المرضى متمسكون بالحياة... فهل تتخلى عنهم وزارة الصحة

منذ سنوات طويلة ووزارة الصحة توزع بشكل مجاني بعض الأدوية المضادة لأمراض خطيرة، وقد كان ذلك مستحسناً ومحموداً من الناس الذين كانوا، رغم كل التعقيدات والصعوبات التي تعترضهم، يرون في الوزارة نصيراً رؤوفاً ورحيماًً بهم، ولكن هذه الأحوال آخذة بالتغير بشكل مريب، فهل هناك سياسة جديدة تعتمدها وزارة الصحة، أو أن المسألة لاتتعدى كونها مجرد تقصير؟ هذا هو السؤال الذين يطرحه الكثيرون من الناس، وخاصة أولئك الذين يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة.

مرض الناعور.. والدواء المفقود

يعني مرض الناعور، عدم وجود تخثر طبيعي للدم لدى المريض، مما يجعله ينزف حتى الموت في حال تعرضه لجرح، أو لعملية جراحية ولو كانت بسيطة، وبالتالي فإن المصابين بهذا المرض (وهم عدة آلاف) يحتاجون إلى حقنة تدعى (العامل الثامن)، وقد صرح وزير الصحة في العام الماضي أن الدولة ملزمة بتأمين الحقن اللازمة لكافة المرضى في جميع المشافي، ولكن الواقع يقول أنه في حمص مثلاً، ينعدم وجود مثل هذه الحقن منذ ثلاثة أشهر، وهذا يعني أن المصاب بهذا المرض سينزف حتى الموت، قبل أن تصل الحقنة التي يحتاج إليها دمشق!! هذا إن وصلت!! لأنه حتى في دمشق لايحصل عليها سوى بعض الخاصة،. وتبجح بعض المسؤولين في أن هذه المادة يمكن تهريبها في حال رفعت القيود عن توزيعها، ولكن هذا الادعاء غير صحيح، فالمرضى جميعهم مسجلون في الوزارة، وبالتالي فإن حصر توزيعها سهل وبسيط، إلا إذا كان من يدعي الحرص عليها، هو نفسه من يقوم ببيعها في السوق السوداء، وهذه السوق تكون أحياناً في المؤسسات الحكومية نفسها، والبائعون هم الموظفون والمعنيون!!

أكياس البلازما.. نقص مستمر

ويعاني مرضانا ومشافينا أيضاً من التناقص الشديد لأكياس البلازما، وهي المادة التي يحتاج إليها المرضى الذين تعرضوا للنزيف الحاد، ولذلك فإن وجودها أساسي وهام في العمليات الجراحية المختلفة وفي استقبال حالات الحوادث الإسعافية، وحجة المعنيين في تناقص هذه المادة التي لايستغنى عنها أبداً، هو عدم توفر الأكياس الحافظة لها، وهذا يضعنا أمام الواقع الصناعي لهذه الأكياس، ففي سورية معملان للإنتاج، الأول موجود في دمشق ويغطي حاجة المنطقة الجنوبية، والثاني موجود في حماة، ويغطي حاجة بقية مناطق سورية، وهو متوقف عن الإنتاج منذ بضعة أشهر.؟! إن توقف هذا المعمل عن الإنتاج خلق أزمة حقيقية، لكنها مفتعلة بالتأكيد، وأدى إلى حدوث وفيات كثيرة حتماً، وإن لم يصرح أحد بذلك!! والغريب في الأمر أن إنتاج معمل دمشق يكفي الحاجة، والأكياس متوفرة فيه بكثرة، ولكنها لسبب ما لاتصل إلى بعض المحافظات!!

مرضى السكري.... واشتداد المعاناة

علمت «قاسيون» أن الدولة قد خفضت توزيع الأدوية الخاصة بمرضى «السكري» إلى النصف، وذلك لأسباب مجهولة، وغير مبررة، وبالتالي فإن الفقراء المصابين بهذا المرض، والذين يقصدون عادة مشافي الدولة للحصول على جرعاتهم، سيدفعون الثمن، وستترتب عليهم أعباء إضافية غير قادرين على تحملها، مما سيجعلهم مضطرين لتخفيض الجرعات التي يتناولونها وفقاً لطبيعة حالتهم الصحية، وهذا سيشكل خطراً كبيراً على حياتهم وسلامتهم. ويلاحظ في هذا السياق ازدياد عمليات بتر الأصابع الناجمة عن تدهور صحة الكثيرين من المرضى، وارتفاع حالات الوفاة لدى المصابين، وهذا أمر خطير جداً، وسيصبح أكثر خطورة في حال استمرار الوزارة في التنصل من مسؤولياتها تجاه المواطنين غير القادرين على الاستشفاء في «المجازر» الخاصة!!!

مرضى السرطان... هموم وآلام

يعاني مرضى السرطان من تراجع مستوى تقديم العلاجات والجرعات اللازمة لهم، وخاصة في المحافظات الأكثر تلوثاً، كمحافظة حمص مثلاًً، حيث يضطر المرضى للذهاب إلى دمشق لتلقي العلاج، مما يرتب عليهم كلفاً عالية، ويتسبب لهم بالإرهاق والتعب، عدا الانتظار الطويل في طوابير للحصول على جرعة واحدة.

القصور الكلوي.. والمشافي الخاصة

 

لايخفى على أحد أن المشافي العامة تعاني من نقص خطير ومتزايد في أجهزة ومعدات غسل الكلية، فعدد مرضى القصور الكلوي أكبر بكثير من استيعاب المشافي، مما يضطر المرضى اللجوء إلى المشافي الخاصة ذات الأسعار الخيالية والكلف الباهظة، ومن لايستطيع تأمين الأموال اللازمة للعلاج في هذه المشافي فمصيره الموت، والمعنيون يعلمون أن توفير بعض أجهزة ومعدات غسل الكلى ليس بالأمر العسير، ويحول دون تفاقم خسائرنا البشرية اليومية، إلا أن أحداً منهم لم يقم بأية خطوة في هذا المجال، ولايزال مرضانا يئنون ويعانون منتظرين الرحمة التي حتماً لن تأتي بالأمنيات، ومن الضرورة القصوى أن تبادر وزارة الصحة للعمل الحاسم والسريع في سبيل رفع الحيف والألم عن المواطنين، لأن الصحة «تحديداً» هي خط أحمر، لايجوز تخطيه أو إغفاله، مهما كانت نوايا الحكومة في الشؤون الأخرى، أم أنها حتى في هذا الأمر الخطير والحساس، تريد أن تسلم رقاب الناس للقطاع الخاص الذي لايهمه سوى الربح.... ولو كان على حساب آلام المرضى وحاجتهم الشديدة للدواء والشفاء.

معلومات إضافية

العدد رقم:
231