مطبات: جمعية ثقافة الحوار

ما الذي فعلته جمعية حماية المستهلك للمستهلكين السوريين غير إصدار بيانات التعاطف والتنديد بالأسعار والغلاء، وبعض الدعوات التي لم تجد كمقاطعة اللحم الأحمر رداً على غلائه.
 ويرى البعض أن هذه الجمعية مجرد مجموعة من كبار التجار والمتخمين مع بعض المتطوعين بلا أجر، وأما كبار التجار فيطلقون عبارات فضفاضة عن توحش السوق وهم جزء منه، والتابعون المتطوعون أدوات مضللة لا رأي لها، ولا تستطيع أكثر من الدوران وجمع البيانات.

وقس على ذلك سيل الجمعيات التي لا تفعل شيئاً سوى تعداد رعاياها، وعلى الأرض تزداد المناظر والظواهر السلبية في مجتمع يئن تحت وطأة الفقر، وانتشار الجريمة بأشكالها، ويعاني من أزمات اقتصادية تأخذ هذه الظواهر إلى السطح لتشكل في بعضها حالة مستعصية على الحل، والسؤال السابق ينطبق على الجمعيات الخيرية التي تحتاج إلى من يسعفها في ظل التراكم المخيف للأسر المحتاجة والتي لا راع لها ولا معيل.
رعاية الفقراء والمساكين، رعاية أيتام وكفالة ولقطاء، رعاية المسنين، الجمعيات الخيرية، جمعيات الإعاقة، الجمعيات البيئية والجمعيات الزراعية، الجمعيات التنموية، الجمعيات الصحية، الجمعيات الثقافية، الجمعيات العلمية، جمعيات رعاية المسجونين والأحداث، الجمعيات التي تخدم أعضاءها،الجمعيات التعاونية... كل هذه التسميات مسجلة باسم وزارة العمل، وعلى موقعها على الانترنت، ولكنها غير حاضرة في حياة السوريين، وغير فاعلة في عيشهم وصحتهم،  وأغلبهم لا يعرف عنها شيئاً، ولا دورها المفترض في حياتهم.
في لقاء سابق مع رئيس إحدى أهم هذه الجمعيات كانت شكواه الكبيرة من وزارة العمل أنها لا تقدم لجمعيته الدعم المالي، وأن مساعداتها السنوية لا تزيد عن 25 ألف ليرة سورية، وأن الأعضاء متطوعون يدفعون من جيوبهم وأموالهم، ولا تملك الجمعية سوى حق الاقتراح ولفت انتباه الوزارة، ومراقبة الأسواق..فما الذي تحميه.
ومع أن هذه الجمعيات ممتنعة عن الحضور كما يليق بحياتنا المتعبة يدخل في موسوعتها جمعيات جديدة، ولكنها تأتي من باب رفاهيتنا المفقودة، وتريد أن تفعّل روحنا المنهارة بسطوة العوز بالقراءة والثقافة، ووزارة العمل تعلن إشهارها  لجمعية جديدة باسم جمعية الوطن السورية، والتي تهدف إلى تعميم ثقافة الحوار، والنقد البناء، وقبول الآخر من خلال إقامة المحاضرات والندوات الحوارية في المراكز الثقافية والجامعات، والمراكز التي تسمح بها الحكومة السورية.
الجمعية الجديدة تذهب إلى أبعد من تعليمنا الحوار إذ إنها ستعمل على تنبيه الرأي العام لمظاهر الفساد الفكري والإداري، و الإشارة إلى أسبابه ونتائجه، واقتراح الحلول المناسبة.
الجمعية الوافدة وحسب ما ذكره مصدر في وزارة العمل ستعمل على تسليط الضوء على فئة الشباب المبدع المفكر، وتفعيل دوره في بناء المجتمع السوري من خلال تكليفه نشاطات ثقافية وفكرية وعلمية وعرضها على الرأي العام عبر وسائل الإعلام... وهنا هل يمكن أن تضاف إلى أهدافها مهمة أكثر قدسية هي مساعدة الشباب السوري على التخلص من بطالته؟
جديد وزارة العمل التي يتراكم في الطريق إلى بنائها الجديد المتسولون، وباعة البسطات، تضيف أيضاً جمعية أخرى باسم الجمعية السورية للثقافة والمعرفة،  وتعمل هذه الجمعية على زيادة النفاذ للمعلومات، وتهيئة البيئة لتشجيع أبناء المجتمع على القراءة،  إضافة إلى تشجيع ثقافة البحث العلمي والاستثمار بالأفكار الإبداعية عن طريق القراءة والإنتاج العلمي والحوار التفاعلي.
نعم نحتاج إلى هكذا جمعيات، وكان من الممكن أن تكون قفزات نوعية في مجتمع أهلي متوازن ومصان، ولكنها تشهر في ساعات حرجة اقتصادياً واجتماعياً يعيشها المواطن والوطن، وهل ستقوم بكل تعهداتها، وأهدافها المعلنة بمعونة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والرزق على الله.