يتحدثون عن الإصلاح ويسيئون للوطن!!
قبل أن نقول ونطالب بأهمية تطوير الإدارة وأساليبها وأدواتها، و قبل أن نتحدث عن الإصلاح الإداري المسألة المستمرة والتي نقصد بها مجموع العمليات الإدارية الواعية التي تساعد على رفع مستوى العاملين وتطوير القوانين والأنظمة وأساليب العمل وأدواته، وقبل أن نتحدث عن كفاءة الإدارة وممارستها لدورها في تنظيم واستخدام وضبط وتوجيه الإمكانات بدءاً من أصغر خلية أو وحدة اقتصادية أو خدمية وحتى قمة البناء الإداري والاقتصادي للدولة..
قبل أن نتحدث عن معالجة أوضاع القطاع العام وتوفير مستلزماته ورفع الكفاءة الفنية والإدارية للعاملين فيه..
قبل كل ذلك نقول: ارفعوا أيديكم عن القطاع العام! نعم، أقول ذلك لأن تعيين المدراء في القطاع العام الصناعي أو غيره يتم بمعايير الانتماء السياسي والعلاقات الخاصة ولا يتم بمعايير الكفاءة والنظافة.
والوزير الذي لا يستطيع تعيين مدير عام لشركة ما، لا يستطيع محاسبة هذا المدير على فساد أو خلل أو تقصير، وسوف يصاب هذا الوزير باليأس والإحباط واللامبالاة واللاعمل.
ونسأل: كيف يتم الانتقاء؟ ونعرف الجواب!! وتحت يافطة الانتماء للحزب والغيرة عليه وتعزيز دوره، أساء الكثيرون للحزب والوطن وأقاموا شرخاً بين المواطنين.
وتحت يافطة العلاقات الشخصية والقرابية والمالية رشحت الفرقة أو الشعبة أو الفرع هذا المدير وذاك ومارس تخريباً وفساداً سنوات طويلة دون مساءلة ومحاسبة!!
وهنا نسأل ونتساءل عن دور ومهام الوزير!! ونفترح إنشاء قسم في كل فرع وشعبة وفرقة لتعيين المدراء بدلاً من الهدر في وزارات تضم جيشاً من العاملين.
ونسأل أيضاً: أليس الوزير من الحزب أو من أحزاب الجبهة؟ ونسأل... ونسأل.
نعم، نسأل لأننا أمام وقائع في أكثر من جهة إنتاجية وخدمية، وعلينا أن نصمت أمام هذه الوقائع كما صمتنا وخرسنا سنوات طويلة أمام من استورد النفايات ليدفنها في أرضنا وأمام من مارس كل الموبقات بحق الوطن الواقعة الأولى تقول: الشركة العامة لنسيج اللاذقية ومنذ إنشائها عام 1976 وهي تعاني من صعوبات على كافة الأصعدة، من خسارات ومن هدر ومن مخازين ومن فساد إداري دون مساءلة ودون متابعة من أية جهة كانت، بل وتم التجديد والتمديد لإدارتها سنوات، بعد ذلك كلف مدير آخر بالعمل واستطاع هذا المدير الإقلاع بواقع الشركة على كافة الأصعدة وبلغت نسبة التنفيذ 112% عما هو مخطط مع الحفاظ على الجودة المطلوبة، كذلك على صعيد التسويق استطاعت الشركة التخلص من المخازين مع استكمال مشروع التجديد والاستبدال. استطاعت الإدارة تشغيل 350 عاملاً كانوا يقبضون رواتبهم وهم في بيوتهم، كان هناك هدر وفساد ومحسوبية، أقلعت شركة نسيج اللاذقية، ولكن بقي هذا المدير ستة أشهر فقط. ومع بداية الشهر الحالي يصدر قراراً بتعيين رئيس قسم الكهرباء في الشركة مديراً عاماً، والطريف في الأمر كما جاء في جريدة العمال: «الذي يدعو للاستغراب والتساؤل أن الجهة التي أصدرت القرار لم تأخذ رأي الجهة المعنية بهذه الصناعة ولا حتى وزارة الصناعة والتي تقدمت باقتراح ترشيح وتثبيت المدير القائم على رأس عمله والذي أعطى مؤشرات واضحة غير قابلة للشك من حيث زيادة الإنتاج والتسويق وخفض المخازين وإطلاق الشركة إلى المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية والأرقام تشهد على ذلك وأمام هذا التناقض الصارخ لا يسعنا إلا أن نقول على الدنيا السلام، وألف مبارك لقطاعنا العام هذا الاهتمام والحرص.»
هذا الخبر الصغير والكبير في مدلولاته وأبعاده أقام جهات عديدة مستنكرة أن تدافع الجريدة عن الشرفاء وأن تشير إلى الخلل، طبعاً نستطيع أن نتساءل كثيراً، كيف يتم تقييم هذا المدير أو ذاك؟ لماذا رفض من أقلع بالشركة؟ لماذا لم يؤخذ برأي السيد الوزير؟ كيف نضع مدير لشركة غزل ونسيج اختصاصه كهرباء؟
لماذا لم تنتظم الجهات الوصائية لمحاسبة المدير السابق والذي أمضى 23 سنة في الشركة؟ وأسئلة أخرى نقف أمامها بصمت!!
نموذج آخر:
تم تكليف مديرة لمركز ثقافي في هذا الوطن بعد استقالة المدير السابق، وكانت المكلفة نائبة له واستطاعت خلال أشهر نقل المركز الثقافي من حالة جمود وترهل إلى مركز للثقافة بالفعل من خلال نشاطات مميزة وهامة بدعم من مدير الثقافة ومن وزير الثقافة، ولكن تحركت الفرقة والشعبة والفرع وبدأت حملة من الأقاويل والترشيحات من هؤلاء وأصيبت المكلفة بالإحباط، كما أصاب الإحباط مدير الثقافة، وأصاب الوزير حيث قال مؤخراً وفي مجلس الشعب «وزارة الثقافة ليست مخولة ولا تملك صلاحية تعيين أو ندب مدراء للمراكز الثقافية ومدراء للثقافة. وإن بعض المدراء لا تعنيهم ولا يعنون بالثقافة لا من قريب ولا من بعيد. وتمنياتي أن تعود لنا صلاحية تعيين مدراء المراكز الثقافية».
هذه نماذج للإصلاح الإداري.
والذين يمارسون هذا الإصلاح هم يخالفون أدبيات حزب البعث، ويخالفون مفهوم السيد الرئيس بشار الأسد، بل ويسيئون إلى الوطن والحزب كما قال السيد الرئيس.