الفصيح يا حاج !

لنعترف أن الحاج متولي، لايقل أهمية عن بن لادن، ويزيد بكثير عن خورخ لويس بورخيس، والإعتراف إياه ليس اقلالا من شأن الحاج متولي، ولا استهتارا ببورخيس، فالوقائع هي الوقائع، والحياة هي الحياة، ومادامت الوقائع هكذا والحياة هكذا فعلينا أن نعترف بحق الرجل بما يسمح لنا بالقول أنه (وفي هذه اللحظة التاريخية) هو (الضرورة التاريخية) وماعداه من نافل القول التي تعلمنا معناها من جائزة: (من يربح المليون) فأضفنا الى حقل معلوماتنا أن كلمة نافل تعني زائد، وأن مجموع النتاج الثقافي العربي من المعلًقات السبع الى جدارية محمود درويش بات يمكن الاستغناء عنها، على الاقل لأن المزاج الشعبي قد قال بالفم الملآن ذلك ، ما يدعو الى الأسف على الجهود الضائعة سدى في ندوة الثلاثاء الاقتصادية، كما على الجهود الضائعة في مركز رعاية الخيول العربية، كما على الحوارات المغلقة التي يخوضها مهمومون بإدارة البلاد والعباد والتي هي على صلة بتشكيل الوزارة الجديدة، ليس في سورية فحسب، وانما في جميع البلدان العارفة بالعربية، بما في ذلك «كابول» التي تتساقط تحت اللغة الانكليزية والعلم الامريكي والمطاردات السخية لأصدقاء الأمس الذين باتوا خصوم اليوم.

 نقول: » نحن في عصر الحاج متولي » ومن حقنا أن نتباهى ، ذلك أننا قد اكتشفنا أخيرا أن لنا عصراً ، فقد تجاوزتنا الآلة البخارية ، وتجاوزتنا المغامرة الفلسفية ، وقفز من فوق أكتافنا بيل غيتس ، وأدرنا ظهرنا للاستنساخ البيولوجي لنستنسخ على الشاكلة التي شاءها لنا الحاج متولي بما أثار حوارات بلاأدنى شك أكثر جدية واتساعا وسعة من حربي الخليج الاولى والثانية ، فكيف حال الشيشان والبلقان وآسيا الوسطى ومعابر النفط التي لاذكر لها، باعتبارها لم تندرج في هموم نساء الحاج متولي ، وهو من بات حلم نسائنا بمن فيهن الضالعات بالأحادية الجنسية، والمناصرات لحقوق المرأة ، والكادحات على رجل واحد ان بدًل، بهدل، وان طلب المزيد ضاع من الوريد الى الوريد، ورجالنا باتوا رجلا مأمولا اسمه الحاج متولي، حتى ولو كانت عربة بيع العرانيس التي يشحطها لاتتسع لربع امرأة لاتأكل ولاتشرب و (بس بتتطلع بعيونها)
والحاج طيب الله ثراه حيا ميتا، هو السؤال عما آلت اليه هموم الناس، كما هموم الثقافة، كما هموم المؤسسات التي تنتج ثقافة، كما هموم الملخومين بأن الباطل لايأتيهم لامن خلفهم، ولامن أمامهم، ولا من بين ظهرانيهم، فالجميع مهزوم أمام الحاج الدون جوان، ولا أحد بوسعه أن يعترف بعد أن قدمت الحياة اعترافاتها، وبات المهزوم في جهة والمنتصر في جهة، مايدعو الى اعادة السؤال بالفضيلة والضرورة، وبالضرورة التي باتت فضيلة الفضيلة:

* الفضيلة في أن تتسلى
* الفضيلة في أن تتوازن عبر اطلاق الرغبة اللامتوازنة.
* الفضيلة في أن تكون على غير ما أنت، فكيف اذا كنت متولي زمانه ؟ .
* الفضيلة في أن لا تفكر.
* الفضيلة في أن تهرب من أي شيء يقول لك: هذه هي الحياة الفانية، وهذه هي حقائقها الحقيقية المربوطة بالخبز والحرية.
* الفضيلة في أن تكون كما يشاء الآخر، لا كما تشاء أنت.
* الفضيلة في أن لا تعرف الآخر الذي يشاء لك وبالنيابة عنك.
* والفضيلة في أن تنسى كل شيء بما في ذلك اسمك وتتذكر أنك الحاج متولي بين الحريم الطائعات، المهضومات، الضالعات في الرغبة.

من حق الناس كل ذلك، وتعالوا نتصور لو أن الحاج متولي عرض بنسخة انكليزية على شاشة أوروبية مثلا ؟ كيف كان بوسع المنشغلين بحرب النجوم أن يتابعوه، وكيف كان بوسع عاملات (فيات) أو (سامسونج) أن يروه ؟
ستتعالى شهقات عاملات سامسونج على الحاج متولي.
ستتدحرج أرضا نساء «بيجو» على حلم مأمول يضاف الى انجازات (بيجو) هو الحاج متولي.
ستتعطل العملة الاوروبية لحساب الحاج متولي.
وقد .. قد تتوقف الحرب الامريكية الأفغانية التي ستطال فيما تطال جدود الفراعنة الاوائل الذين عرفوا تحوتمس الطاغية ولكنهم لم يتعرفوا على الحاج متولي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
165