تعديلات خطيرة... أم اعتداء سافر! أوقفوا محاولات الاعتداء على المخطط التنظيمي لمدينة جرمانا

تعاني معظم مجالس المدن منذ أمد طويل، من تفاقم الفوضى واستشراء الفساد فيها، حتى أمست هذه المجالس مقصداً وهدفاً لكل من يحلم بالإثراء السريع غير المشروع، ومرتعاً للفوضى العارمة والتخبطات العجيبة،

والتي نتج عنها طوال ثلاثة عقود مدن مشوهة بكل ماتحمله هذه الكلمة من معان قاسية سواء من حيث المباني السيئة التصميم والتنفيذ، أو من حيث الشوارع والطرق التي أقل مايقال عنها أن الأزقة القديمة تفوقها جودة وجمالاً، أو من حيث البنية التحتية والفوقية والخدمات، يضاف إلى ذلك الانعدام شبه التام للمرافق العامة والحدائق والملاعب، من دون أن ننسى أن هذا الهجوم الإسمنتي قد ابتلع في طريقه بفضل المخططين والمنفذين المفسدين، معظم مساحات الوطن الخضراء، والتي كانت فيما مضى من الزمان أحد العوامل الهامة لسكن أجدادنا واستقرارهم.

ومع ارتفاع شعارات التحديث والإصلاح، ارتدت هذه المجالس أثواباً ملونة وأقنعة جديدة، وراحت باسم «الشفافية» و «حماية حقوق الناس» تغير مناهج عبثها وأشكال فسادها لتصل إلى نتائج أكثر ربحاً وأقل خطراً، وذلك بإضفاء شرعية على تعدياتها وتجاوزاتها، من خلال إعطاء صفة العلنية لقراراتها المغرضة، وأهمها تلك المتعلقة بتعديل المخططات التنظيمية وفقاً لأهواء ورغبات ومصالح بعض الأثرياء «الكرماء»، الذين ماانفكوا يلوون أعناق وأطراف المخططات التنظيمية كما يشاؤون.

وما يحدث الآن في «جرمانا» التي كانت ذات يوم قريب غوطة غناء مثال حي على كل ما سبق ذكره، ومن الهام الكشف عنه والتبصر فيه.

اقتراحات وتساؤلات

أقر مجلس مدينة جرمانا في جلسته الاستثنائية رقم 9 تاريخ 7/7/2004 اقتراحات على المخطط التنظيمي المصدق عام 2003 لمدينة جرمانا، تضمنت 162 تعديلاً، تمهيداً لإعلانه مع مقترحات المجلس لمرور عام على تصديقه أول مرة حسب المرسوم رقم 5 لعام 1982. وقد أعلن المخطط في صحيفة الثورة العدد رقم 12478 تاريخ 9/8/2004، ونشر مع المقترحات في بهو المجلس في 15/8/2004.

إن الاقتراحات الإيجابية التي عالجت تعديلات محددة وموضوعية لاتتجاوز 10 اقتراحات ملموسة التنفيذ وضرورية لاستدراك الأخطاء التي ظهرت خلال عام من تصديق المخطط التنظيمي.

وقد اقترح تطبيق نظام التوزيع الإجباري ـ مضمون القرار رقم 1060 لعام 1960 والقانون رقم 9 لعام 1974 ـ على توسع المخطط التنظيمي المصدق عام 1976 لضمان عدالة أشمل بين أصحاب الحقوق الذين وقع توسيع التنظيم على عقاراتهم، ولسرعة تنفيذ التنظيم وحصول الوحدة الإدارية على الأملاك والمشيدات والمرافق العامة.. ولكن المجلس لم يأخذ بالاقتراح.

ومما أقره المجلس من اقتراحات مست الأملاك والمشيدات والمرافق العامة:

• 10 اقتراحات باقتطاع 1/3 مساحات المدارس وتحويلها إلى شرائح سكنية.

• 4 اقتراحات باقتطاع 1/3 مساحات المراكز الصحية وتحويلها إلى شرائح سكنية.

• 9 ااقتراحات باقتطاع مساحات من الحدائق العامة وتحويلها إلى شرائح سكنية.

• 15 اقتراحاً باقتطاع مساحات من الشوارع العامة وتحويلها إلى شرائح سكنية.

• 20 ااقتراحاً بإلغاء شوارع ومواقف سيارات وتحويلها إلى شرائح سكنية.

وأقر المجلس بأكثر 12/20 اقتراحاً بتغيير الصفة التنظيمية لعقارات ـ لم يحددها المجلس في جلسة 7/7/2004 ولم يطلع على مخططاتها الهندسية ـ إلى صفة سكنية برجية 10 طوابق، ووضع لها نظام بناء متعارض مع كل أعراف البناء الهندسية للأبراج، مشترطاً الحفاظ على نسبة الأملاك العامة، بينما اشترط المعترضون الحفاظ على الأملاك العامة كما وردت في المخطط التنظيمي المصدق مساحة وموقعاً للحفاظ على أرض المركز الثقافي حوالي 6000 م2 وعلى أرض الحديقة ودار جرمانا «المتحف» حوالي 6000 م2.

وأقر المجلس اقتراحاً بإعطاء شريحة سكنية بعمق 30 م على محيط المخطط التنظيمي المصدق البالغ حوالي 12000 م، أي تحويل أراضي زراعية مساحتها بحدود 360000 م2 إلى شرائح سكنية. والمخطط التنظيمي مصدق لعام 2020 أي لايجوز توسيعه حتى ذلك الموعد.

هكذا يقر اقتراح بتغير الصفة التنظيمية لبعض العقارات إلى صفة سكنية برجية؟! بمبرر منع انتشار البناء العشوائي والاعتداء على ماتبقى من الأراضي الزراعية الناضبة أصلاً في جرمانا؟ ثم يقر اقتراح بتحويل 360 ألف متر مربع من الأراضي الزراعية إلى شرائح سكنية؟

إن من أهم واجبات ومسؤوليات المجلس الحفاظ على الأملاك والمشيدات والمرافق العامة في المخطط التنظيمي، فهل المقترحات المذكورة تحافظ على المصالح العامة لأهالي جرمانا؟!!

كما أقر المجلس بالأكثرية اقتراحاً باعتماد مخططات توجيهية لمناطق السكن العشوائي بارتفاع 11 طابقاً ووضع لها نظام بناء كما الأبراج وطلب لحظ مشيدات ومرافق عامة تتناسب والحجم السكاني لكل منطقة، وعند نشر المخطط التنظيمي والمقترحات تبين أن كلمة «توجيهية» قد شطبت من المقترح؟! وقد قرر المجلس في جلسته رقم 2 تاريخ 3/8/2003، وفي جلسته تاريخ 27/10/2003، وفي جلسته تاريخ 25/1/2004، وفي جلسته تاريخ 22/4/2004، تشكيل لجنة من أعضاء المكتب التنفيذي وأعضاء المجلس والمكتب الفني لحصر مساحات وأرقام عقارات الأملاك والمشيدات والمرافق العامة في المخطط التنظيمي الجديد من أجل إعداد مشاريع الاستملاك.. ولكن اللجان لم تقم بمهامها لتاريخه؟! وعند مناقشة اقتراحات التعديل تبين أن اللجان لم تقم بمهامها لأن النية معقودة على اجتزاء مساحات من الأملاك والمشيدات والمرافق العامة وتحويلها إلى شرائح سكنية وإعادتها لأصحاب العقارات بحجة أن ذلك سيشجعهم على التنازل عن الأملاك العامة مجاناً لبلدية جرمانا؟!

رفض استشارة المختصين.. لماذا؟

كما قرر المجلس في جلسته تاريخ 25/10/2003 تشكيل لجنة لوضع مقترحات المجلس على المخطط التنظيمي المصدق عام 2003 تمهيداً لإعلانه، وقد ضمت اللجنة أعضاء من المكتب التنفيذي و المجلس ومهندسين من مكاتب هندسية خاصة في جرمانا، واعترض بعض أعضاء المجلس على تشكيل اللجنة وطالبوا باستشارة محافظة ريف دمشق أو شركة دراسات حمص لترشيح مهندسين في التخطيط والتنظيم العمراني لمساعدة المجلس على وضع مقترحات ملموسة، ولكن ذلك لم يؤخذ بعين الاعتبار. وتبين في الواقع العملي أن اقتراحات التعديل وضعت بالتنسيق بين المهندسين وغالبية أصحاب العقارات التي وقع توسيع التنظيم عليها، حيث أصبح نادي جرماناً مركزاً لمدة 6 أشهر لدراسة المخطط التنظيمي والتعديلات على الملأ. وحلت اللجنة وبشكل خاص المهندسون محل مجلس المدينة في عرض الاقتراحات على الأهالي، وتأكد ذلك عندما عرضت اللجنة على المجلس نتيجة عملها المكون من 162 اقتراحاً بالتعديل على المخطط التنظيمي.

صدق المخطط التنظيمي أول مرة عام 1976، وجرى توسيعه عام 2003، وأقر المخطط المصدق لعام 2020. فهل يعقل أن يقتطع مساحات من المدارس والمركز الثقافي ودار جرمانا «المتحف» والمراكز الصحية والحدائق والشوارع المدروسة لتخديم أهالي جرمانا لمدة 20 سنة مستقبلية وتحويلها إلى شرائح سكنية؟! وهل الأملاك والمشيدات والمرافق العامة تكفي أصلاً أهالي جرمانا البالغ عددهم حالياً حوالي 250 ألف نسمة؟! ويتوقع أن يصبحوا في عام 2020 حوالي 500 ألف نسمة.

الأملاك العامة في خطر

إن الأبراج السكنية ظاهرة حضارية، وكذلك وضع مخططات توجيهية لمناطق السكن العشوائي، وقد يساعد ذلك على الحد من ظاهرة قضم الأراضي الزراعية والبناء العشوائي المخالف، إلا أن هذين الاقتراحين هما من تطبيقات نظام التوزيع الإجباري فيما لو وافق المجلس على اقتراحه لكن الأهم من الاقتراحين هو مسؤولية المجلس في الحفاظ على الأملاك العامة الواقعة على العقارات المقترح تغيير صفاتها إلى سكن برجي كما وردت في المخطط التنظيمي مساحة وموقعاً، وليس الحفاظ على نسبة الأملاك العامة في متن الاقتراح. إن كلمة «نسبة» تعادل كلمة «اللعب والمس» بالأملاك العامة التي هي مصالح أهالي جرمانا بالدرجة الأولى.

إن الأملاك العامة في معرض تطبيق القانون هي كالأموال العامة لايجوز المساس بها إطلاقاً… فكيف إذا كانت مراكز ومعالم تربوية مدرسية وثقافية وتاريخية وصحية وخدمات عامة؟!

لقد سبق لمجلس المدينة بعد مداولات في 10 جلسات عادية واستثنائية أن ألغى الفقرة الثانية من قراره رقم 64 تاريخ 1/9/2003، وقراره رقم 19 تاريخ 26/1/2004 عندما تبين له بأن الدراسة الهندسية المسجلة لدى بلدية جرمانا برقم 492 وتاريخ 2/4/2004 لتغيير الصفة التنظيمية لعقارات «آل الخطيب» إلى صفة سكنية برجية لم تحافظ على الأملاك العامة كما وردت في المخطط التنظيمي المصدق، بل جرى اللعب والمس بها مساحة وموقعاً! واعتبرت وجائب وخدمات للأبراج. وقد قدم 14 عضواً من العشرين من أعضاء المجلس في حينه مذكرات وكتب إلى من محافظة ريف دمشق برقم 1498/آ.م تاريخ 8/4/2004 وبرقم 1497/آ.م تاريخ 8/4/2004 وإلى اللجنة الإقليمية بمحافظة ريف دمشق برقم 13635 تاريخ 26/4/2004 عن طريق وزارة الإسكان، وإلى الفرق الحزبية وشعبة الغوطة الشرقية وفرع ريف دمشق لحزب البعث العربي الاشتراكي، للحفاظ على الأملاك العامة في منطقة الأبراج وكان لكل الجهات المذكورة آنفاً موقف إيجابي في منع تصديق اقتراح الأبراج من قبل اللجنة الإقليمية.

الحدائق، المركز الثقافي، المتحف

مشاريع ضحايا..!

وعندما أعلن المخطط التنظيمي في 9/8/2004 ونشر في بهو المجلس مع المقترحات تبين أن «اقتراح تغيير الصفة التنظيمية للعقارات الملحوظة على المخطط المرفق» إلى صفة برجية، قد تضمن عقارات «آل الخطيب» نفسها ذوات الأرقام «330 ـ 338 ـ 3091 ـ 3092 ـ 3100 ـ 3101 ـ 3108» كما تبين أن المخطط ا لهندسي للأبراج المثبت على المخطط التنظيمي هو نفس المخطط الهندسي المرفوض من المجلس بالإجماع لأنه لم يحافظ على الأملاك العامة كما وردت في المخطط التنظيمي المصدق، وإنما اقتطع مساحات كبيرة جداً من أرض المركز الثقافي وأرض الحديقة ودار جرمانا «المتحف» ونقل مواقعها من الواجهة على الشارع الرئيسي العام في مدخل مدينة جرمانا إلى داخل كتل الأبراج، وذلك تحت عبارة «الحفاظ على نسبة الأملاك العامة».

إن هذا الاقتراح عدا أنه اقتطع مساحات كبيرة من أرض المركز الثقافي والحدائق والمتحف وألغى بعض الشوارع العامة وحوّر وعدل مواقعها وحول المقتطع إلى كتل برجية، فإن فرق مساحة البناء الطابقي بين الصفة التنظيمية في المخطط المصدق والصفة التنظيمية المقترحة إلى سكن برجي تعادل حوالي 70 ألف متر مربع طابقي.

لمصلحة من اقتطاع 4800 م2 من أرض المركز الثقافي وحوالي 3000م2 من مساحة الحدائق والمتحف وإلغاء أكثر من نصف الشوارع العامة؟ هل هذا لمصلحة أهالي جرمانا؟ ألم تعد الثقافة هي الحاجة العليا للمجتمع؟ وألم نعد بحاجة للاستلهام من تراثنا التاريخي وكفاح أهلنا الوطني التحرري عبر المعالم والأوابد والمكتبات والمراكز الثقافية والمتاحف الوطنية؟!

مسؤوليات وحقائق..!

في موضوع الحفاظ على الأملاك العامة يقدر أعضاء المجلس بمسؤولية:

 دور المديرية القانونية بمحافظة ريف دمشق لموقفها بالحفاظ على الأملاك والمشيدات والمرافق العامة في منطقة عقارات آل الخطيب كما وردت بالمخطط التنظيمي المصدق مضمون كتابها الموجه إلى مجلس مدينة جرمانا برقم 11849 وتاريخ 26/8/2003.

 دور فرع ريف دمشق لحزب البعث العربي الاشتراكي بالحفاظ على الأملاك العامة في منطقة عقارات آل الخطيب كما وردت في المخطط التنظيمي المصدق مضمون كتابه الموجه إلى محافظة ريف دمشق برقم 2065/6 تاريخ 19/4/2004.

 دور وزارة الإسكان والمرافق ومديرية التخطيط العمراني وممثليها في اللجنة الإقليمية بريف دمشق، وفي اللجنة التي شكلها الوزير خلال زيارته ومحافظ ريف دمشق إلى مجلس مدينة جرمانا لموقفهم الثابت والمسؤول في الحفاظ على الأملاك والمشيدات والمرافق العامة مساحة وموقعاً في منطقة عقارات آل الخطيب كما وردت في المخطط التنظيمي المصدق، برفض اقتراح تغيير الصفة التنظيمية إلى أبراج سكنية.

الشرفاء يعترضون ويتحركون..!

ومن أجل الحفاظ على الأملاك والمشيدات والمرافق العامة ومنع المساس بأي من مساحتها كما وردت في المخطط التنظيمي المصدق لأنها مصالح أهالي جرمانا محل الاعتبار الأول والمسؤولية الأولى، فقد جرى الاعتراض على المقترحات التي اجتزأت مساحات من الأملاك العامة، وأرسلت كتب بتاريخ 1/9/2004 للتعاون في حفظ الأملاك العامة ومنع محاولات المساس بها إلى كل من الجهات التالية:

 الفرق الخمس لحزب البعث العربي الاشتراكي في جرمانا.

 شعبة الغوطة الشرقية لحزب البعث العربي الاشتراكية.

 فرع ريف دمشق لحزب البعث العربي الاشتراكي.

 قد عرض الرفيق عدنان درويش ـ عضو مجلس محافظة ريف دمشق ـ موضوع إعلان المخطط التنظيمي لمدينة جرمانا واقتراحات المجلس التي اجتزأت مساحات من الأملاك العامة في الجلسة الثانية لاجتماع مجلس المحافظة بتاريخ 6/9/2004 وطالب بعدم إقرار وتصديق المقترحات التي تمس الأملاك والمشيدات والمرافق العامة من قبل اللجنة الإقليمية المختصة.

وتقدم سبعة أعضاء من مجلس مدينة جرمانا بمذكرة مؤرخة في 4/9/2004 وجهت إلى:

 وزارة الإسكان والتعمير.

 وزارة الإدارة المحلية والبيئة.

 وزارة التربية.

 وزارة الثقافة.

 وزارة الصحة.

 فرع ريف دمشق لحزب البعث العربي الاشتراكي.

 محافظة ريف دمشق.

 اللجنة الإقليمية بمحافظة ريف دمشق.

 مجلس مدينة جرمانا.

عرضوا فيها تطورات المخطط التنظيمي واقتراحات المجلس والتعديلات التي اجتزأت مساحات من الأملاك العامة، وتمنوا النظر بعين الحرص والمسؤولية على الأملاك والمشيدات والمرافق العامة حين عرض المخطط التنظيمي والمقترحات على اللجنة الإقليمية بعد 8/9/2004 نظراً للأهمية الحاسمة.

وإننا نؤكد أن الحفاظ على الأملاك العامة في هذه المرحلة العصيبة هو حفاظ على كرامة الناس وحقوقهم التي لايجب التهاون بها أبداً، وهو بالتالي حماية وتمتين للوطن، وقد آن الأوان لإيقاف كل أشكال التجاوزات الخطيرة التي حدثت وتحدث تحت مسميات ومبررات مختلفة وعلى الجهات المسؤولة ذات الصلة أن تتدخل فوراً، وأن تقوم بما يلزم لوضع الأمور في نصابها الطبيعي، لأن أي تراخ اليوم، سيكون له نتائج وخيمة في الغد القريب….ألا هل بلغنا؟

■ عضو مجلس مدينة جرمانا

 

 موفق دلول

معلومات إضافية

العدد رقم:
230