عصام إسحق عصام إسحق

وزير الكهرباء.. والـ«2000 كيلو واط ساعي».. والحظ العاثر!

نشرت الزميلة «الاقتصادية» في عددها رقم/403/ الصادر يوم الأحد 19/7/2009 لقاءً مع وزير الكهرباء أحمد قصي كيالي، وأهم ما رشح عنه التالي:

- إن نظام الشرائح الجديد جعل المواطن يشعر بشيء من الارتياح سواءً للذي يتجاوز استهلاكه (2000) كيلو واط ساعي (بقليل)، أوللذي لم يتجاوزه، في الوقت الذي لم يشعر بهذا (الشيء) من الارتياح من يسرف في استخدام الكهرباء إلى ما فوق (2000) واط...
ولا ندري إن كانت كلمة (كيلو) قد سقطت سهواً طباعياً، أم أن (2000 واط) هي زلة لسان!!. لكن من الملاحظ أن السيد الوزير لم يحدد ما هو مقدار القليل بعد الـ2000 كيلو واط، والذي من المفترض أن يبقي الفاتورة ضمن حد الأمان في نظام الشرائح، كما لم نعلم من أية شريحة هم المواطنون الذين قام الوزير برصد ردة فعلهم تجاه هذا النظام، فعلى حد قوله: إن معظم الناس (وما لهذا المصطلح من شمولية) تقبلوا النظام الجديد بجو إيجابي... وهذا الكلام يحتم رصده لردة فعل معظم الـ 18 مليون سوري، و هذا ما لا نعلمه أيضاً مع أنه ترك جزم المسألة للوقت..

2- بالنسبة لارتفاع قيمة الرسوم في الفاتورة، فقد صرح كيالي أن الرسوم ليست بجديدة، وهي تعود لوزارات ومؤسسات خدمية، وجزء منها يستخدم لبناء المدارس (!)، أما وزارة الكهرباء، فمهمتها تقتصر على الجباية ثم تحويل الأموال إلى وزارة المالية لتصبح من مسؤوليتها، وكضربة استباقية قال الوزير: البعض يظن سوءاً في آلية التصرف بهذه الأموال... كما أن الرسوم المفروضة تشكل 25% على الفاتورة، مما يؤدي إلى زيادتها مع زيادة الطلب وبالتالي ارتفاع قيمة الفاتورة..
علماً بأن الصحفي الذي أجرى الحوار استهل الحوار بذكر حقيقة أن نسبة الرسوم تبلغ نصف قيمة الفاتورة على خلاف النسبة التي ذكرها وزير الكهرباء، فمن أين جاءت الـ25% الباقية؟؟. ثم إن الفاتورة اسمها (فاتورة الكهرباء) وليس (فاتورة الجمعيات الخيرية) بقصد جمع التبرعات لبناء مدارس،  وهي ليست (فاتورة مالية) بهدف جمع ضرائب تعود للوزارة المعنية، والتي لا نعرف- فعلاً- كيف تتصرف بهذه الأموال؟ و هذا ما يدفع الجميع لا البعض إلى سوء الظن..

3- بالنسبة لاعتماد تسعيرة خاصة بالصناعيين- وهو مطلب حق طبعاً- أشار الوزير إلى أن الوزارة ستضمن تخفيض التكلفة، ولكن في حال قام أصحاب المنشآت الصناعية باستجرار الطاقة في فترات بعيدة عن الذروة، كما أنها ستطالبهم بالعمل في الأوقات آنفة الذكر، لأن الشرائح الأخرى سيكون طلبها قليلاً مع وجود وفر في الطاقة...
وعلى الرغم من أن الإخوة الصناعيين قد طلبوا التخفيض في أوقات الذروة، إلا أن معاليه اعتبر مبادرة الوزارة هذه بمثابة الحل الأمثل للجميع بما فيهم الحكومة التي تؤمن الكهرباء بشكل مدعوم!!. وهنا يبرز أكثر من سؤال: ما الفائدة التي سيجنيها الصناعيون الذين يتركز جل عملهم في ساعات الذروة؟ وإن كانت الوزارة ستعمم الطلب السابق فمن سيستجيب له ليطبقه على حساب جودة الإنتاج، مع مراعاة أوقات العمال، وتحت وطأة سوق العمل ولقمة العيش؟!.

4- فيما يتعلق بالتقنين بشرنا السيد الوزير بأنه قائم طالما لا توجد قدرة على تلبية الطلب الذي يزداد في هذه الفترة مع ارتفاع درجات الحرارة، وقال بأنه (يعتقد) أن التقنين سيستمر حسب الظروف المناخية، وازدياد الطلب وقدرة تأمينه...
هل يمكن لمعاليه أن يعلمنا ماذا كان ليحل بالطاقة الكهربائية في سورية في حال كانت بلداً استوائياً؟؟. وماذا سيحل بها لو كانت بلداً غير سياحي؟ حيث لم تسلم المناطق السياحية من الدرجة الأولى من (نعمة) التقنين التي انقلبت (نقمة) عليها، وخاصةً مصايف (مشتى الحلو والكفرون وعيون الوادي ووادي النضارة وما حولها)، التي لا يعلى عليها في جذب ناشدي السكون والجمال، فلا تسمع الآن سوى أصوات المحولات والمولدات التي تعكر صفاء الهواء وتعلو فوق أصوات الطبيعة البكر، مما يهدد الثـروة السياحية بمجملها.علماً بأن الشعب والفرق الحزبية لحزب البعث اقترحت في اجتماعها الاقتصادي إعفاء المناطق السياحية من التقنين خلال فصل الصيف، ولكن لا حياة لمن تنادي.
ثم لم يخبرنا السيد الوزير فيما إذا كان (يعتقد) أو يؤمن بأحقية الشعب السوري بطاقته الكهربائية أكثر من أي شعب آخر، وهي ليست حسنة أو زكاة يمن بها على أفراده، فهل سئل الشعب السوري إن كان يريد التنعم بثروته بمشاركة أحد أم بمفرده؟ طبعاً لا. لأن الإجابة معروفة..

5- و أخيراً فقد نصحنا معاليه بعدم جدوى أي تطور يسعى إليه المواطن السوري، فلا فائدة من التوجه في فصل الشتاء القادم إلى التدفئة الكهربائية بدلاً من المازوت المرتفع السعر، و ذلك لأن هذه العملية بحاجة إلى كميات كبيرة من الطاقة ولا جدوى اقتصادية منها، لأنه من المؤكد سيتجاوز استهلاكها 2000 كيلو واط ساعي، مما يجعل التدفئة المازوتية أقل كلفة... والنصيحة كانت بجمل.
وفي النهاية، وبعد تصريحات وزير الكهرباء السوري هذه يمكننا استنباط هذه الرؤية:
انطلاقاً من أن جميعنا يعرف مدى ارتباط الرقم (13) بالحظ العاثر والفأل المشؤوم وسوء الطالع، فسنجد أنفسنا نرجو بألا ينضم إليه الرقم (2000) ليصبح مصدر حظ عاثر في حياة المواطن السوري المتعثـرة أصلاً...

معلومات إضافية

العدد رقم:
414