فيضانات «تل تمر» الرجال الحقيقيون والدولة الغائبة..

تغيب الدولة فيحضر المتفانون الحقيقيون الذين ما زال تواجد أمثالهم هو الفاصل في أوقات المآزق والكوارث التي قد يتعرض لها المجتمع بين الحين والآخر.

إنه زمن تاج الدين وياسين الخضر، ومحمود عمير، وليس زمن الدولة النائمة، هذا ما أثبتته قيضانات «تل تمر»؟
قيل قديما الغريق يتمسك بقشة، والقشة والسند والظهير والحامي في هذا الزمن يجب أن تكون الدولة، وعندما تكون الدولة نائمة ومواطنوها يبلعهم الفيضان، لابد أن نصرخ وتصرخون لكي تستفيق الدولة بعد أن  نوّمها  الفساد واللامبالاة تجاه الصالح العام، ولا بد أن نرفع عاليا أسماء من  قام بدور بطولي أثناء الفيضانات.. ومن هذه الأسماء المواطن الشهم ياسين أحمد الخضر مواليد 1980 وشريكه في ذلك ياسين أحمد الخضر /1974/ وهما صيادان ذهبا لإعادة عدة الصيد، وبعد مشاهداتهم لإشارات الاستغاثة تركا كل شيء وذهبا لنجدة المستغيثين، ورغم تدخل أهالي قرية «أم كهيف» وتنبيههم لمخاطر مثل هذه المغامرة لأن المياه كانت بامتداد 5كم، إلا أن الضمير الحي أبى إلا أن يذهب لنجدة المستغيث، وكانت المفاجأة وجود عشرات المحاصرين بالماء يتهددهم الموت الأكيد، وتصر مجموعة لجأت إلى سطح أحد البيوت، أن يذهب المنقذين إلى مجموعة أخرى وضعها أخطر .... والقصة تطول.. والنتيجة أن هذين الشابين وبجهودهما الشخصية استطاعا إنقاذ أكثر من 40 شخصاً من الموت المحقق..
 في قرية «تل حمام» سقط 4 ضحايا، وهناك قصة أخرى لابد من ذكرها، وهي أن الشاب محمود عمير، (طالب معهد صناعي)، استطاع إنقاذ ستة أطفال قبل أن يصبح هو ذاته ضحية الفيضانات بعد ما قام به من عمل بطولي، والضحايا بالإضافة إلى المذكور هم: عبد الحويجة، مهند الحويجة، فريال النافع التي لا يزيد عمرها عن سنة ونصف..
 وفي قرية العامرية بلغ عدد الضحايا 5 أشخاص حتى ساعة إعداد هذه المادة بين قتيل ومفقود، وهم: إبراهيم الكعيمش، عبد الله الكنعي، علاء الصقر، عبد الله البدران، وعلي النامس..

 مفارقات

• في اليوم الأول وصل الدفاع  المدني،  وبعد مدة قصيرة من العمل تعطلت زوارق الإنقاذ فبدؤوا العمل بالمجاديف!
• في أحد مواقع الفيضان، تم توزيع 16 خيمة فقط، مع العلم أن عدد المشردين كان 40 شخصاً؟!!
• في اليوم الثاني لم يوزع إلا الخبز..
• في اليوم الثاني قام السيد المحافظ بجولة على القرى المتضررة، وقال «دبروا حالكم شو بدي أساويلكم»!؟ وفي إحدى القرى لم ينزل من سيارته..  ونعتقد أن المشكلة تبدأ من هنا تماماً.. أي من كلام السيد المحافظ (دبروا حالكم ...) فمع هذا النموذج من المسؤولين وعددهم مع كل الأسف ليس بقليل في بلادنا، فإن كارثتنا لعظيمة..

مقترحات إسعافية
يجب بالضرورة الكلية تعويض الإخوة المتضررين مادياً (وإذا كانت الأرواح بيد رب العالمين) فإن  تعويض المواطنين عن دورهم وأقطانهم وماشيتهم بالتأكيد هي بيد الدولة ومن مسؤوليتها، والدولة قادرة على تعويضهم بكل تأكيد، ومن العار التحجج بضعف الإمكانيات في منطقة هي أغنى مناطق البلاد، والإمكانيات موجودة فعلاً، ولكن الأمر يتطلب ضمائر حية وشيئاً من الشعور بالمسؤولية.. وأناس مثل تاج الدين وياسين الخضر، ومحمود عمير..

معلومات إضافية

العدد رقم:
285