في المفاوضات مع أوروبا، إلا أن ظروف سياسية معينة والضغوطات الأمريكية جعلت القيادة السورية كما أعتقد تبحث عن متنفس لها من خلال موضوع الشراكة مع أوروبا، لكن الضغوط الأمريكية على أوروبا عطلت المفاوضات، واليوم  تدرك الولايات المتحدة وأوروبا أنه ليس بالإمكان الوصول إلى حل في المنطقة دون سورية، وأصبحت تصل إلى سورية بعض الرسائل في هذا الخصوص، لكن أتمنى أن لا يوافق البرلمان الأوروبي على التصويت لصالح انضمام سورية إلى الشراكة الأوروبية.
الشراكة المتوسطية الأوروبية هي كارثة للاقتصاد السوري، لأن سورية بموجبها ستتنازل عن الكثير من المعطيات الاقتصادية مقابل مزايا مؤجلة قد لاتحدث، كما ستؤدي إ الشراكة إلى إجهاض عملية التوحيد مع الاقتصاد العربي، ثم أن السلع الأوروبية بما تتمتع به من جودة وقوة سياسية ستكون عامل جذب هام لربط السوق المحلية بعجلة الاقتصاد الأوروبي، إضافة إلى أن المنافسة غير المتكافئة بين السلع الأوروبية والسلع المحلية ستؤدي إلى إغلاق المصانع وانتشار البطالة، هذا من جانب، ومن جانب آخر ستؤدي الشراكة إلى تراجع إيرادات الدولة من الجمارك مما سيكون له أثر على الخدمات الاجتماعية وزيادة في الضرائب.
من وجهة نظري إن الاستثمار الوطني هو الذي يخلق تنمية حقيقية، ومع ذلك فإن الرأسمال الأجنبي لن يأتي إلى سورية إلا بقرار سياسي يتخذ في رأس النظام العالمي والذي يهيمن عليه رأس المال الأمريكي ـ الصهيوني. ومن هنا يرتبط موضوع الاستثمار الأجنبي بمدى رضا الأوساط الأمريكية والصهيونية عن هذا البلد أو ذاك.

● هل ما تزال تعتبر نفسك بعثياً؟
أنا لست حزبياً، لكني مؤمن بمبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي الأصيلة، كنت في الحزب حتى العام 1964، لكني لم أتخل عن هذه المبادئ خاصة وأنني  وجدت نفسي فيها من خلال الموقف العربي القومي ومن خلال الموقف الاقتصادي الموالي للفقراء والمعارض للاستغلال، هكذا كنا نرى في وقتها.

● هل كان لك إسهام في التحولات التي حدثت ضمن حزب البعث؟
نعم كنت من المساهمين الذين أدخلوا في العام 1963 تعديلاً في النظرة الاشتراكية للحزب، حين حولناها من الاشتراكية العربية الذي كان يغلب عليه الطابع الغيبي إلى الاشتراكية العلمية.

● هل أنت راض عن دور حزب البعث في المرحلة الحالية؟
أتمنى أن يعيد الحزب النظر بدوره وأساليبه ليرجع إلى نقائه وإلى صفوف الشعب ويعبر عن حقيقة مشاعره.

● هل أنت مع وجود أحزاب منافسة لحزب البعث؟
طبعاً.. أتمنى أن تتاح فرص لكل الفئات السياسية وأتمنى أن تعود الحياة السياسية إلى سورية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
285